المصارف تواجه تحدي تقديم الخدمات في ظل أزمة “كورونا”

297

مع استمرار حالة الطوارئ التي فرضها فيروس كورونا المستجد، يتعين على المصارف التجارية في جميع أنحاء البلاد تقديم خدماتها للمواطنين عبر توفير السيولة سواء كانت نقدية أو عبر البطاقة الائتمانية، خلال الأيام والأسابيع القادمة بكثير من التحديات والمخاطر.

وفي ظل الأزمة التي خلفها تأخر صرف المرتبات بعد انقظاء ثلاثة أشهر تقريباً من العام 2020، يبدوا أن هناك أزمة أخرى تلوح في الأفق سيكون ضحيتها المواطن كالعادة في بلاد تعددت أزماتها ونتائجها واحدة.

تواجه المصارف التجارية في الوقت الراهن صعوبات وتحديات تضاف إلى أزمتها السابقة المتمثلة في نقص السيولة المالية. لكن هذه المرحلة تختلف عن المراحل السابقة حيث أن على المصارف توفير السيولة دون إحداث تجمعات بشرية أمام أبوابها في مشهد لطالما اعتدنا عليه قبل وقت قريب.

فرض فيروس كورونا على الدولة إجراءات احترازية من خلال إغلاق المنافذ وإيقاف الحركة جزئيا عبر قانون حضر التجول، إضافة إلى منع التجمعات البشرية التي تعتبر بيئة مناسبة لتفشي الفيروس.

ولكن مقابل ذلك، بقيت المصارف التجارية مطالبة بضرورة توفير السيولة للمواطنين الذين ينتظرون مرتباتهم منذ أشهر، مع حدوث قفزة في أسعار أغلب المنتجات بالسوق المحلي بسبب تأثير الأزمة.

ومع اكتشاف أولى الحالات المصابة بفيروس كورونا، من المتوقع أن تذهب المصارف في اتجاه التخلي عن النقود الورقية من خلال الاعتماد على البطاقات المصرفية التي فشلت سابقا باستغلالها بشكل جيد في ظروف كانت ملائمة إلى حد كبير.

“ديلفري”

تحاول المصارف الواقعة في شرق البلاد تحدي جميع الظروف غير الملائمة من خلال توفير جزء محدود من الأموال الخاصة بالمواطنين وإرسالها لهم في منازلهم إضافة إلى طرق أخرى تبدو معقدة وغير قابلة للاستمرار.

أظهرت أحداث اليومين الماضيين في مدينة بنغازي عاصمة شرق البلاد، أن المصارف عاجزة تماماً على توفير المخصصات المالية للمواطنين سواء كانت مرتبات أو غيرها، بعد وقوع حالات تدافع أوضحت أن تطبيق معايير حالة الطوارئ بسبب كورونا في غاية الصعوبة.

وقال عضو مجلس إدارة المصرف المركزي ببنغازي مراجع غيث، إن التحول إلى النظام المصرفي الإلكتروني هو الحل الأمثل لمواجهة الأزمات والظروف الخارجة عن الإرادة كما هو الحال في أوضاع الطوارئ المفروضة.

وأوضح مراجع في حديث لصحيفة صدى الاقتصادية، بأن على المصارف التجارية إيجاد حلول تمكن المواطنين من الحصول على أموالهم دون إحداث تجمعات بشرية كبيرة أمام أبوابها.

عضو مجلس الإدارة في مركزي بنغازي يتوقع المزيد من التحديات التي ستواجه المصرف في حال استمرت الأزمة، نتيجة حالة الهلع التي أصابت الشعب بسبب فيروس كورونا، مؤكدا توفر السيولة في المصارف الشرقية على عكس ما يروج البعض.

حلول واقعية

في غرب البلاد، على ما يبدو فإن الوضع المالي والاقتصادي للمواطنين يعتبر جيد في حال ما قورن بالأوضاع التي تشهدها المناطق الأخرى.

اضطرت المصارف التجارية في بلديات المناطق الغربية إلى التعاون والتنسيق مع المجالس البلدية ومخاتير المحلات من أجل المساعدة في تسليم مرتبات العاملين في القطاع الحكومي إضافة إلى المعاملات الأخرى تفاديًا للتجمعات وتطبيقًا لقوانين الطوارئ.

وقال عميد بلدية غريان التي لاتزال آثار الحرب تلقي بضلالها على المدينة، إنهم يحاولون توفير الأموال عبر التواصل مع المصرف المركزي بطرابلس خلال الفترة الحالية.

وأضاف يوسف البديري في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية، بأن البلدية ساعدت المصارف عبر مخاتير المحلات للتواصل مع المواطنين وإعطاهم مرتباتهم في ظل القيود المفروضة نتيجة حالة الطوارئ.

ومن المتوقع أن تقوم المصارف الواقعة خارج طرابلس باتباع نفس الأسلوب الذي يمكن أن يساعد في حصول المواطنين على أموالهم دون إحداث تجمعات بشرية ضخمة.

خيارات محدودة

لا تبدو الظروف مواتية للمصارف التجارية الواقعة في العاصمة العاصمة طرابلس، حيث تعتبر المدينة من بين أكثر المناطق الآهلة بالسكان في البلاد، ومع استمرار الحرب وتطبيق خطة الطوارئ تبدو خياراتها محدودة لتوفير المرتبات والخدمات الأخرى.

وكخطوة استباقية قام مصرف الوحدة بتشكيل فريق عمل سيحاول التواصل عن بعد مع كافة زبائن المصرف غير المشتركين بخدمة “الموبي كاش” لتفعيلها لهم في خطوة يمكنها أن تخفف الضغط على المؤسسة المالية.

وقال متحدث باسم المصرف في وقت سابق لصحيفة صدى الاقتصادية، إن خدمة “الموبي كاش” ستفعل في جميع المحال سواء الخضراوات أو الغذائية والصيدليات والمستشفيات والمصحات الخاصة التي تعمل 24 ساعة في فترة الحظر أو غيرها.

وأضاف أحمد التركي بأن المصرف اتخذ إجراءات أخرى بناءً على تعليمات المدير العام والتي ستسمح للمواطنين بسحب ما قيمته 400 دينار على المكشوف بخدمة الموبي كاش حتى بدون امتلاكهم لأموال مرتباتهم المتأخرة.

ورغم ما سبق، فمصرف الوحدة من بين أكثر المصارف التي تدنت خدماتها في عدة مدن وبلدات حيث لاتصل السيولة النقدية إلى فروعه سوى في مرات معدودة، إضافة إلى أن تلك المدن والمناطق البعيدة عن طرابلس لا تنتشر فيها آلات الدفع المسبق أو الإلكترونية مما يجعل زبائن المصرف في يواجهون أزمات الحياة بدون أموال كافية.

من جهة أخرى، يواجه مصرف التجارة والتنمية بطرابلس صعوبات متعددة، فالمصرف الذي يتواجد مجلس إدارته في بنغازى لايملك السيولة النقدية الكافية لصرف مرتبات المواطنين خلال هذه الفترة.

وقال مصدر موثوق من المصرف لصحيفة صدى الاقتصادية، إنه اكتفى باتخاذ الإجراءات اللازمة المعمول بها لمواجهة خطر فيروس كورونا، مع محاولات لزيادة تفعيل خدماتهم الإلكترونية وتقديم بعض الخدمات الأخرى.

بدوره، قال المصرف المركزي في طرابلس إنهم عمموا القوانين الخاصة بحالة الطوارئ، مع تقليص ساعات العمل وتوفير السيولة للمصارف عبر البطاقات وتفعيل آلات السحب الذاتي، دون اتخاذ قرارات جريئة في ما يشبه الاعتذار عن تأخرهم في صرف المرتبات خلال الشهرين الماضيين.

وعلى الرغم من التأثير الكبير الذي أحدثه تأخر صرف المرتبات طيلة المدة الماضية، يرمي مركزي طرابلس الكرة في ملعب المصارف التجارية للتعامل مع الأزمة التي تمر على البلاد.