عدا آثاره الصحية .. ما النتائج الاقتصادية المترتبة عن غزو فيروس كورونا؟

342

موجة خوف ترتسم على ملامح المواطنين خوفاً من وصول الوباء القاتل الذي تمكن من دول العالم الأول وها هو يزحف نحو الدول العربية بدايتها دول الخليج، وأخيراً دول المغرب العربي والمجاورة لليبيا ..

فيروس كورونا المستجد …كيف له أن يؤثر في الاقتصاد الليبي وكيف يمكن أن يستغل التجار هذه الأزمة الخانقة التي قلبت المشهد رأساً على عقب..

وللحديث عن ذلك تواصلت صدى مع عدة أطراف لمعرفة تأثير هذه الجائحة على الاقتصاد الليبي.

كيف ستؤثر الكورونا على الاقتصاد الليبي بشكل كلي..

علي الصلح

حيث أكد الخبير الاقتصادي “علي الصلح” أن تأثيرات فيروس كورونا تختلف بين البلدان وهنا يمكن أن نفرق بين نوعين من البلاد: بلاد تعتمد اعتماد كبيرا على اقتصادها الداخلي ولا تلعب التجارة الدولية في حياتها شأنًا كبيرا، وهنا يظهر مدى قوة البلاد وتأثرها بالفيروس من ناحية النظام الصحي والانفاق على المعرفة وذلك يؤدي إلى الزيادة من قوتها ونشاطها، مثال ذلك الولايات المتحدة الامريكية والصين، حيث تعتمد على برامج عامة تقوم على إنفاق أموال طائلة في مشروعات عامة أوقات الكساد، وذلك لكي تدفع الاقتصاد القومي نحو الانتعاش .. وبلاد تعتمد على التجارة الخارجية اعتمادا كبيرا وتلعب الواردات دورًا كبيرا في إمدادها بالمواد الأولية والغذاء والمواد الطبية، مثل بعض الدول النامية، ولا تستطيع مثل هذه البلدان النهوض بالاقتصاد القومي بصورة سريعة لانخفاض مواردها وقدرتها الاقتصادية الضعيفة للإنفاق العام لاستعادة الوضع التوازني.

وتابع “الصلح” أنه يمكن القول ان الاقتصاد الليبي يتاثر بالأزمات العالمية الاقتصادية والصحية، فالنموذج الثاني الخاص بالبلاد النامية يتعلق بالشكل المرسوم لهذه الدول.. وخلال هذه الأزمة – فيروس كورونا – ظهر لنا مدى هشاشة المنظومة الاقتصادية والصحية في الاقتصاد الليبي رغم حجم النفقات العامة خلال السنوات السابقة … وبالتالي الأزمة أدت الى زيادة التضخم واختلال الميزان ومزيد من العجز في الموازنة العامة، ومن وجهة نظرى تختصر المعالجة في أساليبها المعتمدة للدول النامية وهي تدخل الدولة بشكل مباشر للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي: استمرار الإنفاق الاستهلاكي بشكل مستمر وثابت (المرتبات) دون تاخير .. خلق سعر فائدة جديدة يحدد حجم الاستثمار واستهداف الأسعار باستخدام أساليب كمية مثل فتح الاعتمادات للجهات العامة والتركيز على السلع الرئيسية للمواطن وغيرها من إجراءات من شأنها المحافظة علي الاستقرار الاقتصادي.

الفيتوري: الاقتصاد الليبي سيتأثر بشكل كبير بفيروس كورونا ..

عطية الفيتوري

أكد الخبير الاقتصادي والدكتور الجامعي “عطية الفيتوري” في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية أن الاقتصاد الليبي سيتأثر بشكل كبير وقد بدأت هذه الآثار سواء انتشر الوباء فى ليبيا أو حتى فى حالة عدم انتشاره.

وأوضح “الفيتوري” أن الارتفاع قد بدأ في مستوى أسعار السلع، وانخفاض الإنتاج غير النفطي مثل المنتجات الزراعية والصناعية بسبب عدم توريد المواد اللازمة الإنتاج، إضافةً لانخفاض الدخول الحقيقية للناس، وارتفاع الإنفاق الحكومى وخاصة على قطاع الصحة، وتأخر وتدني مستوى التعليم سواء المدارس أو الجامعات، وانخفاض مستوى الخدمات العامة.

