محافظ ونائب فقط.. هل يرسم ذلك سياسة جديدة للمركزي؟؟

1٬036

فى ظل التجاذبات التي تمر بها ليبيا حاليًا وخاصة الأوضاع الاقتصادية التي تتراوح بين مد وجزر وتخبط في السياسات والإجراءات الاقتصادية وفي ظل عدم وجود سياسات واستراتيجيات معتمدة ذات اطار زمني ووعاء محدد، يظل مصرف ليبيا المركزي قبلة الكثيرين باعتباره المصب الذي تتلاقي فيه روافد الاقتصاد وهي النفط والغاز، وباعتباره أيضاً مصدر النفقات جميعاً تسييرية كانت أو تنموية أو خلاف ذلك، وفي غياب اجتماعات مجلس إدارة المركزي تظل كل المفاتيح بيد المحافظ الكبير الذي يحكم قبضته على كل إدارات المركزي فما من شاردة أو واردة إلا بإذنه وتحت سمعه وبصره.

اللافت هذه المرة سعى أطراف السلطات التشريعية خاصةً إلى طلب توحيد المركزي خاصة مع يقينهم بعدم جدوى وجود نظير للمركزي ببنغازي باعتبار أن كل الايرادات السيادية ظلت دوما بيد مركزي طرابلس والسيد الكبير تحديدًا.

هذه المرة سعت الأطراف إلى تسمية نائب المحافظ وهو السيد “مرعي البرعصي” دون تسمية غيره في اطار جهودهم لتوحيد إدارة المركزي، الآمر الذي رحب به الكبير مستقبلاً بمكتبه نائبه الجديد معترفاً بذلك بسلطاته كنائب محافظ وفق الواجبات المناطة بالنائب قانونًا مع قرار مجلس النواب بإدارة المصرف المركزي من قبل المحافظ والنائب منفردان ، وتعميم المركزي على المراسلين الخارجين والمؤسسات الدولية وتحديث موقع المركزي بشطب كافة الأعضاء مع بقاء المحافظ واضافة نائب المحافط للقائمة ..

ويظل التساؤل في ظل غياب حقيقي لمجلس متكامل لإدارة المركزي هل يمكن فعلا حدوث ذلك قانونًا ؟ ثم ما القيمة المضافة من وجود نائب المحافظ دون وجود مجلس إدارة للمركزي؟ وهل بوسع النائب وحده الحد من تغول المحافظ وسلطاته المطلقة!

حيث قال عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي “مراجع غيث” في تصريح خص به صحيفة صدى الاقتصادية بأن القرار الصادر من مجلس النواب بإدارة المصرف المركزي من قبل المحافظ ونائبه وشطب أسماء أعضاء المجلس والتعميم الأخير مخالف للقانون ، حتى لو تحتمه بعض الظروف .

وتابع بالقول: كان بالإمكان تعيين مجلس إدارة جديد حتى ببقاء الكبير كمحافظ للمحافظة على الشكل القانوني للمصرف.

وأضاف بالقول: لأن هناك بعض القرارات لا تصدر إلا بموافقة مجلس الإدارة أي أكثر من 80‎%‎ من القرارات المصرف المركزي تصدر بموافقة المجلس ، متسائلاً عن كيفية إلغاء المجلس وهو منصوص عليه قانوناً أن إدارة المصرف بمجلس الإدارة متكون من 7 إلى 8 أو 9 أشخاص.

وعن إمكانية تخفيض سعر الصرف من قبل المحافظ ونائبه أفاد “غيث” بالقول: من الجانب القانوني لا يستطيعان وهذا آمر منتهي فنحن نتحدث عن مجلس إدارة وبنصاب قانوني وإذا لم يكن العدد 7 يكن 4 بالمحافظ ونائبه لإقرار ذلك ولكن في ليبيا كل شيء قد يحدث.

وحيال توحيد الحسابات والمقاصة قال “غيث” أن توحيد المصرف المركزي وفق خارطة طريق وضعها شركة المراجعة ديلويت التي قامت بالمراجعة وأي إجراءات توحيد بعيدة عن هذه الخارطة هو مجرد دعاية وكل المعلقين وصفوها بأنها مسرحية للأسف .

