مع نهاية العام .. تحديات اقتصادية تواجه البلاد خلال 2020

363

عندما يبدأ العام الجديد يتعين على حكومة الوفاق الوطني والمصرف المركزي في طرابلس، المحافظة على التحسن الطفيف للأوضاع الاقتصادية في البلاد أو على الأقل في المناطق التي تسيطر عليها، وبطريقة أخرى محاولة تفادي التدهور.

ومع دخول الحرب جنوب العاصمة شهرها العاشر على التوالي، يضيف الصراع المستمر تحديا جديدا للحكومة ومركزي طرابلس على حد سواء من خلال التعامل مع الأزمة وتحسين أخطاء العام الماضي.

من غير المتوقع أن تحاول حكومة الوفاق استغلال الأموال العائدة من الرسوم المفروضة على بيع النقد الأجنبي للمزيد من الإنفاق العام؛ نتيجة التكاليف المرتفعة للحرب التي تخوضها قواتها على مختلف الجبهات.

وعلى نطاق أوسع، تنذر مصادرة شحنة الأموال المطبوعة في روسيا والتي كانت تتجه للمصرف المركزي بالبيضاء، إضافة إلى توقعات بخفض وصول الأموال من طرابلس. بخلق أزمة مالية للحكومة المتواجدة في بنغازى والتي توسعت رقعة سيطرتها على مدن المنطقة الجنوبية وبعض من المناطق الغربية للبلاد.

إضافة إلى ذلك، أشارت بيانات المؤسسة الوطنية للنفط الأخيرة والتي تتحدث عن إمكانية إغلاق مصفاة الزاوية بسبب اقتراب الاشتباكات من مواقعها إلى احتمالات بانخفاض الإنتاج التي تحاول المؤسسة الحفاظ عليه وبالتالي استمرار تدفق الأموال إلى الخزانة العامة للدولة.

تخطي الإصلاحات الاقتصادية

يقول الخبير في الشأن الاقتصادي محمد شوبار إن الإصلاحات الاقتصادية خلال العام الجديد بعيدة كل البعد عن التحقق أو أن تستمر الحكومة في التركيز عليها خاصة مع دخول الوفاق في حرب غير معروفة النتائج والتي عرقلت عملها الذي تعرض للكثير من العراقيل في الآونة الأخيرة.

ويعتقد شوبار أيضا خلال حديثه ل”صدى الاقتصادية” بأن الحكومة ليست لديها الكثير من الخيارات وبالتالي فإن عملية الإنفاق على قواتها التي تقاتل منذ أشهر تعتبر أولوية لديهم وهذا سيثقل كاهل الحكومة التي من المتوقع أن تبتعد عن تنفيذ إصلاحات اقتصادية تساهم في دفع عجلة التغيير الاقتصادي الذي بدأت العمل عليه العام الماضي.

يمثل وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية على نطاق شامل أمر بالغ الأهمية من أجل استمرار الإصلاح الاقتصادي في البلاد، وفق شوبار.

هناك ملفات أكثر أهمية يجب على حكومة الوفاق التعامل معها وفق استراتيجيات واضحة والتي من بينها النازحين الذين يعانون أوضاعا اقتصادية صعبة.

الحكومة المؤقتة وتحدي الأزمة

في المنطقة الشرقية والجنوبية ومع القليل من المناطق غرب البلاد، لا يختلف الوضع كثيرا فالتحديات التي تواجه الحكومة المؤقتة أكبر بكثير مما كان متوقعا. في السابق كانت تعتمد الحكومة المتواجدة في بنغازى على الأموال المطبوعة في روسيا للإنفاق على المدن والبلديات الواقعة في نطاقها والتي توسعت قليلا في المدة الماضية، على الرغم من ذهاب معظمها لقوات الجيش التابع للبرلمان.

