المركزى ينشر عوائد النفط والمؤسسة تعارضه .. أيهما أكثر دقة؟ وكيف نتج الاختلاف؟

865

أصدر مصرف ليبيا المركزي بطرابلس الأسبوع الماضي بيانه الشهري المعتاد عن إيرادات ومصروفات شهر يناير والذي أظهر هذه المرة تباينا ملحوظا في إيراداته عن بيانات المؤسسة الوطنية للنفط ، حيث ذكر المركزي أن الإيرادات النفطية لشهر يناير هي “صفر”، الأمر الذي كثر الجدل والحديث فيه.

فبعد أيام قليلة من بيان “المركزي” نشرت المؤسسة الوطنية للنفط خلال نشرة التبعات التي باتت تنشرها كل يوم منذ إغلاق الموانئ النفط أن الإيرادات النفطية قد بلغت 1.77 مليار الدولار، مسجلة بذلك انخفاضا بحوالي 418 مليون دولار أمريكي بنسبة 19% مقارنة بإيرادات شهر ديسمبر 2019 بسبب توقف إنتاج النفط.

وكعادتها تتبعت صدى الأمر وتواصلت مع خبراء اقتصاديين لتحليل أيهما أصح إيرادات المؤسسة الوطنية أو بيانات مصرف ليبيا المركزي التي سجلت “صفر”.

قال الخبير الاقتصادي “محمد شوبار”
مصرف لببيا المركزي هي المؤسسة الوحيدة التي من الممكن أن تعطي أرقاما بخصوص إيرادات النفط، كمية الصادرات وصلت إلى 72000 برميل وصعدت إلى 250000 برميل وهذا هو إنتاج حقل الفيل، مضيفاً أن ما يقصده المركزي في اعتقادي هو أنه لا توجد إيرادات لعدم وجود إمكانية لبيع العملة الصعبة.


وصرح الخبير النفطي “محمد أحمد” في تصريح لصدى أن المركزي غير مصيب في بيانه، بتتبع كل بيانات المركزي الشهرية منذ بداية إصدارها فإن المصرف يدرج المبالغ المحصلة وهي تدفع عادة بعد شهر من البيع بعكس المؤسسة التي تدرج قيمة مبيعات الشهر نفسه، مشيراً إلى أن المركزي ينبغي أن يدرج مبيعات شهر ديسمبر المحصلة في يناير، ولكنه لسبب أو لآخر فضل شيئا آخر.


كما كشف الخبير الاقتصادي “علي الصلح” أن المؤسسات الاقتصادية في ليبيا هي أحوج ما يمكن إلى تعاون الأعضاء وتفاهمهم إلى أن الاقتصاد يجب أن يستقر، حيث أن هناك عدة قضايا مطروحة علي صعيد الشفافية واستقلالية المصارف المركزية، التى تُعد من أهم العناصر التى يجب أن تتمتع بها المؤسسات الاقتصادية خاصة مصرف ليبيا المركزي، وعلى الرغم من تحذيرات ديوان المحاسبة والمؤسسة الوطنية للنفط بحكومة الوفاق إلا أن إدارة مصرف ليبيا المركزي أصبحت مما لا يدعو للشك أحد أهم الأدوات السياسية وليست اقتصادية، وعطفًا على السابق فإن الأرقام التى تم نشرها في بيان المصرف المركزي تفند اليوم بواسطة المؤسسة الوطنية للنفط من (الصفر) إلى (الواحد ونصف مليار دولار تقريباً )؛ وفي محاولة لتمسك المؤسسة بمبدأ الشفافية والانتقال إلى مرحلة الثقة يستقر بنا الحال إلى أن تحديد حجم المشكلة يتمثل في تحليل عناصرها ..

أولاً : أن البنك المركزي يملك احتياطيا نقديا من العملات الأجنبية لم يتم الإفصاح عنه ويقدر بحوالي 80 مليار دولار حسب مصادر موثوقة،
ثانياً: البنك المركزي يسلب اختصاص وزارة المالية ويستند في ذلك إلى الترتيبات المالية لحكومة الوفاق.
ثالثاً: غياب التنسيق بين المصرف المركزي ومؤسسات الدولة الاقتصادية وهو السبب الرئيسي في تفاقم الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى أن تزامن الحديث عن المشكلة الاقتصادية مع حدوث عدم استقرار اقتصادي لأسباب تتعلق بالتوقعات المستقبلية ويعتمد السوق عليها بشكل كبير، ويمكن التعبير عن ذلك من خلال انخفاض درجة الكفاءة واستخدام اُسلوب التحيز في مجال يتعلق بحياة الناس اليومية، سوف تحول الحكومة الفائض إلى عجز، والعجز تحول إلى عجز أكبر، وأقصد هنا العجز الاقتصادي الذي انعكس على قدرة الدولة وغياب دورها في النشاط الاقتصادي.


