حبارات: توضيح حول قاعدة شمولية الميزانية العامة وأقر غيابها على قيمة الإيرادات النفطية وتكلفة فاتورة دعم المحروقات

477

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي والاجتماعي مقالاً

قاعدة شمولية الموازنة أو الميزانية العامة تعني لنا ، هي أن تظهر في وثيقة أو بيان الميزانية العامة كافة تقديرات النفقات الإيرادات العامة دون إجراء مقاصة بين الإثنين أي بين النفقات والإيرادات .

فهذه القاعدة تهدف إلى أن يسجل بالتفصيل في وثيقة الميزانية أو بيانها كل تقدير بنفقة وكل تقدير بإيراد دون إحداث مقاصة بين نفقات أحد المرافق ( وزارات ، هيأت ، مؤسسات ) وبين إيراداته .

وهذه القاعدة متبعة ومطبقة في كافة دول العالم بوجه عام نتيجة لإتساع دائرة حقوق البرلمانات والأجهزة الرقابية في الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وبما يسمح بمحاربة ظاهرة الهدر والإسراف الحكومي في الإنفاق .

أي بإختصار قاعدة شمولية أو عمومية الميزانية العامة تعني إنه يجب جباية كافة الإيرادات وتوريدها أولاً إلى الحسابات المخصصة لها ثم الصرف منها وفق لقانون الميزانية ولا يجوز إستخدام تلك الإيرادات في إجراء أي مدفوعات مباشرةً قبل توريدها .

لكن للأسف هذه القاعدة المهمة أصبحت غير متبعة لدينا من قبل وزارة المالية والمركزي رغم إنه لا توجد ميزانية في الأصل حتى يتم قياس مدى الإلتزام لها .

حيث أعتاد المركزي ووزارة المالية منذ العام 2021 م على إجراء المقاصة بين قيمة أيرادات النفط و تكلفة إستيراد المحروقات التي تتم خصماً من باب الدعم .

فقيمة الإيرادات النفطية لم تعد تظهر ببياناتهما بالقيمة الإجمالية بل تظهر بقيمتها بعد خصم تكلفة فاتورة الوقود ، في حين تكلفة هذه الفاتورة لم يعد لها ظهور وهذا إجراء مخالف لقاعدة شمولية الميزانية ويعرض حصيلة الإيرادات النفطية وفاتورة الوقود للهدر والإسراف .

فاليوم المواطنين لم يعد يعرفوا قيمة الايرادات النفطية الفعلية التي يروا إنها إقل بكثير مما يجب في ظل كميات الانتاج اليومي والأسعار السائدة ، كما إن إنهم لم يعد يعرفوا قيمة فاتورة الوقود التي أختفت من تلك البيانات .

ولعل بياني المركزي ووزارة المالية عن الإيراد والإنفاق عن الربع الأول من العام الحالي ( مرفق صورة ) كشفا حقيقة ذلك،
فبيان المركزي أظهر قيمة إيرادات مبيعات النفط ب 14.300 مليار دينار أي ما يعادل 3.190 مليار دولار فقط وقيمة أتاوات نفطية ب 800 مليون دينار أي ما يعادل 178 مليون دولار ، وأظهر قيمة ضرائب وأتاوات مستحقة عن سنوات سابقة بقيمة 10.300 مليار دينار وبما يعادل 2.300 مليار دولار ، في حين أظهر قيمة باب الدعم ب 3.300 مليار دينار فقط وهذه القيمة بالتأكيد لا تشمل قيمة فاتورة الوقود بل جلها تمثل قيمة علاوة الابناء والزوجة وتكلفة الأدوية التي يتم إستيرادها من خلال جهاز الإمداد الطبي .

وبيان وزارة المالية الصادر اليوم لم يخرج عن بيان المركزي فهو لم يفصح أيضاً عن أسباب إنخفاض قيمة الإيرادات النفطية عن الربع الأول من العام الحالي رغم ثبات معدلات الانتاج عند 1.200 مليون برميل يومياً في المتوسط وإستقرار الإسعار ما بين 80 ، 75 دولار للبرميل في المتوسط .

وفي المقابل لم يعد أحد يعرف كم تكلفة فاتورة الوقود بسبب إجراءات المقاصة المخالفة لقاعدة شمولية الميزانية ولقانون نظام المالي الدولة واللوائح الصادرة بمقتضاه .

وفي الختام من المؤسف جداً ونحن في العام 2023 م والإيرادات العامة والإنفاق العام يدارا بطريقة غربية لم يسبق لها مثيل .