ولكن مع توقف وصول تلك الأموال من الخارج فإن الأمور تصبح أصعب وأكثر تعقيدا على المسؤولين بالمؤقتة للتعامل مع الوضع الجديد خاصة في جنوب البلاد.

في مدينة سبها وحدها على وجه الخصوص ألقت الحرب بظلالها على المدينة المركزية التي تعتبر الأكبر في فزان. هناك توقفت البضائع والمنتجات عن الوصول للتجار مع انخفاض الدعم بشكل عام والمقدم من الحكومة المؤقتة. بشكل عام يظهر الوضع هناك بأن الأخيرة عاجزة عن توفير حتى الوقود الذي يرتفع سعره ثلاثة أضعاف مقارنة بالمناطق الواقع تحت حكومة الوفاق الوطني.

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي عطية الفيتوري ل”صدى الاقتصادية” ، إن الوضع اقتصاديا وبشكل عام داخل البلاد يعتمد على ما تسفر عليه النتائج النهائية للحرب التي تدور رحاها جنوب العاصمة طرابلس.

الفيتوري يعتقد بأن الوضع الاقتصادي في تدهور مستمر ومستبعدا في الوقت نفسه حدوث تغيير ملموس خاصة في الشرق والجنوب. وأضاف بأن الحكومة في بنغازى وعلى الرغم من توقف حصولها على العملة المطبوعة في روسيا، لاتزال تعتمد على الموازنة العامة الصادرة من طرابلس خاصة بوجود اتصال بين الهيئات والوزارات الدنيا مع وزارة مالية الوفاق في طرابلس.

ويرى عطية بأن هذا الأمر هو عامل مهم في حصولها على بعض الدعم من هناك. مع وجود تصور بأن الأوضاع لن تذهب نحو الأسوء، رغم ما تشهده المدن والمناطق الواقعة تحت الحكومة المؤقتة، بحسب أستاذ الاقتصاد.

قطاع النفط

تنذر الأوضاع الراهنة التي تجري في البلاد مع وصول الصراع لنقطة اللاعودة وتدخل مختلف لأطراف خارجية من توسع نطاق النزاع المسلح والذي يمكن أن يؤثر على عملية إنتاج النفط وفق ما أشارت إليه المؤسسة الوطنية.

ويقول المتخصص في مجال النفط والغاز محمد أحمد ل”صحيفة صدى الاقتصادية” إنه مع وجود تحذيرات من تأثير الصراع على الإنتاج هناك الكثير من المشاكل التي تواجه المؤسسة للحفاظ على مستوى إنتاجها خلال الأشهر الأولى على أقل تقدير في العام 2020.

ويعتقد أحمد أنه إضافة إلى الصراع جنوب العاصمة طرابلس فإن المؤسسة تواجه تحديا أخر وهو الحصول على أموال كافية لإعادة تهيئة البنية التحتية للقطاع والتي يتجاهل المصرف المركزي وحكومة الوفاق النظر واعتبرها أمرا مهما لاستمرار الإنتاج بمعدلات مرتفعة.

من جهة أخرى، يرى أحمد أن المؤسسة الوطنية للنفط تحتاج إلى ما يقارب 3 مليار دينار على الأقل لتمويل خطة التطوير وتغطية المصاريف التشغيلية وضمان استمرار تدفق النفط والذي بدوره ينعكس إيجابيا من خلال توفر الأموال في مركزي طرابلس.

ولكن مع اتجاه أنظار الحكومة ومن خلفها المصرف المركزي نحو التعامل مع الحرب، فإن مطالب المؤسسة في التمويل اللازم تبقى في انتظار الالتفات إليها قبل فوات الأوان.

رغم كل ما سبق، تبقى التحديات التي تواجه الأجسام التشريعية والتنفذية المنتشرة في شرق وغرب البلاد أكثر حدة، مع استمرار رفض الجميع التوحد وإنهاء الانقسام عبر إيقاف الحرب والرجوع للحوار.