وتابع بالقول: لأن خطوات التوحيد متواجدة في تقرير المراجعة متسائلاً عن طلب المراجعة والسبب! مطالبة المراجعة تعني تصحيح الوضع وعند توضيح تقرير المراجعة المشاكل وكيفية معالجتها تم التغاضي عنها! 

واختتم حديثه بالقول؛ أي توحيد أو إعادة هيكلة للمصرف بدون تطبيق خارطة الطريق التي وضعتها الشركة هو مجرد در للرماد في العيون .

وقال الخبير المالي “خالد الزنتوتي” حصرياً لصدى الاقتصادية: الآن هللنا جميعاً لإعلان اليوم بإعلان الوحدة بين المركزيين ورحب وسيرحب الجميع ، رحبوا جميعاً بانجاز وحدوي من شأنه الاتفاق على حصتي وحصتك ، وعلى قسمة المعلوم ، وخاصة أن ( المعلوم ) قد تم تحويل جزء منه منذ مدة فصيرة كعربون ( محبة ) ،،الغريب أن لجنة 5+ 5 العسكرية وهي تجتمع منذ ثلات سنوات بهدف توحيد الجيش الوطني وهو من أهم الأولويات ولكن للأسف لم يتفقوا إلى الآن ، فهل سيكون لتوحيد المركزي الآثر الايجابي في توحيد الجيش ، ربما ،،،، طالما تم الاتفاق على قسمة القريشات ،،،،!!!

وأكد بالقول: فالحمد لله والمنة على خطوة توحيد المركزي ( إن تحققت ) لإننا نأمل الكثير من المركزي وخاصة في اطار اعادة هيكلة القطاع المصرفي بالكامل ليؤدي دوره في التنمية ووفقا للمعايير الدولية وارساء قواعد الحوكمة ، فنحن بحق في أمس الحاجة للنهوض بالقطاع المصرفي وتطويره ، حتى يكون له الدور الفاعل في تنويع مصادر دخلنا ومعالجة اختناقاتنا الاقتصادية .

وصرح الخبير الاقتصادي “أبوبكر أبو القاسم” لصحيفة صدى الإقتصادية بالقول: نأمل من إدارة المصرف الإعلان عن الاجتماع بكامل أعضائه، والبدء في معالجة التشوهات التى أحدثتها فترة الإنقسام في المؤسسة النقدية حتى تلعب الدور المناط بها فى أصل سياسة نقدية للدولة الليبية.

وتابع قوله: المطلوب الآن العمل بشكل متسارع على معالجة التشوهات التى أحدثتها الفترة الماضية في السياسة النقدية وكذلك المشاكل المتعلقة بالمنظومة المصرفية بشكل تام، ونعوّل على مصرف ليبيا المركزي في معالجة المنظومة بمجال تطوير نظام المصرفي الليبي حتى يلعب دوره المطلوب،.

وأضاف: المصرف المركزي الذاتي بإعتباره سلطة رقابة وسلطة إشراف له دور كبير فى إصلاح المنظومة المصرفية، وتطويرها بما يتماشي مع العصر خاصةً فى هذه الظروف التى يمر بها العالم ومشاكل مالية وإقتصادية. 

وأضاف: نعوّل على عملية التوحيد لمصرف ليبيا المركزي بأن تكون لها الدور البارز فى إعادة دور مصرف ليبيا المركزي، كسلطة إشراف ورقابة وسلطة تنظيمية للمنظومة المصرفية بالكامل، كذلك نتمنى أن تتوحد السلطة المالية المتمثلة في وزارة المالية بشرقها وغربها، وكذلك السلطة الاقتصادية ووزارة الاقتصاد شرقاً وغرباّ، حتى يكتمل مثلث السياسة الاقتصادية المتمثلة في السياسة النقدية الذي يقودها المصرف المركزي، والسياسة المالية المتمثلة في وزارة المالية والسياسة التجارية المتمثلة في وزارة الاقتصاد ، وبالتالي يكتمل مثلث الهرم الاقتصادي حتى يلعب دور النهوض بليبيا، ونتمنى أن تكون خطوة موفقة والتوجه إلى عصرنة المنظومة المصرفية بالكامل.

