المسلاتي يكتب لصدى مقالاً بعنوان “الموارد المصرفية”

224

كتب رجب المسلاتي لصحيفة صدى الاقتصادية مقالا بعنوان “الموارد المصرفية”

قلنا إن مهمة الجهاز المصرفي الأساسية هي جمع الأموال، كبيرها وصغيرها، من مختلف مصادرها وحشدها بكميات كبيرة ومن بعد حقنها في شرايين الاقتصاد على هيئة قروض وتسهيلات مصرفية منوّعة، ويرتبط نجاح عملية حشد الموارد بحسن استخدامها، حيث أن سوء استعمالها وعدم كفاءة إدارتها يؤدّي إلى تزعزع ثقة مصادرها بالجهاز المصرفي بكامله أو بعدد محدود من أعضائه.

وفي حين أن طالبي الحصول على التسهيلات المصرفية هم من يطرقون أبواب المصارف للحصول عليها والتفاوض معها بشأن شروطها، فإنه على المصارف أن تقنع أصحاب المدخرات، كبيرها وصغيرها، بإيداعها لديها، وموارد المصارف هي مجموع الأموال المتاحة لها والمتوفرة لديها والتي يمكنها تحويلها إلى أصول تحقق لها ربحاً.

وتحصل المصارف على مواردها من مصدرين أساسين:

(أوّلا) مما يوفره لها حملة أسهمها على هيئة رؤوس أموال مدفوعة، ومما تقتطعه سنوياً من أرباحها وتحتفظ به جانباً كاحتياطي لتعزيز رؤوس أموالها، ومما تحتفظ به من أرباح غير موزّعة، ومما يقدمه لها حملة أسهمها على هيئة قروض مساندة، وتسمي هذه المجموعة من الموارد بالموارد الذاتية أو الرأسمالية.

(ثانياً) مما تحتفظ به من ودائع لعملائها وما تقترضه من المصرف المركزي ومن السوق النقدي والسوق المالي؛ وتسمّى هذه المجموعة من الموارد بالموارد المقترضة وتشمل الموارد المقترضة ما يلي:

(1) مما تستلمه من ودائع من المتعاملين معها وتختلف الودائع المصرفية من حيث الشروط والشكل فهناك الودائع الجارية أو الودائع تحت الطلب، وتمثل الجزء الأكبر من مجموع الودائع لدي المصارف ومن صفاتها أنه من حق أصحابها أن يسحبوها أو يسحبوا منها في أي وقت شاءوا ، والودائع الثابتة وهي ودائع لا يحق لأصحابها سحبها قبل الأجل المتفق عليه أو بإشعار مسبق يسلم للمصرف قبل سحبها بزمن متفق عليه، وودائع التوفير، وتمثل مدخرات الأفراد التي يقتطعونها من دخولهم تحسّباً لما قد يتعرضون له من طوارئ، وتعرف هذه المجموعة من الموارد بالموارد الإيداعية أو الالتزامات الإيداعية.

(2) من القروض التي قد تحصل عليها من المصرف المركزي، فقد تنشأ ظروف ما لدى مصرف أو أكثر يحتاج خلالها إلى الاستدانة من المصرف المركزي بضمان بعض أصوله لمواجهة الاحتياجات الموسمية لبعض عملائه مثلاً، وقد يرى المصرف المركزي نفسه أن الحالة الاقتصادية في البلاد تحتاج إلى الإحماء والتنشيط وذلك بضخ المزيد من وسائل الدفع في التداول، فيقوم بتحريض المصارف التجارية وتشجيعها على أن تبيعه بعض من أصولها، مما يتيح لها إمكانية تسييل جزء من ديونها مقابل موارد عاجلة يضعها المصرف المركزي تحت تصرفها فورا، بدل الانتظار إلى حين حلول أجل سدادها.

وفي هذا الشأن أجازت المادة الثامنة من القانون رقم (1) لسنة 2005 بشأن المصارف، لمصرف ليبيا المركزى، في حالة نشوء اضطراب مالي أو أي اضطراب اقتصادى يؤثر في حالة ثبات الائتمان، أو يدعو إلى مواجهة احتياجات ضرورية في السوق المالي، أن يقدم للمصارف قروضاً استثنائية بضمان أي أصل من أصولها، يعيّنه مجلس إدارة المصرف، وبالشروط التي يقررها.

(3) مما تطرحه في السوق من شهادات الإيداع والاستثمار.

(4) مما تخلقه من ودائع “مشتقة” وهي نوع من الودائع تنشأ لدي المصارف دون أن يصاحبها إيداع أموال فعلية لديها، وإنما تشتق مما تمنحه من قروض وسلف، فقد وجدت المصارف أنها إذا منحت عميلاً من عملائها قرضاً بمبلغ مائة ألف دينار مثلاً واحتفظ هذا العميل بالمبلغ في حساب لدي نفس المصرف أو دفعه لطرف ثالث أودعه في حساب لدى نفس المصرف، فإن أصول هذا المصرف على هيئة قروض وسلفيات تزداد بمبلغ مائة ألف دينار تقابلها زيادة في ودائعه بنفس المبلغ، وزيادة الودائع تمكّنه من منح المزيد من القروض، وهكذا.

(5) مما تقترضه من السوق النقدي والسوق المالي.

وموارد المصارف جميعها تعتبر ديناً عليها تدرج في ميزانياتها في جانب الخصوم، وبعضها يحملها تكاليف مختلفة فهي، أي المصارف، كما تستلم فوائد على القروض التي تمنحها، تدفع فوائد مقابل الودائع الثابتة وودائع التوفير التي تستلمها من عملائها، ومقابل ما تقترضه من السوق النقدي، وقروض الدعم التي تحصل عليها من المساهمين فيها، ويحقق المصرف أرباحاً من الفرق بين الفوائد المدفوعة والفوائد المستلمة، أي الفرق بين الفوائد التي يدفعها للمودعين لديه والفوائد التي يستلمها من المقترضين منه، ويعتمد مقدار هذه الأرباح أولاً على الهامش بين سعر الفائدة الذي يدفعه على ودائعه، وسعر الفائدة الذي يستلمه مقابل قروضه، وثانياً على مدى قدرته على استخدام كل دينار من الودائع التي تحت تصرفه استخداماً مضموناً ومربحاً.