رفع أسعار تذاكر الطيران “حمل أخر يضاف على كاهل المواطن”

397

في ليبيا أصبح عنوان المشهد السياسي والاقتصادي وسمته الرائجة والمتعارف عليها هي المفاجئة و التردي..

ففي ظل وضع اقتصادي سيء يعاني منه كافة المواطنين وحتى مع بدء انتشار الامل في التحسن والتطوير يفاجئ المواطنون بين ليلة وضحاها بقرار يضيق عليهم حياتهم أكثر فأكثر..

فبعد أن بدأت أمال المواطنين في تحسن الوضع المعيشي والحصول على ابسط حقوقهم المالية التي ستمكنهم وتخولهم من السفر لأي غرض كان ترتفع ، فوجئ المواطنون مع بدء يوم جديد بارتفاع غريب ومدهش لأسعار تذاكر الطيران بشكل لا يستطيع أن يتحمله المواطن البسيط.

حيث أن شركة الخطوط الجوية الليبية أعلنت مع بدء هذا اليوم أن أسعار التذاكر ستزيد بنسبة 183% بداية من الأول من ديسمبر المقبل وأنها ستعلن عن الأسعار الجديدة للتذاكر الأسبوع القادم، وذكرت الشركة أن سبب هذه الزيادة هو عدم استثناء قطاع الطيران من قرار المجلس الرئاسي بفرض رسوم على بيع العملات الأجنبية.

كما أعلن المتحدث الرسمي باسم الخطوط الجوية الأفريقية ” عمران الزبادي” لصحيفة صدى الاقتصادية ان شركة الخطوط الجوية الأفريقية ستضاعف أسعار تذاكرها إلى حوالى 3 أضعاف ابتداءً من 1 ديسمبر 2018، نظرا لقرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني رقم(1300) لسنة 2018 الصادر في 12/09/2018 بشأن فرض رسم على مبيعات النقد الأجنبي، وعدم استثناء شركات الطيران من هذا القرار بالرغم من كافة المناشدات المتكررة التي قامت بها الشركات الوطنية منذ صدوره

وقد أثار هذا القرار منذ صدوره ضجة هائلة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي أحاديت المواطنين ومحادثاتهم في الشارع الليبي وحتى على صعيد الخبراء الاقتصاديين، لانه كان قرارا مفاجئا ولعدة اعتبارات وملاحظات اخرى جمعتها لكم صدى في هذا التقرير..

أسعار الوقود والضرائب :

أثار هذا القرار ضجة اعلامية هائلة وصاحب هذه الضجة تعالي أصوات المنتقدين لنص هذا القرار لعدة أسباب أولها انحصر في أسعار الوقود حيث أن أسعار الوقود تعتبر أكبر وأهم المصاريف في شركات الطيران، وعالميا معظم شركات الطيران ان لم تكون جميعها تقوم بدفع أسعار الوقود بأثمان باهضة مقارنة بدولة ليبيا والتي تعتبر من أرخص الدول في أسعار الوقود حيث أن الدولة توفر دعما لهذا الوقود للجميع..

وفي جميع دول العالم تدفع شركات الطيران أكثر من عشرة أضعاف ما تدفعه شركات الطيران الليبية للحصول على الوقود المدعوم، وهذا كان سبب جعل العديد من الخبراء الاقتصاديين والمتحدثين على صفحات التواصل الاجتماعي ينتقدون هذا القرار.

أما السبب التاني يتمثل في أن معظم شركات الطيران العالمية ان لم تكن جميعها تقدم مبالغا لا يستهان بها الى الدولة على خيئة رسوم باهضة وضرائب، أي أنها تزود الدولة بمدخول يعيلها على خلاف شركات الطيران الليبية التي تنتظر دعما من الدولة الليبية في أسعار النقد الاجنبي.

الطيران العالمي والفروقات :

شركات الطيران الليبية ومع قلة عدد الوجهات التي تتجه اليها تدفع مصاريفا أقل بكثير من نظرائها في باقي دول العالم، حيث أنها لا تسافر مسافات طويلة وبالتالي لا تحتاج الى وقود بشكل كبير ولا صيانة متكررة،. بالاضافة الى أن أسطولها الجوي محدود جدا.

في المقابل شركات الطيران العالمية وجهاتها تتنوع تصل الى مختلف دول العالم بعيدة او قريبة حيث تظل الطائرة محلقة لساعات طويلة وتدخل الى صيانات مكلفة وتتزود بوقود غير مدعوم وتدفع ضرائبا ومع هذا وباعتبار الزيادة المعلن عنها أمرا واقعا ستتجاوز أسعار التذاكر في ليبيا خطوطا جوية عالمية وصلت الى تصنيفات جيدة.

حيث أن تكلفة التذكرة من تونس الى أسطنبول ذهاب وعودة هي 174 يورو حسب أسعار اليوم، ومن أسطنبول الى لندن ذهاب وعودة 207 يورو، ومن تونس الى باريس ذهاب وعودة 163 يورو.

