حبارات يكتب: المصرف المركزي وسياسة الكيل بمكيالين

260

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

المركزي وكما هو معروف رفض صرف مرتبات يناير وفبراير الماضيين في مواعيدها المقررة وعزى ذلك إلى عدم إقرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق سابقاً ترتيبات مالية طارئة موحدة بقيمة 9.000 مليار دينار وذلك وفق للإتفاق المبرم بينه وبين ووزارتي المالية للوفاق و المؤقتة في 24/1/2021 وبرعاية أممية بشأن الإنفاق خلال شهري يناير و فبراير وفق الآتي:


مرتبات بقيمة 4.700 مليار دينار
نفقات تسيير .850 مليون دينار
نفقات تنمية 250 مليون دينار
نفقات دعم 2.250 مليار دينار
مؤسسة النفط 1.048 مليار دينار .

ونظراً لرفض الرئاسي إقرار تلك الترتيبات أصدر المركزي بيان في 3 مارس الماضي نشر على وسائل الإعلام قال فيه ( ينوه مصرف ليبيا المركزي إلى إنه تفادياً لعدم تأخر صرف المرتبات المواطنين نتيجة لعدم إقرار ترتيبات مالية ( ميزانية ) للعام 2021 م وتقديراً منه لحالة الضرورة فإنه سيشرع الْيَوم الأربعاء 3/3/2021 في تنفيذ مرتبات شهري يناير وفبراير 2021 م ( مرفق صورة من البيان ) .

وصراحةً و حتى نكونوا موضوعيين فإن إجراء المركزي حينها كان منطقي فالصرف بدون إقرار ترتيبات مالية أو ميزانية إجراء مخالف للقانون خاصة في ظل عدم وجود قرار للصرف بموجب إعتمادات شهرية مؤقتة أي 1/12 من إعتمادات السنة النالية 2020 م .

ومن خلال البيان يفهم إن المركزي هو من سيمول مرتبات الشهرين المذكورين عبر سلفة مالية في ظل تجميد إيرادات النفط أنذاك مصدر الحكومة الوحيد تقريباً لتمويل ميزانيتها .

في العاشر من مارس الماضي ومع إعتماد الحكومة من قبل مجلس النواب توقع الجميع تقريباً إن المشكلة سيتم حلحلتها ، فالإيرادات النفطية المجمدة رفع عنها التجميد وأحيلت إلى حسابات الحكومة لدى المركزي، كما إن مشروع الميزانية كان جاهز بقيمة 96 مليار دينار وتم مناقشته من قبل مجلس النواب الذي طلب من الحكومة إجراء بعض التعديلات وتخفيضه حيث رأى أنه مبالغ فيه في ظل ما تبقى من أشهر على نهاية العام الحالي .

لكن الغريب في الأمر وفي ظل عدم إعتماد قانون الميزانية إلى يومنا هذا فإن المركزي سيل مرتبات مارس وأبريل وعلاوة الأبناء ومخصصات المؤسسة الوطنية للنفط وغيرها من نفقات دون أن نرى منه أي إعتراض أو رفض أو مماطلة كما تعودنا ،
في الوقت الذي كان يتوجب عليه رفض التسييل ومطالبة الحكومة والتنبيه عليها بضرورة إعتماد قانون الميزانية حتى تقوم هي أي الحكومة بالضغط على مجلس النواب للإسراع في ذلك .

والحكومة من جانبها أصدرت العديد من القرارات أنشئت بموجبها صناديق سيادية خصصت لها مليارات الدينارات لإعادة الإعمار لبعض المدن خصماً من مشروعات لم تعتمد بعد ورفعت قيمة إيجار السكن لوزرائها وإجراءات كهذه من شأنها أن ترتب إلتزامات مالية ترهق خزانة الدولة المرهقة أصلاً .

وصراحةً عملياً مشروع الميزانية الْيَوم ينفذ دون إعتماده من مجلس النواب الأمر الذي يشكل مخالفة صريحة بل إنتهاك للإعلان الدستوري المؤقت وقانون نظام المالي للدولة واللوائح والقرارات الصادرة بمقتضاه يستوجب المساءلة لأن غياب القانون المذكور ( قانون الميزانية ) يقوض دور مجلس النواب في رقابته للحكومة وفي تنفيذها للميزانية و مساءلتها .

وأخيراً فإن السؤال ، هو كيف يفسر تسييل المركزي للأموال دون إعتماد قانون الميزانية الذي لطالما حرص على الإلتزام به ؟
أم إن إيرادات الحكومة الناتجة عن مبيعات النقد الأجنبي و البالغة 7 مليار دولار أي ما يعادل 31،5 مليار دينار والمودعة لديه كافية لتبرر له عدم الحاجة لإنتظار إعتماد القانون المذكور ؟