قرادة يكتب: ” اللا وفاق الاقتصادي بين الحكومة و المركزي : إلا اللعب بعشاء الليبين”

346


كتب كبير المستشارين بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “إبراهيم قرادة” مقالاً بعنوان ” اللا وفاق الاقتصادي بين الحكومة و المركزي : إلا اللعب بعشاء الليبين”

في الوضع الطبيعي فإن مطالبة رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني “فائز السراج إلى محافظ البنك المركزي “الصديق الكبير” بخصوص فتح منظومة ال10 آلاف دولار وبيعها بسعر 500 دولار مفهومة ولكن احتياطي المركزي قد ينخفض ​​20٪ مع تراجع عائدات النفط” حسب وكالة رويترز العالمية، نقلاً عن ديوان المحاسبة.

كذلك انخفاض تقدير عوائد النفط لهذه السنة إلى 5 مليار دولار مقابل 31 مليار دولار بسبب إغلاق تصدير النفط، وربما ستكون أقل نتيجة انهيار أسعار النفط ، و وضع جائحة الكورونا والتي سترتب تكاليف استيراد الأدوية والمعدات الطبية والغذاء بسبب تراجع المعروض والمنتج وارتفاع الطلب، مما يزيد من فاتورة الاستيراد.

فتح هذا الباب لن تستفيد منه نسبة كبيرة من السكان لأن 5000 دولار x 4دينار = 20000 دينار لكل فرد في الأسرة، وهو مبلغ كبير ليس في متناول الطبقتين المتوسطة ومحدودي الدخل، وهما الجل الأغلب ، و تنفيذ هذا الإجراء وفي ظل توقف السفر بسبب الكورونا يعني تجميد مبالغ ضخمة بالعملة الصعبة في كروت السحب فمثلاً لو قام فقط نصف مليون بذلك، فإن 2.5 مليار دولار ستجمد في الكوروت.

و أيضاً بسبب الانكماش الاقتصادي الخطير في كل دول العالم، ومنها الدول التي يستخدم فيها الليبيون سحب العملة قد تفرض (احتمال كبير جداً) قيوداً لخروج العملة الصعبة منها ، و قد يكون ذلك باب لتهريب العملة الصعبة بإيداع قيمة الكروت في حسابات بنكية خارجية ، و لا توجد إشارة إلى مخصصات ارباب الأسر (500 دولار) وهي الأهم للأسر و أقل خطراً على الاقتصاد.

هذا الإجراء سيضر سلباً باحتياطيات الأرصدة الوطنية من العملة الصعبة، والتي يصعب بل يستحيل تعويضها في المدى المنظور، بالنظر إلى أن توقعات الخبراء الاقتصاديين تحدد متوسط فترة عامين للخروج من آثار كورونا الاقتصادية، هذا إذا تم تطويق الجائحة خلال هذا الصيف، أما إذا امتدت الجائحة فذلك سيطول فمفهوم ومقدر اهتمام رئيس المجلس الرئاسي بمعاناة المواطنين والسعي لتخفيف مشقة المعيشة ومكابدتها غير أن ذلك لن يفيد كثيراً في تخفيض سعر السلع المعيشية وتوفرها، ومن ذلك تحويل الضغط عليه.

كما أنه مشكوك تأثيرها في تخفيض سعر العملة الصعبة في السوق الموازي لأن الارتفاع الأخير في أسعارها ليس سببه طلب عموم المواطنين لغلق أبواب السفر المتعددة، بل المضاربة واحتمال سعي البعض لكنز وتهريب عملات صعبة بسبب الحرب واتجاهاتها الاخيرة، كما في أي حرب، و الأخطر هو استنزاف الأرصدة بدون فرصة تعويضها، مما يعري ويكشف الوطن على مستقبل مجهول للأجيال الحالية والمستقبلية.

نقطة أخرى، ليس في صالح الوطن أضعاف موقف المصرف المركزي وجعله محل لوم وغضب المواطنين، بل المطلوب تعزيز التنسيق والتعاون معه، وبالأخص أن الحكومة لديها ثلاث وزارات مسئولة عن الاقتصاد الوطني، ومطلوب انخراطها الإيجابي في معالجة الصائفة الاقتصادية، وهي وزارات المالية والاقتصاد والتخطيط، و لديها خبراء، منهم وزير التخطيط “الطاهر الجهيمي” وهو خبير أكاديمي ومهني مقتدر ومخضرم.

المجلس الرئاسي يواجه مهام صعبة وثقيلة، فهو يدير اقتصاد حربين: حرب الهجوم على طرابلس وحرب الكورونا، وتداعياتهما الاجتماعية ومتابعتهما السياسية ليست بسهولة الانتقاد، في ظل الانقسام الموسساتي وانفلات النفقات العامة بسببه (الدين العام) ، ولعل في هذا المساهمة نقد بناء، فالاقتصاد يهم ويمس كل ليبي وفي كل ليبيا، وعلينا الترفع عن الاصطفاف في هذا المجال، لأنه ليس ساحة حرب بل هي قوت ودواء كل الليبيين.