حبارات: اقتصادياً ماذا يعني لنا إحتياطي ليبيا النفطي بمقدار 48 مليار برميل؟

620

كتب: المهتم بشأن الاقتصادي نورالدين حبارات مقالاً

يعرف الإحتياطي النفطي أو Oil reserve بأنه كمية النفط المتاحة في جوف الأرض في منطقة جيولوجية ما شريطةً أن تكون هذه الكمية قابلة للإستخراج بتكلفة اقتصادية قليلة وبالمعدات والتقنيات الحديثة وإذا لم يكن هذا الإحتياطي قابل للإستخراج لأي سبب ما فإنه لا يمكن تسميته إحتياطي .

وحجم هدا الإحتياطي يؤتر بشكل مباشر على أسعار النفط وعلى حجم الطلب والعرض وعلى أسعار العقود الأجلة،
وفق لتقارير صادرة عن شركة بريتش بتروليوم العملاقة أو ما يعرف ب B P قدر الإحتياطي العالمي النفطي بمقدار 1.730 ترليون برميل عام 2018 م ووفق التقرير هذا الاحتياطي يكفي لسد حاجة الإستهلاك لمدة خمسون فقط .

حيث تصدرت فنزويلا الترتيب الأول كأكبر إحتياطي نفطي في العالم بمقدار 304 مليار برميل وتلتها العربية السعودية تانيةً بإحتياطي قدره 297 مليار برميل ثم كندا ثالثةً ب بإحتياطي قدره 169 مليار برميل يليها إيران خامسةً بإحتياطي قدره 155 مليار برميل ، في حين أحتلت العراق الترتيب الخامس بإحتياطي قدره 145 مليار برميل ثم روسيا سادساً بإحتياطي قدره 107 مليار برميل والكويت سابعة بإحتياطي قدره 101 مليار برميل ثم أتت دولة الأمارات العربية المتحدة ثامنةً بإحتياطي قدره 98 مليار برميل يليها الولايات المتحدة بإحتياطي قدره 69 مليار برميل وأخيراً أتت ليبيا في الترتيب العاشر بإحتياطي قدره 48 مليار برميل .

ويعتقد هذه الاحتياطيات مؤكدة و ليست محتملة رغم إن التقرير لم يشير إلى ذلك، محاسبياً واقتصادياً كمية هذه الإحتياطيات تتناقص مع إستمرار إستخراج و إنتاج النفط لأغراض الإستهلاك والتصدير وذلك في حال لم يتم إكتشاف إحتياطيات أخرى .

وللتوضيح أكثر ، بما إن إحتياطي ليبيا يقدر ب 48 مليار خلال العام 2018 م وإن إنتاجها النفطي اليومي يقدر ب 1.200 مليون برميل .

فهذا يعني إن ليبيًا تستخرج أو تنتج سنوياً قرابة 1.200 * 30 * 12 = 432 مليون برميل سنوياً .

أي بمعنى إحتياطي ليبيا النفطي يتناقص بمقدار 433 مليون برميل سنوياً، وفق لمعدلات الانتاج الحالية في حال لم يتم إستكشاف إحتياطيات أخرى وهذا ما يكفي لقرابة 100 سنة في حين سيكفي هذا الإحتياطي لنصف هذه المدة في حال ما تم رفع معدلات الإنتاج إلى 3 مليون برميل خلال السنوات القليلة القادمة وفق لخطط ومقترحات المؤسسة الوطنية للنفط بالخصوص .

ولكن و مع كل ذلك تبقى تلك الحسابات أو التقديرات إفتراضية بل غير واقعية لإن لا تأخذ في الإعتبار التغيرات والتطورات التي يتوقع أن تحدث خلال عقود قادمة من الزمن أبرزها التزايد المضطرد للنمو السكاني والزيادة المضطردة في الإنفاق الحكومي بالإضافة إلى التقلبات في أسعار النفط والمساعي الحثيثة من دول عدة لخلق مصادر بديلة للطاقة عبر إستخدام مصادر الطاقة النظيفة للحد من إنبعاثات غاز الكربون ومكافحة ظاهرة الإحتباس الحراري وذلك عبر الإلتزام بمقررات الأمم المتحدة في هدا الشأن .

لكن ما يجب الإشارة إليه هو إن جميع الدول الواردة بالتقرير المشار إليه أعلاه بإستثناء فنزويلا التي تعاني ظروف اقتصادية صعبة جراء الإضطرابات السياسية الداخلية والتي ترنح تحت وطأة العقوبات الأمريكية .

فإن جميع تلك الدول سيما الخليجية أحطاطت مبكراً لسيناريو نضوب الإحتياطي النفطي ونفاده وسارعت في تبني سياسات وإستراتيجيات وتدابير إقتصادية ومالية تهدف للتقليل من إعتمادها تدريحياً على النفط وبهدف تنويع مصادر دخلها من خلال تطويرها لقطاعاتها الاقتصادية وإستثمارها للفوائض المالية التي تراكمت لديها على مدار العقود الماضية وذلك في دعم وتنمية صناديق ثرواتها السيادية ، في حين لازالت ليبيا الدولة الوحيدة من ضمن تلك الدول التي لم تعير حكوماتها بعد أي أهمية لمسألة نضوب النفط وضرورة العمل على إيجاد وخلق مصادر بديلة له بل لربما تعتبر ذلك ليس من مهامها وأولوياتها .