حبارات يكتب: بيان المركزي يظهر خسارة ليبيا للطفرة النفطية ويفتح الطريق لضبط وترشيد الإنفاق العام مستقبلاً ويثبت إن الحل السياسي أساس وركيزة لأي إصلاح اقتصادي

143

كتب: الخبير الاقتصادي نورالدين حبارات مقالاً

أصدر المركزي يوم أمس بيانه عن الإيراد والانفاق العام وعن إستخدامات النقد الأجنبي وذلك عن الفترة من 1:1 حتى 30/4/2022 م ( مرفق صورة ) .

و الذي أظهر ما يلي.
1- بلغ إجمالي الإيرادات المحصلة ما قيمته 52.900 مليار دينار تفاصيلها كالتالي .

  • إيرادات نفطية بقيمة 37.400 مليار دينار أي ما يعادل 8.000 مليار دولار
  • إيرادات نفطية عن سنوات سابقة بقيمة 3.200 مليار دينار
  • قيمة أتاوات وضرائب متاخرة بقيمة 11.400 مليار دينار
  • ايرادات سيادية بقيمة 951 مليون دينار إجمالي الإيرادات 52900 مليار دينار .

في حين بلغ إجمالي الإنفاق العام عن الفترة ذاتها ما قيمته 22.900 مليار دينار تفاصيله كالتالي .

  • المرتبات 13.300 مليار دينار
  • الباب التاني 1.500 مليار دينار
  • الباب الثالث. صفر
  • نفقات الدعم 8.100 مليار دينار
  • نفقات الطوارئ صفر
  • الإجمالي 22.999 مليار دينار .
    أي هناك وفر قدره 30.000 مليار دينار .
  • و من خلال البيان يتضح لنا ما يلي .

1 – تأثر الايرادات النفطية سلباً وبشكل كبير بالإقفالات والإغلاقات المتكررة للحقول والموانئ النفطية.
فإذا أفترضنا معدلات الانتاج التفطي اليومي يقدر ب 1.200 مليون برميل يومي عند سعر 100 دولار فقط للبرميل لكانت حصيلة إيرادات الفترة 17.500 مليار دولار أي ما يعادل 80.000 مليار دينار ومن ثمة فإن الخسائر النفطية عن الفترة تقدر ب 30 مليار دينار وما يعادل 7 مليار دولار.
مع ملاحظة إن أسعار النفط أستقرت خلال شهري مارس وأبريل فوق حاجز 110 دولار في المتوسط .

2- الوفر الذي أظهره البيان والبالغ 30.000 مليار دينار يعكس الواقع و حقيقة ما يجب أن يكون عليه الإنفاق وذلك للأسباب والمبررات الثالية .

  • فتخصيص مبالغ مالية لباب الطوارئ إجراء مخالف للقانون فهذا النوع من الإنفاق يتطلب ظروف طارئة إستثنائية تتطلبه الضرورة وفقاً لأحكام قانون النظام المالي الدولة .

وعليه فهذا الباب يستوجب الأمر شطبه وإلغائه .

  • الباب التاني ( نفقات التسيير ) فهذا الباب يتعلق بنفقات التسيير للجهاز الإداري ، حيث بلغت نفقات هذا الباب ما قيمته 1.500 مليار دينار وهذا الرقم وللأسف مبالغ فيه ، ووفقاً لمفهوم الإقتصاد والكفأة والفاعلية يشكل خسارة كبيرة للإقتصاد الوطني لإنه صرف على جهاز إداري مترهل غير منتج بل إنتاجيته سالبة وفق لقانون تناقص الغلة ومعظم هذا المبلغ لا علاقة مباشرة له بالمواطنين .

حيث يتم إنفاقه على الاثاث والسيارات و العهد المالية والإعاشة والايجارات والسفريات واقتصادياً وفي جميع دول العالم يعتبر هذا النوع من الإنفاق هدر أو ضياع للأموال أو ما يعرف ب Waste of money .

