“الحضيري” يكتب مقالاً بعنوان: لغط وعبث أنهك قطاع النفط

812

كتب: الخبير القانوني في مجال النفط “عثمان الحضيري” مقالاً

تثار العديد من التساؤلات من البعض، ويخلط البعض الأخر الكثير من المعلومات حول مهام وزراة النفط والمؤسسة وذراعها إدارة (التسويق الدولي) وتبعيتها ونشاطها وعملياتها الأمر الذي دعاني لكتابة هذه الأسطر لعلها تلقي الضوء حول الموضوع .

منذ قرار حل شركة البريقة للتسويق الدولي في أكتوبر 1990 ودمجها (كإدارة عامة بمؤسسة النفط) بناءً على قرار اللجنة الشعبية العامة أضحت تحت الإشراف المباشر من رؤساء المؤسسة المتعاقبين ولا علاقة لوزارة النفط بنشاط التسويق أو تحديد الزبائن أو جداول الشحن أو حتى تسمية موردي المنتجات أو مصافي التكرير وهذه الاختصاصات محددة مسبقاً وتم الاتفاق عليها في الهيكلية الإدارية للمؤسسة منذ تاريخ الدمج كمحاولة جادة لجعل المسؤولية واضحة ومحددة لحساسية الإدارة وتعاملاتها ،،، ولذا لايمكن لأي رئيس لمؤسسة النفط في أي مرحلة من المراحل التنصل من مسؤولياته المتعلقة باعتماد الزبائن وبرامج الشحن وتسوية غرامات التاخير، وإضافة أي زبائن جدد، ناهيك عن الحسابات التجارية وعلاقتها بالمصرف الخارجي .

ومن جانب آخر ذا صله فإن إدارة القياس والتفتيش بالحقول والموانىء النفطية والمقررة بقانون النفط رقم 25 للعام 1955 تتبع حاليا
وبخلاف القانون للمؤسسة مما يضيف عليها مسؤولية أخرى كانت في الأساس لوزارة النفط، والتي لها العلاقة المباشرة بتحديد معدلات الإنتاج اليومي والتفتيش والقياس من الحقل والميناء وحتى ذراع الشحن على السفينة،
أن هذا الخلط يلقي بأعباء ومسؤوليات قانونية إضافية على المؤسسة يجعل منها حكما وخصما بسبب تبعية هذه الإدارة (السيادية مجازاً).

ومن بين الاختصاصات التى حددها لها القانون الآتي:
ا – التأكد من دقة قياس الزيت والغاز والمنتجات النفطيه في الموانئ والحقول والإشراف على معايرة مستودعات التخزين وأنابيب المعايرة وتحقيق العدادات طبقا للمواصفات الموضوعه من الهيئات العالميه ، ونظراً لذلك (تم توريط السوق الليبية بالبنزين المغشوش والقضية التى يعرفها القاصي والداني) وادانة المدير العام السابق للادارة التسويق الدولي المحكوم جنائياً.

ب – الإشراف على وسائل القياس المستعملة في قياس الزيت الخام في الموانيء والحقول وتعيين المنحنيات اللازمة لمتابعة سلوك العدادات والتي تؤثر في دقة القياس، والتأكد من قيام الشركات بأعمال الصيانه العدادات والخزانات وأنابيب المعايرة لتحقيق دقة القياس، واعتماد مثل هذه الوسائل في القياس.

ج – إعداد الإحصائيات المتعلقة بالصادرات والكميات التي تم ضخها عبر الخطوط وعدد العدادات المستعملة في القياس وأنواعها ومستودعات التخزين وأنواعها وسعتها وأنابيب المعايرة المتوفرة وأنواعها ،،،،،،، الخ

د -الاحتفاظ بخرائط منشآت التخزين بالموانيء والحقول وجميع مسارات خطوط الأنابيب ،،،،،،،،،الخ

هـ – إعداد الإحصائيات الخاصة بعدد الناقلات وأحجامها التى تتردد على الموانيء النفطية والاحتفاظ بوثائق الشحن ووثائق المعايرة وغيرها من الوثائق الأخرى .

و – متابعة النشرات التي يصدرها معهد البترول الأمريكي والهيئات الاخرى، فيما يتعلق بتشغيل العدادات وأنابيب المعايرة ومستودعات التخزين وتعيين الخواص الطبيعية والكيماوية للزيت والغاز وأية وثائق أخرى تتعلق بالتدقيق في القياس وتعيين هذه الخواص .

وأورد ذلك توضيحاً لاي لبس قد ينتاب البعض في ظل اللغط الحاصل بين بعض الجهات الرقابية والحكومية وإعطاء الوضع الشفافية الكاملة، وإن الهروب اليوم من المسؤولية وإلقاء اللوم على آخرين خذلان للمنصب والوظيفة .

السؤال ما سبب هذه المشكله ؛-
أولاً؛- عدم توفر قدرات فنية وقانونية قادرة على متابعة نشاط المؤسسة وشركاتها فنياً ومالياً وقانونياً، نظراً لغياب إدارة أو قسم للقياس والتفتيش قادر على حماية المصالح الوطنية بالحقول والموانىء .

ثانياً؛- ضعف القدرات الإدارية للمؤسسة وشركاتها سواء على مستوى الإدارة العليا للمؤسسة أو الإدرات الفنية والمتخصصة .