اما داخل أوربا فأن الأسعار تنخفض أكثر وبالإمكان مثلا الحصول على تذكرة ذهاب وعودة من روما الى باريس في مقابل 73 يورو، ومن لندن الى أثينا في مقابل حوالي 103 يورو، ومن لندن الى برشلونه حوالي 98 يورو.

قرارات لا مبرر لها :

ومع وجود رسوم باهضة الثمن وضرائب كبيرة تقوم بدفعها شركات الطيران العالمية الى الدول و في ظل عدم وجود دعم للوقود فيها، قامت شركة الخطوط الليبية والافريقية اليوم برفع الاسعار بشكل يتجاوز حتى بعض أسعار الخطوط العالمية التي تتغلب عليها في حجم الخدمات المقدمة وحتى المصاريف مما جعل رفع الأسعار قرار لا مبرر منطقي له في أعين المواطنين بل وحتى الخبراء الاقتصاديون والساسة..

وقد عبر العديد من الخبراء الاقتصاديين عن رأيهم وقد أجمعو على ان هذا القرار لا مبرر له خاصة في ظل غياب المنافسة بين شركات الطيران والخطوط الاجنبية في ليبيا والشركات المحلية حيث أنه لا خيار بديل للمواطن الا السفر عن طريق الخطوط المحلية مهما كان ثمنها، ورأي مجموعة من الخبراء ان الخطوط الليبية استغلت غياب المنافس وضاعفت اسعارها

وستعرض لكم صدى أبرز الاراء التي نشرت اليوم وتناول هذه القضية..

أصوات تنتقد :

بداية كتب الخبير الاقتصادي مختار الجديد والاستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة مصراتة منشورا دعم من خلاله فكرة عدم وجود مبرر لرفع الاسعار على النحو التالي..

“1- ليس هناك مبرر لمنح شركات الطيران استثناء في سعر الصرف ، فمادام الدولار الذي يخرج من المصرف المركزي لغرض شراء الغذاء محمل بالرسوم فالاولى ان يتم تحميل الدولار الذي يخرج من المصرف المركزي لغرض السفر بنفس الرسوم، وليس من حق مواطن ان يسافر على حساب مواطن اخر.
2- في المقابل .. فإننا نرفض ما تقوم به شركات الطيران من استغلال للوضع الراهن في ظل غياب منافسة شركات الطيران الاجنبية والقيام برفع اسعار التذاكر بشكل مبالغ فيه بحجة فرض رسوم على الدولار وعدم منحهم استثناءات على بيع الدولار. “

أما عن الاعلامي المتخصص في الشأن الاقتصادي أحمد السنوسي فقد عبر عن رأيه في هذه الزيادة بطريقة مختصرة ومفيدة حيث قال :

” زيادة أسعار التذاكر للخطوط الليبية هي الخطوة الأولى لإقفال هذه الخطوط .”

كما صرح الخبير الاقتصادي سليمان الشحومي على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بأن الزيادة كانت أمر متوقع حيث قال

 

ارتفاع أسعار تذاكر السفر علي الطيران ( الليبية والأفريقية ) امر متوقع وقد يفتح الباب امام تغيرات في هيكل الأسعار لعدد من السلع والخدمات التي كانت تعتبر ثابته لفترة طويلة ، والسبب كما هو معلن هو تعديل أسعار الصرف والتحول للتعامل بالسعر التجاري الجديد ، يأتي ذلك في اطار تزايد الحديث عن شكل و طريقة تحويل دعم الوقود الي دعم مباشر للمواطن والذي سيعني تحرير أسعار العديد من السلع والخدمات المرتبطة بالوقود وعلي رأسها الكهرباء و ربما نشهد تحول بالزيادة في أسعار النقل الجوي و غيرها مرة اخري وبشكل اكبر .
سيكون علي الحكومة ان تستعد و تعد سيناريوهات معالجة الدعم علي الوقود و ادوات وآليات ضبط الأسعار و المنافسة و تحسين مقدرة الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل علي مواجهة التغيرات التي قد تكون مؤلمة بفترة التحول ، علي الفريق الحكومي و البنك المركزي ان يسارع الي تبني جملة من الإجراءات المصاحبة و يراقب عن كثب تاثيرات التغيرات و يركز علي تحسين العدالة الاقتصادية و الاجتماعية.

وهذه الاعتبارات العديدة والواضحة تضع في أذهاننا تساؤلا هل أصبح المواطن محط استغلال لشركات الطيران الليبية لانها تضمن عدم وجود منافس، هل أصبح غياب دعم الدولة بالنقد الاجنبي امرا يكلف رفع أسعار التذاكر تلاتة اضعاف، هل تحتاج هذه الشركات فعلا لرفع الاسعار أم انها دخلت في موجة الاستغلال والضغط على المواطن الليبي كالعديد من الشركات غيرها..

سؤال يستحق اجابة وافية ولكن أين هي..!