والمؤسف هو إن حجم الإنفاق على هذا الباب منذ 2012 م حتى 30/4/2022 يقارب إجماليه وفق لبيانات رسمية من 73.000 مليار دينار والنتيجة صفر .

الباب الثالث ( التنمية ) ظهر بقيمة صفر وفق البيان وعلى الرغم من ذلك فهذا الرقم أقرب للواقع لإن لا يمكن الحديث عن تنمية وتخصيص أموال لها في ظل حالة الإنقسام وتدهور الوضع الأمني وتشظي المؤسسات وإستفحال الفساد ، كما إن تنفيذ المشاريع التنموية يتطلب خطط ودراسات فنية شاملة تأخذ في الإعتبار الإحتيحات وفق لسلم الأولويات وإلى قدرات وكفاءات و كوادر بشرية في مجال التنفيذ والاشراف والمراقبة وتراعي حالة التنمية و البنى التحتية في كافة البلديات والمناطق وفق لمعايير عادلة يتفق عليها مسبق .

والدليل بلغ ما تم إنفاقه على باب التنمية عن الفترة من 2012 م حتى نهاية العام 2021 م ما يقارب من 60 مليار دينار والنتيجة على الأرض صفر ، فمخصصات التنمية عادةً ما تصرف بموجب مستندات على الورق وليس بموجب أعمال على الأرض .

ومع هذا يفترض أن يقتصر الإنفاق التنموي في ظل الظروف الراهنة على الإستثمار في القطاع النفطي وبما يسهم في إعادة تأهيل المنشأت النفطية وإصلاح الأضرار التي لحقت بها ورفع قدراتها الإنتاجية .

بلغ ما أنفق على باب الدعم ما قيمته 8.100 مليار دينار حيث يتضمن هذا الباب قيمة علاوة الأبناء عن الربع الأول من العام الحالي وقيمة علاوة الأبناء عن النصف التاني من العام 2020 م إلى جانب فاتورة دعم الوقود والأدوية وشركات الكهرباء ولم يعطي المركزي تفاصيل وإيضاحات عن ذلك .

أما على صعيد استخدامات النقد الأجنبي وميزان المدفوعات فيلاحظ بشأنه ما يلي .
بلغت الإيرادات من النقد الأجنبي خلال الفترة موضع البيان ما قيمته 11.300 مليار دولار متضمنة لمبلغ 2.500 مليار قيمة أتاوات وضرائب متأخرة .

بلغت قيمة الإستخدامات من النقد الأجنبي ما قيمته 6.600 مليار دولار لأغراض الاعتمادات المستندية والأغراض الشخصية .
بلغت قيمة الإلتزامات القائمة بالنقد الأجنبي 3.700 مليار دولار دون أن يعطي المركزي تفاصيل بشأنها .
أي هناك فائض مبدئي ضئيل جداً في ميزان المدفوعات بقيمة 900 مليون دولار فقط .

عليه و بناء على ما تقدم نستخلص ما يلي .
1- خسارة ليبيا للطفرة النفطية بسبب الإغلاقات والإقفالات المتكررة للحقول والموانئ النفطية حيث تقدر هذه الخساير بقيمة ب 7.000 مليار دولار تقريباً خلال الفترة موضوع البيان وفقاً للأسعار السائدة في الأسواق العالمية .

2- ضرورة الإسراع لإستئناف إنتاج وتصدير النفط مع إبقاء إيراداته مجمدة إلى حين توصل الأطراف المتصارعة إلى حل سياسي بشأن التنازع عن الشرعية مع إقتصار التمويل على بابي المرتبات والدعم .

3- الإنفاق التسييري و التنموي على مدى السنوات الماضية ثبت فشله وعدم جدواه وأصبح مدخل للفساد فما بالك في ظل الظروف الحالية .

4- الحل السياسي أصبح اليوم ضرورة حتمية
أكثر من أي وقت مضى والتأخر في إنجازه ستكون له تداعيات وآثار كارثية على اقتصاد البلد خاصةً وإن العالم مقبل على أزمة مجاعة وغذاء عالمية غير مسبوقة