وقال الخبير الاقتصادي والمهتم بالشأن الاقتصادي “نور الدين الحبارات” أن إنتاج النفط وفق المعلن توقف قبل مؤتمر برلين أي قبل 18 يناير باعتباره ورقة تفاوضية رابحة لإحدى أطراف الصراع وليس هناك تأكيدات من أنه قد تم توقفه بالكامل أو جزئيا عدا الأخبار التي تناولتها وسائل الإعلام حيث أوردت إنه انخفض إلى النصف تارة وتارة أخرى إلى قرابة 300 ألف برميل هذا من جانب، ومن جانب آخر وحسب وجهة نظري فالمؤسسة عندما قالت إن إيرادات النفط لشهر ينايرالماضي بلغت 1،768 مليار دولار فهي تقصد هنا قيمة المبيعات لشهر يناير والتي عادة تتم بالآجل أي على الحساب فهي تشتغل وفقا لأساس الاستحقاق وبالتأكيد ملزمة بالتقيد بالأسس والمبادئ المحاسبية المتعارف عليها، فالإيراد يعتبر تحقق لها بغض النظر عن تحصيله، أما المصرف المركزي في بيانه كالعادة وكما هو معروف.

وكما أشرت سابقا أن بيانه مجرد تدفق نقدي داخل وخارج لحسابه، أي جدول بالمقبوضات والمدفوعات أي لا يأخد في الاعتبار إلا ما تم تحصيله فعلا بغض النظر عن تاريخ البيع أي أن من المحتمل جدا أن مبيعات يناير لم تدخل بعد لحساب المركزي حتى تاريخ إعداد البيان، كما لا يأخد المركزي في بياناته عادة إلا ما تم دفعه فعلا بغض النظر عن تاريخ الاستحقاق، فمثلا في بيانه الصادر في نهاية العام ظهر ضمنيا أن العجز في ميزان المدفوعات قرابة 1،17 مليار دولار في حين لو احتسبنا قيمة مستحقات ارباب الأسرة المتبقية لسنة 2019، لكان العجز في ميزان المدفوعات قرابة 5 مليار دولار، وهذا الرقم بالطبع لم يظهره البيان ولم يشر إليه المركزي وهذا الأساس الذي اتبعه المركزي يعرف بالأساس النقدي ويعمل به في كافة الجهات الممولة مباشرة من الميزانية العامة، عليه وبناء على ما تم توضيحه أعتقد أن الطرفان صادقان وأن الاختلاف يكمن في الأسس المحاسبية المتبعة من كل منهما.

كما أكد الخبير المصرفي “عادل الكيلاني” أن عقود النفط هي من العقود الآجلة، بمعني أن مبيعات اليوم يتم استلامها بعد شهر أو شهرين بأسعار اليوم، تعودنا في الفترة الأخيرة على تضارب التقارير والأرقام بين مؤسسات الدولة سواء المصرف المركزي أو مؤسسة النفط أو وزارة المالية والجهات التابعة لها مثل مصلحة الضرائب ومصلحة الجمارك، وهذا نتيجة طبيعية لحالة الانفصال بين هذه المؤسسات، فلا يوجد ما يجمعها إلا قبة المجلس الرئاسي فقط، مشيراً إلى أنه لا أحد يستطيع الإجابة عن أيهما أصح المؤسسة أم المركزي إلا ديوان المحاسبة من خلال فحص هذه البيانات.

ختاماً .. يظل السؤال قائماً والإجابة مبهمة
فهل فعلاً الإيرادات النفطية قد سجلت “صفرًا” في شهر يناير أم أنها حصدت أكثر من 1.77 مليار دولار، وإلى متى ستظل الموانئ النفطية على هذا الحال الذي وصل إلى قرابة الشهر منذ إغلاقها.