حبارات يكتب: توضيح مهم جداً حول الانخفاض في أسعار السجاد والسلع المنزلية 

686

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

شهدت طرابلس أمس واليوم قيام عدد من أصحاب محال بيع السجاد وشاشات البلازما والمواد المنزلية بإعلان تخفيضات تبدو كبيرة نوعاً ما وبنسب مختلفة لا نستطيع تحديدها بالضبط ، فالاخبار بشأنها متباينة وغير دقيقة .

حيث شهدت عدد من تلك المحال إقبال وتزاحم كبير ، فالتخفيضات تبدو وكبير ومغربة وفي متناولهم .
وصراحةً الأسباب تبدو متعددة ومختلفة وكثير من التجار ومن المتابعين والمهتمين بالشأن الاقتصادي تناولوها وأبدوا وجهات نظرهم بشأنها .

كما إن وجهة نظري الشخصية بشأن الموضوع تتفق معهم و لا تختلف كثير .
وتبقى عوامل دلالة التوقيت ونوعية السلع ما اذا كانت أساسية أو غير اساسية ومصدر منشأها وموديلاتها وهل هي إستهلاكية أم معمرة وكم ثمنها كنسبة من دخول المواطنين إلى جانب حجم التخفيض المعلن والمتغيرات التي طرائت مؤخراً على الإقتصاد العالمي جراء إنخفاض اسعار النفط والغذاء وتكلفة الشحن العالمي فضلاً ًعن إنحسار الإقتصاد الصيني بسبب تفشي وباء كورونا كوفيد 19 مجدداً مع مخاطر إنزلاق الاقتصاد الأوروبي والأمريكي في مستنقع الركود ودون إغفالنا للقرارات الشخصية المستقبلية لإصحاب المحال بشأن مدى إستمرارهم في نشاطهم من عدمه .

فقرارات كهذا تحكمها ننائج التقييم والتحليل لإتجاه التكاليف وحركة المبيعات والمديونية والربحية وحالة عدم اليقين التي تغيم على المشهد الليبي .

تبقى كل تلك العوامل وغيرها سبب و مبرر مهم وراء التخفيضات .
و عليه يمكن لنا تفسير ذالك في الإحتمالين الاتيين .
1- الإحتمال الأول اذا كانت التخفيضات بنسب كبيرة وبمعدلات تتجاوز ‎%‎.50 أي تحمل التجار لخسائر كبيرة فهناء قد يفسر رغبتهم في التصفية والتوقف عن ممارسة النشاط لإن إستمرارهم يعني إستمرار تكبدهم لمزيد من تكلفة إيجار الصالات والمخازن والعمالة و هذه التكاليف تلزم أصحاب المحال بدفعها في حال إستمراهم رغم إن بإمكانهم تخفيضها إلى حدود معينة ، كما إن حجم الديون المتراكمة عليهم خاصةً ما إذا كانت كبيرة تبقى سبب مهم فلربما أصحابها لم يعد بإمكانهم الإنتظار أكثر  .

2- الإحتمال التاني هو قد يكون حجم التخفيضات لا يتجاوز ما نسبته ‎%‎50 من قيمة بيع السلعة فهذا يعني تحمل التجار فعلياً لخسارة تقدر ما بين 25 إلى %30 فقط بإعتبار إنهم قد تنازلوا عن الأرباح التي قد تصل إلى ‎%‎25 من قيمة السلعة .

فمثلاً لو أفترضنا جدلاً إن سعر بيع شاشة البلازما 42 تقدر ب 900 دينار فإن بيعها بسعر 450 دينار تعني تضحية التاجر بربح قدره 225 دينار ، إضافة لتكبده لخسارة بالمبلغ ذاته .

محاسبياً بالتأكيد جميع التجار الذين باعوا بالاسعار المخفضة قد أضاعوا ارباحهم عند النقطة التعادل Even brake point أي النقطة التي تتساوي فيها الإيرادات مع التكاليف ثم خسروا جزء من التكلفة أي عند البيع بأقل من سعر التكلفة وذلك بعد إضافة تكلفة الايجار و التخزين والنقل والشحن واجور ومرتبات العاملين لتكلفة السلعة .

فالمحاسبة لا تؤمن إلا بما هو مثبت بالدفاتر و السجلات .
لكن إقتصادياً فالوضع مختلف ، فالتضحية بالارباح وخسارة جزء من التكلفة من أجل توفير السيولة والاموال وإنتهاز فرص إنخفاض أسعار السلع وتكلفة الشحن في الأسواق العالمية خاصةً في ظل حالة الركود التي تشهده كبريات الاقتصاد العالمي هذه الفترة كالصين التي تعتبر ليبيا سوق مهم لمنتجاتها .

هذه التضحية إقتصادياً ربح و ليس خسارة فلربما الاستيراد مجدداً وفق الأسعار السائدة حالياً في الأسواق كفيل بتعويض ما خسره التجار على مدى عام وتحقيقهم لأرباح إضافية .

وفي الختام يبقى السؤال هو ما دور الحكومة من كل ذلك ، فمعظم حكومات العالم في مثل هذه الحالات أي حالة الركود تدفع إعانات للأسر والعائلات من ذوي الدخل المحدود وتؤجل دفع أقساط السلف والقروض وأعفائها مؤقتاً من الضرائب وذلك بهدف دعم قدراتهم الشرائية وتحفيزهم على الإستهلاك .

وعلى الجانب الأخر تمنح تعويضات مالية للتجار وأصحاب الشركات و المصانع بهدف تخفيض الأسعار وإنعاش المبيعات لتسريح المخزون الراكد من السلع وذلك في إطار خطط للإنقاذ أو ما يعرف ب Bailout .

لكن السؤال الأبرز هو ، كيف يمكن للحكومة القيام بذلك في بلد يطغى على اقتصاده اقتصاد الظل أي أغلب الأنشطة الاقتصادية تمارس خارج الإطار الرسمي ولا توجد أيضاً قاعدة بيانات عن الأسر محدودة الدخل ولا عن الباحثين عن العمل .