حبارات يكتب: ما تسمى بخطط المركزي لتوفير السيولة سياسة عبثية ونتائجها مدمرة للاقتصاد الوطني لكن يبقى السؤال كيف ؟

300

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

أقر المركزي منذ مطلع أبريل الماضي ما أسماه بخطته لتوفير السيولة وذلك من خلال نقل السيولة بالخزائن إلى أقسام الأصدار والتنسيق لنقلها إلى مختلف فروع المصارف في كافة المدن وذلك بهدف توفير السيولة في ظل الأزمة التي تعانيها البلاد منذ نهاية العام 2015 م .

وصراحةً هذه الإجراءات أو السياسة التي يقوم بها المركزي والتي لا يرى أي ضير في التباهي بها ونشرها على وسائل الإعلام عبثية ونتائجها وتداعياتها كارثية ومدمرة للاقتصاد الوطني خاصةً على المدى المتوسط والطويل يدفع ثمنها المواطنين البسطاء وحدهم لا غير  .

حيث تقوم هذه السياسة على إهدار إيرادات النقد الأجنبي الناجمة عن مبيعات النفط وإستنزاف إلإحتياطي من العملات الأجنبية وذلك من خلال بيع النقد الأجنبي في شكل أغراض شخصية وإعتمادات مستندية جلها تقريباً تخصص لأغراض إستهلاكية لا إنتاجية أو تنموية ، بدلاً من قيام المركزي بتفعيل أدوات السياسة النقدية المعطلة عملياً منذ نفاذ القانون رقم لسنة 2013 م بشأن منع المعاملات الربوية بهدف إمتصاص المعروض النقدي المتفاقم والمتداول خارج النظام المصرفي لإمداد المصارف بالسيولة إلى جانب تفعيله لأدوات الدفع البديل للحفاظ على رصيد الإحتياطي الأجنبي وتنميته وتوظيفه فقط في النهوض بالاقتصاد الوطني وتنويع مصادر دخله على أن يرافق ذلك وبالتوازي تدابير أو سياسات مالية تتخد من طرف الحكومة ترتكز على الحد من الإنفاق العام وترشيده وتفعيل جباية الإيرادات السيادية وإطفاء الدين العام فضلاً عن إستتباب الأمن .

وما ذكرته ليس مجرد كلام مرسل بل واقع و بإعتراف المركزي نفسه من خلال بياناته الرسمية ، فمبيعات النقد الأجنبي خلال لفترة من 1/1/ حتى 31/5/2021 م بلغت 10.700 مليار دولار منها .

4.400 مليار دولار قيمة إعتمادات مستندية
3.200 مليار دولار للأغراض الشخصية
في حين يثمتل المبلغ المتبقي والمقدر ب 2500 مليار دولار قيمة الإعتمادات الحكومية للوقود والادوية ومستلزمات المؤسسة الوطنية للنفط .

وعليه فإن إجمالي قيمة الإعتمادات المستندية والاغراض الشخصية البالغة 7.600 مليار دولار تعادل قيمتها 34 مليار دينار على السعر الرسمي 4.48 .

وإذا ما أفترضنا إن ما نسبته ‎%‎50 من هذه القيمة تسدد نقداً للمصارف فإن قيمة السيولة النقدية الموردة تناهز 17 مليار دينار وهذه هو المبلغ الذي يعمل المركزي على توزيعه في إطار خططته لتوفير السيولة منذ أبريل الماضي وهذا بالطبع دون إحتساب المبالغ الناتجة عن مبيعات النقد الاجنبي عن شهري مايو ويونيو وحتى منتصف اغسطس الجاري التي لم تصدر بشأنها بيانات رسمية عن المركزي والتي عادةً لا تقل عن 4.5 مليار دولار أي ما يعادل 20 مليار دينار تقريباً .

وفي المقابل لم تتجاوز قيمة الإيرادات النفطية عن الفترة ذاتها 7.229 مليار دولار وفق لبيانات صادرة عن امؤسسة الوطنية للنفط ، أي إننا أمام عجز في ميزان المدفوعات قيمته  3.471 مليار دولار ، وهذا يعني إهدار لقيمة الإيرادات النفطية عن الفترة المذكورة أعلاه ،بالإضافة إلى تناقص في حجم الإحتياطي الأجنبي بقيمة العجز و هذا بالتأكيد سينعكس سلباً على قيمة الدينار بمزيد من الإنخفاض في ظل محدودية إيرادات النفط قياساً بحجم الانفاق العام المتنامي وتزايد الطلب على النقد الأجنبي .

وفي الختام فإن ما يثير الإستغراب هو كيف يتم التفريط في عملة إحتياطية تعتبر شريان البلاد الوحيد في توفير كافة إحتياجاتها و سداد إلتزاماتها الخارجية من أجل الحصول على عملة محلية بحجة معالجة أزمة السيولة التي لن تحل في ظل تعطل أدوات السياسة النقدية و إرتفاع معدلات التصخم والتوسع في الإنفاق العام و الإنخفاض الكبير في جباية الإيرادات ؟؟؟ فالدينار الذي يخرج من المصارف لا يعود إليها إلا لفتح الإعتماد أًو لشراء الدولار فقط .

لكن ما يجب على المركزي والحكومة إدراكه هو إن هبوط الإحتياطيات الأجنبية لدول السودان ولبنان وفنزويلا والعراق وإيران وغيرها  كان سبب مباشر في إنهيار عملاتها المحلية ، وأن العربية السعودية ودول الخليج الغنية بالنفط والتي تمتلك إحتياطيات اجنبية و صناديق سيادية ضخمة تفضل إقتراض العملات الأجنبية من الخارج عن عدم المساس أو السحب من إحتياطياتها لإنها تدرك تداعيات ذلك مستقبلاً سلباً على إقتصادياتها .