سوء إدارة مسؤولي فبراير قد تضع 9 مليار جنيه استرليني رهينة التصرف بحجة إغلاق ملفات سبتمبر

2٬208

للوهلة الأولى سيدور في ذهنك إذا ما سمعت عن فوضى ما بعد الثورات صور الاقتتال والاحتراب والنزاعات المسلحة، التي عايشناها ولازلنا نعيش تفاصيلها يوماً بعد يوم.

غير أن تلك الحقيقة لا تكتمل إلا بوجهها الآخر، الوجه الذي ترتكز عليه كل بواعث الصراعات، وجُلّ إن لم يكن كل منطلقات النزاعات، حقيقة يجسدها المال المحرك الأساس لجعل جماعات بعينها تتلبس بالأيديولوجية، وأحزاب تدعى الدمقرطة ودول تشترك في صنع الأحداث.

والأهم من ذلك، مسؤولين تتشابك مصالحهم مع كل الكيانات، ليرسموا، عن جهل أحيانا، وعن خبث وطمع أحايين كثيرة، سلسلة من سلاسل تلك الفوضى، فتقتنص تبعا لذلك أطراف دولية الفرصة لتفوز بما عجزت عن تحصيله طيلة سنوات.

وتطالعنا في خضم ذلك بعض الصحف العالمية عن قرب موافقة مجلس اللوردات البريطاني على مشروع قرار بشأن تعويضات هجمات الجيش الآيرلندي لتصبح 9.5 مليار جنيه استرليني من الأموال الليبية المجمدة في المصارف البريطانية رهينة ذلك القرار.


تسعة مليارات جنيه استرليني بين الدبلوماسية والفوضى

ذكرت صحيفة “الإنديبندنت” البريطانية في عددها الصادر بالأمس أن مجلس اللوردات البريطاني في طريقه للموافقة على مشروع قرار بشأن تعويضات هجمات الجيش الجمهوري الآيرلندي استخدمت فيها أسلحة وذخائر ليبية بحسب الصحيفة.

وجاء في تقرير الصحيفة اللندنية أن مجلس اللوردات، أحد مجلسي البرلمان البريطاني، كان قد قدم له اللورد “لدسكن” قبل سنتين مشروع قرار بشأن التعويضات، وأن المجلس قد أوشك فعليا على إقرار تشريع لإنشاء صندوق تعويضات لأسر ضحايا الهجمات، معتمدا في ذلك على أصول ليبية بعد ما تراجعت وزارة الخارجية عن محاولة عرقلة إقرار التشريع.

 يشار إلى أن المحاولات طيلة السنوات السابقة قد باءت بالفشل، بعدما دخلت دبلوماسية النظام السابق على الخط، وباشرت في تسوية تلك الملفات ومن ضمنها ملف تعويضات أسر ضحايا الجيش الآيرلندي، والذي اتهم فيها النظام السابق في ثمانينات القرن الماضي بدعمه بالأسلحة والذخائر ومتوصلا لتسوية مرضية للطرفين، لا سيما خوف السلطات البريطانية حينها من مطالبة السلطات الليبية بفتح ملف الغارات الأمريكية على طرابلس وبنغازي والتي انطلقت من قواعد بريطانية، والمطالبة تبعا لذلك بتعويض الضحايا والمتضررين.

غير أن فوضى سلط الأمر الواقع في ليبيا أماط اللثام عن انهيار المؤسسات فسال لذلك لعاب الطامعين وبادروا بتحريك الدعوات علهم ينجحون في جمع بعض الأتاوات حتى وإن كانت برسم المليارات.

فريزر يستميت والمسؤولون الليبيون أموات

بينما يقضي المسؤولون في ليبيا إجازاتهم الصيفية بين المنتجعات المصرية والفنادق التونسية، وينام بعضهم في عسل الاعتمادات ويقضي بعضهم الآخر وطره في صراع الشرعيات، نقلت مواقع إخبارية تقارير تتحدث حول إحراز ممثل الضحايا “فريزر” تقدما كبيرا في الحصول على تعويضات من ليبيا.

حيث جاءت تلك التصريحات بعد زيارة قام بها على رأس وفد إلى العاصمة البريطانية، وقابلوا فيها وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط “أليستر بيرت” والذي بدوره أعطاهم وعودا بإحراز بعض التقدم في هذا الملف.

 من جانبه أكد اللورد “إمبي” عن حزب الإتحاد في إيرلندا أن نوابا سيحاولون إقناع الحكومة بالانتقال من موقف المماطلة إلى المطالبة بالتعويض.