وقال الخبير الاقتصادي “عبدالحميد الفضيل” في تصريح خص به صحيفة صدى الاقتصادية: حذر يشوب هذا التوحيد كونه لم يكن الأول من نوعه خلال السنوات الماضية ، مضيفاً أن لجنة المراجعة الدولية (شركة دوليت) التي قامت بمراجعة حسابين المصرفيين إقترحت خارطة طريق بأربع أو خمس مراحل من أجل التوحيد.

وكشف الفضيل عن التخوف من أين يحدث ذات الشئ وخاصة أن الانقسام في المؤسسات الاقتصادية هو نتيجة الانقسام السياسي الذي لازال موجود.

وأفاد قائلاً: نأمل أن تكون هذه المرة مختلفة عن سابقها كون هذا التوحيد متزامن مع اللجنة التى شكلها المجلس الرئاسي بخصوص مراقبة وتوجيه الإنفاق العام.

وتابع: قد يكون هذا الإعلان خطوة استباقية لتعديل وزاري يقضي إلى حكومة واحدة وهى عبارة عن توقعات، مضيفاً بالقول: نأمل أن يصاحب هذا الإعلان إجراءات حقيقية على أرض الواقع وإلا سيظل مثله مثل الإعلانات السابقة مجرد حبر على ورق. 

وأفاد بالقول: لو اجتمع مجلس الإدارة بعد آخر اجتماع في سنة التي تليها نستطيع القول أن هذا التوحيد صاحبته إجراءات واقعية وملموسة..

أما الخبير الاقتصادي” إدريس الشريف” فقد تساءل في تصريح حصري لصحيفة صدى الاقتصادية بالقول:
1: هل تم فعلا توحيد منظومة مصرف ليبيا المركزي بين الشرق والغرب ؟
2 – هل تم أو سيتم توحيد أرصدة المصارف التجارية بين الشرق والغرب ؟
3 – هل تم أو سيتم فتح المقاصة بين فرعي المصرف المركزي في الشرق والغرب ؟
4 – هل تم أو سيتم معالجة وتوحيد الدين العام الحكومي المترتب في الشرق والغرب ؟
5 – هل سيتم دعوة مجلس الإدارة للانعقاد بكامل أعضائه للاجتماع – وبشكل دوري – لممارسة إختصاصاته حسب القانون وإنهاء التفرد بإدارة المصرف المركزي والذي إستمر لأكثر من عقد من الزمن ؟

أما ما يهم المواطن في ليبيا عموماً وبشكل أكبر في المناطق التي عانت من الحصار المالي والنقدي المصاحب للانقسام ، فهو كيف سيؤدي هذ التوحيد إلى حل مشكلة السيولة الخانقة وتوفير العملة الاجنبية في فرع المصرف المركزي بنغازي وفروع المصارف التجارية بهذه المناطق ؟

واختتم حديثه بالقول: وطبعاً معالجة مشكلة إنخفاض القوة الشرائية للدينار الذي إنعكس على إنخفاض دخول المواطنين الحقيقية ، وسيكون الحكم ( سلباً أو ايجاباً ) على بيان التوحيد بناء على الإجابة الصريحة على كل هذه التساؤلات.

وقال أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية “أ.د. عمر عثمان زرموح” في تصريح خص به صحيفة صدى الاقتصادية حيال إعلان توحيد المركزي أن الثقة في إعلان أغسطس لم تعد كاملة والتفاؤل لم يعد كبيراً إذا ما قيس بالإعلانات السابقة المشابهة عليه لابد لتعزيز الثقة في هذا الإعلان من تقديم خطوات عملية واضحة للجميع لا مجال فيها لاستخدام كلمة “سوف” ومن أهم هذه الخطوات العملية التي يجب أن نراها  سريعاً ما يأتي:

مشكلة العملة المطبوعة في روسيا، وتفعيل وحدات الإمتثال بالمصارف التجارية وأن تتحمل هذه المصارف مسئولية مخالفتها لسياسات مصرف ليبيا المركزي التي حددها قانون المصارف المشار إليه.

