“بريون” يكتب لصدى مقالاً بعنوان “كيف يمكن وضع المرتب التوازني للمعيشة ( 2 )”

399

كتب المستشار الاقتصادي الأسبق لمصرف ليبيا المركزي “نوري بريون” لصحيفة صدى الاقتصادية مقالاً بعنوان كيف يمكن وضع المرتب التوازني للمعيشة ( 2 )؟

ومن حسن الطالع قرأت مشروع ديوان المحاسبة ، وهو جيد في هيكله، لكن ما وُضع مقابل الأداء يصعب متابعته ولا يتماشى مع سلوك الليبيين وممارساتهم السابقة ومجاملاتهم لبعضهم بعضا وخاصة ما يتعلق بالقبيلة ( بنعميس )، وإذا كانت قواعد الحوكمة في ليبيا لم تطبق على أصولها، وأنه لا يوجد وصف لحجم الوظيفة واحتمال عدد عملياتها، فكيف يتم تقويم آدائها، لذلك وجب الاستفادة من الجدولين وخاصة جدول ديوان المراجعة، لأنه يعاصر معظم المرتبات القائمة حالياً.

 بالنظر إلى جدول المرتبات طبقاً للقانون رقم  15 لسنة 1981 يظهر أكثر ملاءمة للوضع الليبي من حيث الهيكلية، لكنه أصبح غير ملائم بسبب التخفيضات السابقة حتى أصبح الدينار =0.5175 و( ح س خ ) أي يساوي نحو 18.5% من قيمة وحدة الدينارالسابقة، أي فقد الدينار من قيمته الأصلية نحو 81.5%، علما أنه أصبح يُباع الدولار بمتوسط 296.79 درهم ليبي منذ عام 1973 وحتى نهاية شهر أبريل عام 1986 حيث خُفض الدينار الليبي لأول مرة بنسبة 7.5%، بعد أن خُفض الدولار من قبله مرتين الأولى بنسبة 8.5% في نوفمبر 1971 ، والثانية بنسبة 10% في فبراير 1973.

بالإضافة إلى ضعف الدولار نفسه بسبب التضخم العالمي، مما أصبح  متوسط سعر صرف الدولار نحو 1.4 دينار كمتوسط سنوي خلال الفترة ( 2015-2018) بعد أن كان متوسطه نحو 0.297 درهم ليبي خلال السنوات الخمس من تفعيل جدول المرتبات للقانون رقم 15 لسنة 1981 كما سبق ذكره، ولكن سعر الصرف أصبح يزداد بسبب انخفاض قيمة العملة من جهة، وزيادة التضخم من جهة ثانية، فتنخفض القوة الشرائية للدينار من جهة ثالثة، فينكمش المرتب ويظهر أثره ألماً وجوعاً على ذوي المرتبات المتدنية جداً، حتى يتوسع التشوه الاقتصادي في البلاد وتتفاقم الأمور فيصل التوجع إلى الطبقة الوسطى، عندئذ يسمع المسئولون، وإن تقرر علاج ما، فيكون في صالح الطبقة الوسطى فأعلى، بينما العدالة تتطلب أن توزع الزيادة بين أصحاب المرتبات المختفلة وفق نقصان الحاجة الضرورية الملحة التي كان يشبعها، وليس وفق نقصان الحاجة بصورة عامة بسبب انكماش المرتب.

إذ لا مانع أن تُمنح الزيادة للمرتب بنسبة 100% من الزيادة للدرجة الأولى والثانية و90% منها للدرجتين الثالثة والرابعة ، و80%  منها للدرجتين الخامسة والسادسة وهكذا إلى أن تكون بنسبة 40% و30% و 20% و10% من الزيادة للدرجات 13 ، 14 ، 15 ، 16 على التوالي.

              جدول بريون للمرتب الأساسي الجديد  


الدرجة
المرتب الأساسي لسنة81 ل.دالمرتب الأساسي سنة81 دولارالمرتب آلأساسي الجديد19 ل.دالعلاوة السنوية ل.دآخر مربوط الدرجة ل.د
الأولى85286.204014449
الثانية95319.874484496
الثالثة105353.544955555
الرابعة120404.045665626
الخامسة130437.716136685
السادسة145488.226846756
السابعة170572.398017885
الثامنة195656.5791971003
التاسعة230774.41108481180
العاشرة270909.09127381369
الحادية عشر3101043.77146191569
الثانية عشر3401144.78160391711
الثالثة عشر3901313.131838101958
الرابعة عشر4401481.482074102194
الخامسة عشر5151737.01 2350 102552
السادسة عشر5901986.532781102901
متوسط الدرجة