ثالثاً- الضعف الهيكلي للموسسة وضرورة إعادة الهيكلية السابقه والتي تؤكد على أهمية الإدارة العامة للمشاركة ومتابعة العمليات لتشعر الإدارات بالشركات النفطية بأنها تحت المتابعة أولا بأول .

رابعاً؛- الاختيار الدقيق للمدراء على مستوى الإدارات ذات الطبيعة الفنية (الإنتاج، الحفر، الاسترداد الإضافي، الصيانة، وغيرها،)

خامساً؛- غياب الأجهزة الأمنية والجمركية ذات الطابع المهني والتخصصي القادرة على مراقبة أي تجاوزات أو مخالفات قد تحدث وإبلاغها لذوي العلاقة في الوزارات المختلفة (نفط، مالية، داخلية، أمن عام، وما شابهها) وللعلم أن النظام السابق أوجد 11 جهاز أمني بتلك المنشآت للإبلاغ عن أي انحرافات مسلكية أو مهنية يشعر معها من يحاول التعدي على أملاك الدولة بأنه تحت الرقابة السابقة واللاحقة بالحقول والموانيء النفطية.

سادساً؛-
أن الخلط بين اختصاصات وزارة النفط ومؤسسة للنفط، يشكل عقبة لنجاح هذا القطاع الاستراتيجي، لكي لاتكون حكماً وخصماً في ذات الوقت، على المؤسسة ونكرر ممارسة الدور الفني والتجاري فقط، وما يجرى الْيَوْمَ يعد مخالفة صريحة لقانون النفط ولكون المؤسسة أداة فنية تجارية قابضة حسب قانون إنشائها مما يتحتم معه وقف هذا التداخل، حيث أن دور وزارة النفط الإشراف والمتابعة الدقيقة والرقابة فيما يتعلق باستثمار الثروة النفطية وذلك في إطار السياسة العامة للدولة والذي يكفل سيادة الدولة على ممتلكاتها، ولحماية مقدرات الشعب الليبي وثروته من أي إهدار أو تلاعب، وتقارير ديوان المحاسبة منذ العام 2017 واضحة بهذا الخصوص .

وإذا تمعن المهتم بِما ذكر أعلاه نذكر بغياب عمليات التفتيش للمنتجات النفطية الموردة للسوق الليبي للعديد من الشحنات والتي يجب أن يقوم بها (شركة تفتيش مستقله تؤكد صحة ومطابقة المواصفات المتعاقد عليها) سواء في ميناء الشحن وميناء التفريغ بليبيا، وهذا يتطلب القدرات الفنية والثقة العالية لمثل هذه الشركات، وينتابني الشك في مطابقة هذه الشحنات للمواصفات المتعاقد عليها، وإلا لماذا حرائق السيارات التي نشاهدها كل يوم تقريبا في شوارعنا وحتى في السيارات الحديثة نسبياً، سؤال يحتاج إلى إجابة ومتابعة !!

وفي سياق متصل بموضوع المقايضة وتبادل الخام بالمنتجات نورد مايلي:

تقوم المؤسسة الوطنية للنفط (عندما كانت وطنيه حقاً)، بمخاطبة وزارة النفط بشأن تقييم حالة السوق والحاجة إلى توفير المنتجات والتي بدورها تقوم بمخاطبة (اللجنة الشعبية العامة) وتقدم تقريراً عن السوق المحلي وحل مختنقات عدم توفر كميات ما يسمي (البنزين والنافتا) حيث تقوم الاخيرة في الماضي بإصدار الموافقة على تكرير شحنتين من النفط الخام في مصافي محددة بالبحر المتوسط غالبا ما يملكها شركاء (شركات حكومية عالمية) تفاديا لأي سمسرة، أما الآليات الفنية لتطبيق ذلك تعرفها المؤسسة جيداً ولا يمكن لعاقل أن يدعي غير ذلك والمقصود مما ذكرنا أن وزارة النفط ليست طرفاً في الآلية الفنية أو التجارية لعمليات المبادلة أو المقايضة وهو اختصاص أصيل لمؤسسة النفط وذراعها (إدارة التسويق الدولي) سيئة الصيت .

أن هذا الخلط والهروب من المسؤوليات من طرف إدارة المؤسسة الحالية في شتى النقاط المذكورة (تسويق وقياس وتفتيش) إلا دليل إدانة واضحة وجرائم ثابتة ومستمرة ويحاول أن يقذف بها ظلماً وزورا على وزارة النفط التي ناشدت في العديد من مراسلاتها بضرورة (قيام الوزارة بدورها وفق قوانين إنشائها وإعادة تنظيمها) والعمل على إعادة تبعية الادارة للوزارة لكي يكتمل دورها السيادي، وإن احتفاظ المؤسسة بهذه بإدارة القياس والتفتيش إلى اليوم ورّط الدولة في العديد من المسائل التي ذكرناها ولتفادي هذا التضارب والتناقض على صاحب القرار الاعلى القيام وفورا ؛-

بالاتيان بالكفاءات والخبرات الفنية والإدارية والقانونية التي يمكنها وضع الآليات المناسبة وفق القانون وضرورة تمكين تلك الكفاءات لإدارة مؤسسة النفط إذا كنا صادقين في إعادة قطاع النفط لمساره الصحيح، وبالله التوفيق .