وأن نشاهد عملياً حلاً واضحاً لمشكلة المقاصة ومشكلة السيولة لدى كافة المصارف التجارية الممتثلة.

 أن تخفف فوراً القيود على التحويلات الخارجية وخاصة في مجال الاستيراد وعلى الأخص نسبة التأمين النقدي والعمل على اختصار بعض حلقات الروتين الإداري غير المبرر.

والعمل الفوري على إعادة تشكيل مجلس الإدارة طبقا للمادة رقم 17 من قانون المصارف ، والعمل الفوري على عقد اجتماعات مجلس الإدارة مرة واحدة على الأقل شهريا بدلا من اجتماع واحد فقط خلال 9 سنوات، والعمل الفوري على عقد اجتماعات لجنة السياسة النقدية مرة واحدة على الأقل كل ربع سنة بدلا من صفر اجتماع منذ 7 سنوات.

كما قال المستشار الاستثماري “منذر الشحومي” بخصوص توحيد مصرف ليبيا المركزي وإستلام نائب المحافظ مهامه بمكتبه في طرابلس، تعد خطوة في الإتجاه الصحيح بعد تعميم مصرف ليبيا المركزي للبنوك المراسلة، والبنوك التي لها علاقة للعمل بليبيا بالتغيرات التي حصلت، وبدء عمل اللجان بحسب ماتم تسريبه بدعم اللجان في توحيد الإدارات المعنية حسب خطة مدروسة.

وتابع بالقول بخصوص موضوع الأعضاء مجلس الإدارة حيث أنه لم شطب أي أحد، بل هم قاموا بالإستقالة ،وحسب قانون المصارف الليبي قانون 1 لسنة 2005، وتعديلاته في سنة 2013 بشأن تعيين أعضاء مجلس الإدارة يكون من قبل رئاسة البرلمان بعد التشاور مع المحافظ، فنتمني أن يتخذ البرلمان هذه الخطوة والتشاور مع المحافظ لتسمية أعضاء مجلس إدارة آخرون بديلاً عن أعضاء مجلس الإدارة الذين إستقالوا، ليكتمل النصاب .

وأفاد بضرورة التواصل بين الجهاز التنفيذي والجهة التشريعية، لأن أحد أعضاء مجلس الإدارة مكلف من قبل وزارة المالية كعضو مجلس إدارة بصفته الوظيفية وليس بصفته الشخصية.

ختاماً؛ ومع قيام شركة ديلويت للأعمال المالية بإعداد خارطة طريق للمركزي ومن ثم تلكؤ المركزي بتنفيذ تلك الخارطة، وفي ظل وجود فساد مالي وإداري كبير بعدد من مجالس ومدراء المصارف التجارية الآمر الذي جعل المركزي يقوم بحل تلك المجالس واعادة تسمية المدراء العامون لتلك المصارف ومع وجود حالات متعددة منها لدى النائب العام.

وفي ظل اقفال غرفة المقاصة مع مصارف المنطقة الشرقية، وتزايد اهتزاز ثقة العملاء بالمصارف، ومع وجود قيود دولية على الحوالات الصادرة والواردة إلى ليبيا ، يظل التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة أليش من الأفضل تشكيل مجلس إدارة متكامل نزيه وفعال وذو خبرات مصرفية دولية مشهود لها يعيد الأمور إلى نصابها ويضمن حقوق البنوك والعملاء ويقر به الجميع دون محاصصات ولا مجاملات ولا واسطات؟؟

ثم اليس من الحكمة إسناد الأمور إلى اهلها حتى على صعيد مجالس إدارات المصارف التجارية فالمركزي حسب تعريفه هو مصرف المصارف ولكي تستقيم الأمور على الدولة اعادة بناء نظامها البنكي ورسم سياساتها النقدية وفقاً لرؤى استراتيجية تحدد ذلك، ثم ألا ترون أن الوقت قد حان وأن مرور أكثر من عقد من السنوات في تخبط آن له أن ينتهي؟ أم أن الطريق مازال طويلاً ولازلنا نسير في ذات النفق ؟؟