وأضاف أن العجز فى الميزانية العامة أيضاً قد تأثر بشكل كبير في ظل الخوف من انتشار فيروس كورونا، والعجز فى ميزان المدفوعات بالرغم من عدم فتح اعتمادات كافية لتوفير السلع والأدوية بحسب حاجة الاقتصاد.

وتابع “الفيتوري” أنه ستحدث الكثير من المشاكل والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، وستكون هناك خسائر كبيرة فى استثمارات احتياطيات ليبيا فى الخارج، وسيرتفع كل من معدل البطالة ومعدل المواطنين تحت خط الفقر، كل هذه الآثار قد بدأت فى الحدوث وسوف ترتفع مع الوقت.

تأثير الكورونا على القطاع المصرفي..

عادل الكيلاني

كما أوضح الخبير المصرفي “عادل الكيلاني” في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية أن ظهور فيروس كورونا وانتشاره بهذا الشكل الرهيب له انعكاسات كبيرة على الاقتصاديات العالمية ومنها ليبيا. فتعطيل الدراسة والأعمال وحالة الهلع والخوف التي تصيب المواطن تنعكس على الإنتاجية، حيث تأثير انتشارهذا الفيروس كان بانخفاض أسعار النفط عالميا ووصوله إلى سعر متدني جدا خلال فترة وجيزة، وهذا سينعكس على عوائد الخزانة العامة في ليبيا التي ستكون مؤثرة في حجم الإنفاق على استعداد المستشفيات والرعاية الصحية لمواجهة الفايروس. التجارة مع العالم الخارجي والنقل الجوي وحركة الأفراد والسلع ستنعكس سلبا على الاقتصاد المحلي، فليبيا دولة مكشوفة على العالم الخارجي تستورد كل احتياجاتها من الخارج وهذا شيء له تأثير كبير على الاقتصاد الوطني، مضيفاً أن القطاع المصرفي الهش سيتاثر أيضاً، خصوصاً مع إغلاق منظومة أرباب الأسر والأغراض الشخصية والمقاصة بين بنغازي وطرابلس في ظل حالة الانقسام التي يشهدها القطاع المصرفي.

وتابع بالقول: هذه الأزمة قد تكون لها إيجابيات لأنها دقت ناقوس الخطر الذي أتمنى أن يسمعه كل مسؤول في ليبيا، وأن يكون لها ما بعدها من تطوير مؤسساتنا الصحية والاقتصادية وتنشيط حركة التصنيع والاعتماد على الذات وتشكيل تحالفات دولية في كافة المجالات خاصة الإقليمية.

تأثير جائحة كورونا على قطاع النفط الليبي …

محمد أحمد

حيث كشف الخبير النفطي ” محمد أحمد” أنه وحتى الآن لم نلاحظ أي تأثير كبير على صناعة الإنتاج النفطي في العالم لاسيما عمليات الاستيراد والتصدير والتي تسير بشكل معتاد، وبالنسبة للاقتصاد الليبي أظن انه مثل كل الاقتصادات الأخرى سيواجه فترة تكيف مؤلمة نتيجة اضطراب سلاسل العرض والتزويد للسلع وخدمات النقل إضافة إلى احتمال ارتفاع أسعار سلع معينة مثل المواد الغذائية والمواد الصحية والأدوية، الجهات المسؤولة يجب أن تتخذ هذه التحديات على وجه الجد لاستباق أزمات قد تكون خطيرة.

وأضاف الخبير النفطي أنه من الناحية الصناعية لا يتوقع أن يؤثر المرض على الناحية الإنتاجية لأن كثافة العمالة قليلة بالنسبة للإنتاج وكل ما تحتاجه الشركات المشغلة تطبيق حازم لإجراءات الصحة والسلامة والتناوب الإنتاجي، أما من ناحية الأسعار العالمية يتوقع طبعًا أن تنخفض نتيجة انخفاض الطلب المصاحب لإجراءات تحديد التنقل، هذا يعني أن الدخل من الصادرات النفطية أيًّا كان مستواها سينخفض مقارنة بعدم وجود المرض.

ختاماً .. يظل الخوف يحيط بالمواطن الليبي الذي أرهقته الحروب المتتالية وما يتبعها من قتل وتدمير وتهجير قسري، وها هي الجائحة كورونا تحوم حوله… وها هو الاقتصاد الليبي يتجه نحو مزيد من التأزم، مما ينذر بحرمان المواطن من أبسط حقوقه وتميته وهو لايزال على قيد الحياة …