حبارات: توضيح في غاية الأهمية حول مسؤولية المركزي والحكومات السابقة والمتعاقبة عن انخفاض قيمة الدينار

293

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

يجب أن يقرا المركزي والحكومات السابقة والمتعاقبة عن مسؤوليتهما المباشرة عن انخفاض قيمة الدينار الليبي وتراجعه أمام باقي العملات الأجنبية وذلك بسبب عدم إنخاذهم التدابير المالية والاقتصادية اللازمة والضرورية لحمايته منذ مطلع العام 2012 م وذلك على النحو التالي .

1- عدم قيامهما خلال العام 2012 م بإعادة النظر في سعر صرف الدينار وذلك بالتزامن مع قرار اللجنة الشعبية العامة سابقاً رقم 27 لسنة 2011. م بشأن زيادة قيمة المرتبات بنسبة ‎%‎100 .

فالقرار المذكور كان لإعتبارات سياسية لا اقتصادية ، فليبيا أنداك فرضت عليها عقوبات دولية بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1971 لسنة 2011 م حيث جمدت اصولها وارصدتها في الخارج بما فيها أرصدة المركزي كما تضمنت العقوبات حظر كاملاً على تصدير النفط .

وحيث إنه هناك علاقة عكسية بين سعر الصرف وفاتورة المرتبات أي إن زيادة فاتورة المرتبات تؤدي عملياً إلى إنخفاض في قيمة الدينار خاصةً في بلد غير منتج ويعتمد بشكل شبه كامل على الإستيراد في توفير كافة إحتياجاته سيما الأساسية ، فأنه كان حري بالمركزي وحكومة الراحل عبدالرحيم الكيب أنذاك تخفيض قيمة الدينار من 1.40 إلى 2،5 دينار للدولار وذلك بهدف الحد من الطلب والضغوطات على الدولار لكن هذا كله لم يحدث .

2- توسع حكومة الكيب خلال العام 2012 م في الإنفاق العام بشكل كبير وذلك إعتمادها لميزانية بقيمة 70 مليار دينار هي الأضخم في تاريخ ليبيا أنداك .

3- سارت حكومة زيدان على النهج نفسه خلال العام 2013 م وذلك بعد تقديمها لميزانية ضخمة بقيمة 66 مليار دينار ، و رغم إن إيرادات النفط تراجعت خلال النصف التاني من العام 2013 م بسبب الإقفال ووقف التصدير ، فإن هذه الحكومة لم تعيد النظر أبداً في مخصصات الميزانية بما يتماشى مع الظروف المالية التي تمر بها و ذلك عبر إلغاء بعض النفقات في بعض الابواب والبنود طبقاً للمادة (11) من قانون النظام المالي للدولة ما أدى إلى السحب من الأموال المجنبة لتغطية العجز في الميزانية .

3- أقرت حكومة زيدان خلال شهر أكتوبر من العام 2013 م علاوة للأبناء و الزوجة بقيمة 100 و 150 دينار وذلك بموجب قوانين صادرة عن المؤتمر الوطني العام وعجزت عن صرفها رغم علمها المسبق بعدم وجود موارد مالية كافية مستدامة لتغطيتها بسبب إقفال النفط من جهة وتوسعها في الإنفاق من جهة أخرى .

4- خلال مارس من العام 2014 م تقدمت حكومة زيدان أيضاً بميزانية بقيمة 56 مليار دينار رغم علمها المسبق بعدم وجود موارد مالية تغطي حتى ‎%‎50 من إتفاق بذلك الحجم وذلك بسبب تراجع الطاقة الإنتاجية للنفط إلى ما دون ‎%‎30 من طاقته المعتادة والتي كانت تقدر أنذاك ب 1250 برميل يومياً .

ما أدى في نهاية المطاف إلى مراكمة حكومة الغويل التي خلفتها للديون عبر الإقتراض من المركزي في شكل سلف مالية .

بالطبع خلال العام 2015 م و مع بدء شرارة الانقسام السياسي و المؤسسي و تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية فضلاً عن إستمرار إقفال معظم حقوله وموانئه أضطر المركزي لفرض قيود مشددة على صرف النقد الأجنبي ما أدى إزدياد الأوضاع سؤاً خلال العام 2016 حيث تفاقم العجز في الميزانية العامة حتى وصل إلى نسب قياسية وتنامي الدين العام المصرفي إلى ما يقارب من 153 مليار دينار وناهز العجز التراكمي في ميزان المدفوعات إلى قرابة 50 مليار دولار ما يعني خسارة الإحتياطي الأجنبي إلى قرابة ‎%‎50 من رصيده الذي سجله في نهاية 2011 م والمقدر ب 110 مليار دولار .

وبالتأكيد جميع هذه المؤشرات السيئة ألقت بضلالها على قيمة الدينار الذي هوى إلى حدود 10 دينار للدولار كاش و 14 دينار للدولار بصكوك في السوق الموازية يرافقه أزمة سيولة حادة هي الأسواء منذ عقود .

والمؤسف إنه ومع عودة انتاج وتصدير النفط منذ 2017 م وإلى يومنا هذا فشلت كل الحلول التلفيقية والنرقيعية لإصلاح سعر الدينار من خلال إجراءات أرباب الأسر ومن خلال فرض الرسم أو الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي عند 3.90 دينار للدولار إلى أن تم تخفيضه بشكل رسمي عند 4.48 منذ ديسمبر 2020 م .

واليوم أصبحت مسألة إصلاح الدينار معقدة في طل عدم رغبة كل من الحكومة و المركزي في ذلك خاصةً وإن السعر الحالي يخدم مصالحهما فالأول أي الحكومة يوفر لها مصادر تمويل كبيرة تتجاوز حاجز 100 مليار دينار سنوياً والتاني أي المركزي يخفف عليه الطلب على النقد الأجنبي ويخفف عليه الضغوطات على السيولة كما يجنبه سيناريو مفاقمة الدين العام مجدداً عبر إقراضه للحكومة .

أما المواطنين فهم الضحية والمتضررين وهم من يعانون لإنهم هم من يمولون الإنفاق الحكومي من خلال دخولهم ومدخراتهم بل بالأحرى هم من يدفعون ثمن السياسات الخاطئة للحكومات والمركزي.