1217.1
1305.6

سنحاول وضع المرتب الأساسي في جدول المرتبات لسنة 1981 بالدولار أي وفق متوسط  سعر صرف الدينار بالدولار الذي يساوي ( 1/0.297 =3.367 دولار) فيكون الراتب الأساسي بالدولار للدرجة الأولى يساوي ( 85 × 3.367 =286.20 دولار)، ومنه يكون المرتب آلأساسي الجديد للدرجة الأولى ( 286.20 × 1.4 =400.68 دينار ليبي.) كما يظهر في جدول “بريون” نحو 400 دينار، علما بأن المعدل ( 1.4 د ل) هو متوسط سنوي  لسعر صرف الدولار بالدينار خلال آلفترة ( 2015-2018) . لذلك نتمم حساب المرتب الأساسي الجديد بضرب المرتب الأساسي بالدولار لعام 1981، في هذا المعدل المذكور(1.4)، فنحصل على المرتب الأساسي الجديد لباقي الدرجات لسنة 2019.

وبالتالي فإن استخدام سعر الصرف بين الدينار والدولار قد مكننا من الحصول على المرتب الأساسي الجديد الذي يساوي المرتب الأساسي لعام 1981، على أساس الدولار وعلاقته بالدينار، لكنه لازال مشوباً بأي انخفاض حصل للدولار في الماضي حتى الوقت الحاضر، ومع ذلك يعتبر الدولار هو العملة المهيمنة في السوق الدولية لأنها تحظى بثقة واسعة من قبل جميع شعوب العالم. لذلك يكفي المرتب الأساسي الجديد المذكور بالجدول، حيث أصبحت القوة الشرائية للدينار تساوي القوة الشرائية للدولار في الوقت الحاضر( الأسبوع الثالث من 11/2019)، علماً بأن الدولار قد انخفضت قوته الشرائية بنسبة 27.3% على أساس عام 1970 ، ونحو 15.4% على أساس عام 1981.

  هنا تجدر الملاحظة بأنه يجب المحافظة على استقرار سعر الصرف وعدم استخدامه كأداة للسياسة النقدية لمعالجة أي تشوه في الاقتصاد الوطني، إلا في حالة بلد ينتج اقتصادها سلعا تصديرية وأصابها ركود ملموس، يمكن علاجه بتخفيض أسعار السلع التصديرية من خلال تخفيض قيمة العملة الذي يعتبر هو الآخر تشوه في الاقتصاد، لأنه يُحدث الخلل به، لكن كما قال أمير الشعراء شوقي:

     فبعض السم ترياق لبعض ***** وقد يشفى العُضال من العضال

لكن هذه السياسة تتطلب دولة قوية مثل ألمانيا بها دولة تضع قانونا قويا لغرض تقوية منفذيه، حتى لا يجرؤ أي قوي في البلاد على تشويه القانون، للأسف في البلاد النامية مثل ليبيا توضع القوانين مع المرونة في التطبيق، مما جعل السلطات العليا يسهل عليها التغيير، فينخفض الأداء في التنفيذ، ويتراكم القصور والاعوجاج، حتى يصل الاقتصاد إلى الركود المقلق.

  وأنا أنصح الليبيين ألا يأخذوا بهذه السياسة، لأنهم غير قادرين على أن يحافظوا عليها، لأن الشعب الليبي قد ابتلي  بالجهل، رغم أن نسبة المتعلمين منهم كبيرة، ولكنهم سلبيون وتنقصهم الجرأة، ولكن ما أنصح به هو المحافظة على ثبات سعر الصرف الرسمي  وعدم تغييره كعلاج بسبب التضخم، لأن السياسة المالية أولى به وأكثر فعالية بالنسبة لهذا المجال من السياسة النقدية.

هذا وقد خصص الجدول المذكور أعلاه لجميع الموظفين المعينين الدائمين بالدرحة لدي الدولة ويجب أن يكون نظام الترقية ثابتا لا مرونة فيه، ولكن وجب وجود المرونة في النقل للعمل في الوظيفة الأعلى مقابل علاوة الندب إليها، وذلك لتجنب العيوب التي حصلت في الستينيات والسبعينيات كما لا يدخل في هذا الجدول من حيث الدرجة والمرتب مجلس الوزراء وباقي المجالس المنتخبة من الشعب، وأية وظائف مؤقتة مُعينة من رئاسة الحمهورية أو رئاسة الحكومة.لكن المهم جداً في هيكلية حجم المرتبات وحجم المرتب الأعلى أن يكون بموافقة أغلبية 65% من إجمالي عدد مجلس النواب أو الشعب.        

الجزي الأول من المقال: