حبارات يكتب: إعادة النظر في سعر الصرف معضلة تحتاج لحل

215

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

دائماً غياب التنسيق وعدم تناغم السياسات بين الحكومة والمركزي يؤدي إلى نتائج سيئة على الاقتصاد يتحمل تداعياتها المواطنين .

فعندما خفض المركزي قيمة الدينار الليبي عند 4.48 فيما سمي حينها بتوحيد سعر الصرف كان يهدف المركزي من ذلك وبالدرجة الأولى للحفاظ على ما تبقى من إحتياطي النقد الأجنبي الذي خسر قرابة ‎%‎50 من قيمته التي سجلها في مطلع 2012 م ، وكان يهدف أيضاً إلى توفير مصادر تمويل بديلة لتمويل الميزانية العامة وذلك بعد أن ناهز الدين العام المصرفي ( السلف المالية ) قرابة 153 مليار دينار ، كما سيسمح له ذلك القرار إطفائه لقيمة ذلك الدين مستقبلاً عبر أعادة تقييم اصوله طبقاً للمادة (37) من قانون المصارف .

ولم يكن يهدف المركزي من ذلك القرار إلى إنعاش الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة المواطنين ورفع دخولهم و لا إلى تحسين ميزان المدفوعات عبر دعم الصادرات و غيرها .

الحكومة من جانبها أستغلت أنذاك ذلك القرار وأعتبرته ذريعة لزيادة إنفاقها العام الذي تضاعف بما يقارب من ‎%‎100 عن مستوياته في 2019م وذلك بعد أن ناهز قرابة 86.000 مليار دينار خلال 2021 م .

مع سريان نفاذ القرار في مطلع 2021 م تزايدت وأتسعت ركعة الإعتصامات والاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد للمطالبة بزيادة المرتبات وشملت قطاعات وجهات وذلك بعد أن نأكلت القدرة الشرائية لدخول ومرتبات المواطنين ومدخراتهم جراء تخفيض قيمة الدينار .

الحكومة من جانبها استجابت لمعظم تلك المطالب وشرعت في زيادة مرتبات جهات عدة وهي اليوم في صدد زيادة مرتبات باقي الجهات في إطار الجدول الموحد .

اليوم معظم المواطنين إن لم نقل جلهم يشتكون من إرتفاع سعر الدولار ويرونه سبب مباشر في إرتفاع معدلات التضخم ويطالبون بتخفيضه .

المشكلة أو المعضلة و التي قد لا يدركها الكثيرين هي إن تخفيض سعر الدولار لا يمكن في ظل زيادة الإنفاق العام خاصةً المتعلق بالمرتبات فزيادتها أصبحت حقوق مشروعة ومكتسبة لأصحابها ومكفولة بموجب القانون .

ومن ثمة تخفيض سعر الدولار يتطلب أولاً إعادة النظر في حجم الإنفاق العام بما فيها الزيادات المقررة للمرتبات إما بتخفيضها أو حتى إلغائها لإن تخفيض سعر الدولار مثلاً عند 3.5 للدينار في ظل تزايد الإنفاق العام يعني من جانب أخر تسريع لإستنزاف الإحتياطي الأجنبي لدى المركزي والعودة للمربع الأول وحينها سيكون الطلب على النقد الأجنبي يفوق بكثير العرض منه ما يعني تفاقم العجز في ميزان المدفوعات خاصةً في ظل تعثر إنتاج النفط و تقلب أسعاره، وهذه للاسف حقيقة يجب علينا الإعتراف بها .