مسؤول ليبي يطالب بإلغاء قرار التجميد ويقدم وعودا بالتعويض

أثارت زيارة النائب بالمجلس الرئاسي “أحمد معيتيق” إلى العاصمة البريطانية في وقت سابق استهجان الكثير من المتابعين بعد تصريحات أدلى بها من هناك بشأن قضية التعويضات.

حيث التقى “معيتيق” بعض المسؤولين البريطانيين بحسب صحيفة “ذا أوبزيرفر” ونقل لهم تعهد حكومة الوفاق الوطني بدراسة ومناقشة مطالب أسر ضحايا الجيش الجمهوري الإيرلندي، والتي تتمثل في طلب تعويضات مالية عما لحق بها ، ومؤكدا على أن الحكومة ستقوم بتشكيل لجنة لدراسة هذه المطالب وتحديد ما يترتب عنها.

 وأضاف أنه حريص على تنفيذ كل ما من شأنه أن يفيد ليبيا والأصدقاء في بريطانيا بحسب قوله.

وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر قرارا يفرض بموجبه عقوبات على النظام السابق إبّان إندلاع أحداث فبراير 2011، حيث نص القرار 1973 على تجميد الأصول الليبية التي تعود ملكيتها للمؤسسة الليبية للاستثمار.

الإدانة ردة فعل الرئاسي

أصدر أمس الإثنين المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني بيانا يعرب فيه عن رفضه الشديد لاعتزام مجلس العموم البريطاني التصويت على قرار يقضي بالاستفادة من أرصدة ليبية مجمدة في بريطانيا لتعويض ضحايا هجمات الجيش الإيرلندي.

وأكد “الرئاسي” بحسب البيان رفضه أي تشريع أو إجراء يتخذ في هذا الصدد، مضيفا أن قرار التجميد دولي وتحت الفصل السابع وملزم لكل الدول، معتبرا أن تلك الخطوة خطيرة وانتهاك للسيادة الليبية وسابقة يستند عليها آخرون للمساس بأموال دول أخرى.

“الحمروش” تتهم أفرادا بعينهم و “الشحومي” يقول أموالنا في مهب الريح و “نصية” يطالب النائب العام بفتح تحقيق

قالت وزيرة الصحة السابقة “فاطمة الحمروش” أن الغرض من التجميد كان لمنع الاستنزاف، مضيفة أن فتح باب إلغائه سيفتح أبوابا أخرى لضياع الأموال.

وأكدت أنه وبالرغم من قرار التجميد الصادر عام 2011 إلا أن جزءا منها قد سبق وصرف بالفعل منذ عام، تنفيذا لما أسمته قرار ألية الدفع المؤقتة للأغراض الإنسانية، حيث تبين أن الاستثناء لم يتم استخدامه لصالح ليبيا بل لصالح تلك الدول.

 واتهمت “الحمروش” بعض المسؤولين بالاسم، حيث ذكرت “مازن رمضان” أحد مستشاري حكومة الوفاق و “امراجع غيث” وكيل وزارة المالية بالحكومة المؤقتة بتسهيل بعض تلك الإجراءات.

من جانبه قال الخبير الاقتصادي “سليمان الشحومي” أن الاستنكار وحده لا يكفي في إشارة لما أصدره المجلس الرئاسي، مضيفا أنه يجب العمل على مستوى دولي ولدى مجلس الأمن لوقف الإجراءات.

وأضاف أنه لو كتب لهذا القانون الظهور وتم مصادرة الأرصدة فستفتح الباب لمزيد من الضياع والنهب، وتصبح أموال الاستثمارات الليبية في مهب الريح.

وقال عضو مجلس النواب ورئيس اللجنة المالية “عبد السلام نصية” أنه في وقت سابق من العام 2016 حذر من هذا القانون المقدم لمجلس اللوردات البريطاني، مؤكدا أن المجلس الرئاسي لم يلقِ اهتماما لتلك التحذيرات.

واستمر في مطالبته للنائب العام بفتح تحقيق في ملابسات هذا الموضوع للكشف عن الأطراف الليبية التي قد تكون ساندت أو شجعت على وضع هذا القانون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.


وحتى هذه اللحظة تستمر سُلَط الأمر الواقع في سياسة رد الفعل الشرطي، لتسمح لأطراف أخرى في أماكن أخرى المحاولة علها تحظى بردة فعل مشروطة بالسكوت لحين اكتمال أركان المؤامرة، ولتعطي للمواطن حرية المشاهدة فقط دون أن يكون شريكا في أحد مشاهدها .. وكما يقولون باللهجة المصرية “المخرج عاوز كده”!