“الشكري”: تعديل سعر الصرف لابد أن يكون مصحوبا بحزمة من الخطوات

1٬282

كتب: الخبير الاقتصادي والمصرفي “محمد الشكري” المنتخب عام 2017  من مجلس النواب كمحافظ للمصرف المركزي

وماذا بعد ،،،

في بلد يعتمد على حصيلة صادرات النفط كمورد وحيد للعملة الصعبة وهي تتوقف أساساً على سعره في الأسواق الدولية وكمية التصدير المسموح بها من منظمة الأوبك والمرتبطتان بظروف النمو في الاقتصاد العالمي، يعتبر سعر صرف العملة المحلية عصب الاستقرار النقدي والاقتصادي بشكل عام، فسعر الصرف يعتبر بمثابة سعر الأسعار، لارتباط كل أسعار السلع والخدمات بهذا السعر.

وبقدر ترحيبنا بخطوة مصرف ليبيا المركزي – والتي تأخرت كثيرا – وعلى رأي بعض الكتاب أن تصل أخيراً خيراً من أن لا تصل، فإننا نؤكد على أن اختيار هذا السعر والحفاظ عليه وتعديله من فترة زمنية لأخرى حتى الوصول إلى السعر التوازني الذي يحقق الاستقرار ويزيل ظروف عدم التأكد، التي أعاقت الفاعلين الاقتصاديين ( مستثمرين وصناعيين وتجار ،،، إلخ ) من تحقيق النمو الاقتصادي المنشود، لابد أن تكون هذه الخطوة مصاحبة لحزمة من الخطوات أهمها:

– إرسال رسائل إعلامية / إيجابية / مطمئنة لكل أصحاب المصلحة تعلمهم ببرنامج التعديل والظروف التي استدعت اتخاد هذا القرار وتواريخ التعديلات القادمة والظروف اللازم توفرها لنجاحها.

– تكوين لجنة فنية محايدة ومسؤولة لحل مشكلة المقاصة وخاصة أرصدة المصارف المتراكمة لدى مصرف ليبيا المركزي / بنغازي وتمكين هذه المصارف من استعمالها في كافة المناحي التي يكفلها القانون.

– الالتزام التام من الطرفين بعدم طباعة أي عملة جديدة وجرد ما هو متاح في خزائنهما والتحفظ عليها وأن تكون مراقبة هذا الالتزام أو إلغاؤه أو أي طبع جديد إلا بموافقة مجلس الإدارة مجتمعاً ووفقاً لدراسة دقيقة للمعروض النقدي. إن لم نفعل سنقع في نفس المشكلة من جديد، دينارات كثيرة تطارد دولارات قليلة.

– تعليمات صارمة للمصارف بالالتزام بتعليمات الحوكمة وإجراءات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

– توجيه المصارف بتخصيص نسبة من ودائعها شبه الثابتة للإقراض الإنتاجي، وخاصة أن هذه المصارف لا تتحمل أي تكلفة عن هذه الودائع وربما هذه حالة غير مسبوقة في تاريخ المصارف.

– لسحب جزء من المعروض النقدي يطلب من المصارف تصميم أوعية ادخارية تحقق عائد مجزي للمدخرين وتساهم حصيلتها في تمويل مشروعات وطنية خدمية وإنتاجية – الصكوك الإسلامية كمثال.

– على وزارةً المالية الالتزام بأبواب الميزانية وبنودها وترشيد الإنفاق، حيث أن أغلب بنود الإنفاق وخاصة على الباب الأول والثاني تتحول إلى طلب استهلاكي والذي يتحول بدوره إلى طلب على العملات الأجنبية.

– على وزارة المالية من جانبها وترشيدا للإنفاق أن تستحث الجهات التشريعية بسرعة استصدار قانون مرتبات عادل يلغي الفوارق الصارخة ويحقق أسس العدالة بين العاملين في هياكل الدولة.

– التعاون مع وزارة الاقتصاد في تشجيع المستثمرين والصناعيين لإقامة مشروعاتهم وخاصة بطريقة “الفرانشايز” وخاصة في الصناعات التي تلبي جانباً من الاحتياجات وبالتالي يمكن تخفيض فاتورة الاستيراد وربما على خطة متوسطة الأمد.

يا سادة / الجراح الماهر بعد أن يشخص حالة مريضه ويقرر إجراء العملية يتأكد من توفر الظروف الملائمة لنجاحها .. أعرف أن المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة.

حفظ الله البلاد والعباد