مقترح صرف 50 ألف لكل عائلة.. هل لحاجة المواطن أم لتطبيق نظرية “البقاء للأقوى”!

1٬619

صوّت أعضاء مجلس النواب من أصل 10 “بالأغلبية” على مقترح يقضي بصرف 50 ألف دينار لكل أسرة ليبية، يحملون على عاتق هذا القرار كاهل المواطن الليبي من واقعيته للتنفيذ.

السؤال الذي يظل حبيس نفسه!! ماهي حقيقة التداعيات حول التضخم الاقتصادي الذي سيصل إليه مجلس النواب من اتخاذ هذه القرارات، وسنرى من ورائه انهيار قيمة الدينار الليبي ؟  أم أنها تصبح مجرد أقاويل للوقوف في وجه تحسين الوضع المعيشي للمواطنين؟ أم هي وسيلة لمقايضة الحكومة في ظل عدم اعتماد الميزانية .

ولمتابعة وتدقيق هذا الموضوع قامت صدى بمحاورة عدد من المسؤولين والمهتمين بهذا الشأن:

حيث قال عضو مجلس النواب “عبد السلام نصية” لصحيفة صدى الاقتصادية بأن صرف الأموال يحتاج إلى قانون ، وأن المقترح مقدم من عدد من الأعضاء وتم إحالته للجنة التشريعية والمالية والاقتصادية لدراسته من الجوانب القانونية والمالية ومن ثم إعداد تقرير بذلك وفقا للقانون رقم 4 لسنة 2014م  المنظم لعمل مجلس النواب .

وأضاف قائلاً: نحن ننتظر دراسة اللجنة التشريعية والمالية والاقتصادية عن كيفية تنفيذ المقترح وكيفية تمويله وعندها يمكن التعليق عليه بصورة موضوعية وشفافة .

أما بخصوص اعتماد هذا المقترح من عدمه أوضح “نصية” بأنه إذ كانت تقارير اللجان جاهزة فسيتم وقتها تحديد القرار سواء بالموافقة أو الرفض.

ومن جهته أكد عضو مجلس النواب “عبد الغني الفطيسي” لصدى الاقتصادية أن مقترح مجلس النواب حيال منح 50 ألف دينار على كل كتيب عائلة لا يمكن تطبيقه من الناحية العملية .

وأفاد بالقول أنه ليس من اختصاصات المجلس اصدار مثل هذه القرارات وكان من المفترض أن يقوم المجلس عندما قدمت له الميزانية من قبل الحكومة أن يحرص على اعتمادها على أن تتضمن برامج حقيقة تساهم في التنمية ودعم الفئات محدودة الدخل.

وفي ذات السياق تحدّث عضو مجلس النواب ورئيس غرفة التجارة والصناعة “محمد الرعيض” حيث قال في تصريح لصدى الاقتصادية : إن مقترح قرار مجلس النواب بخصوص منح 50 ألف دينار لكل أسرة يستحيل تنفيذه وهو “عشوائي” ولا قيمة له، الدولة التي لم تتمكن أصلاً من تنفيذ قانون علاوة العائلة منذ سبعة سنوات حتى الآن لا تستطيع أن توفي بوعودها في مثل هذا القرار الذي يتطلب أموالاً أكثر”

وأضاف بالقول: إن ما فعله مجلس بالنواب بالتصويت على هذا المقترح هو فقط عبارة عن عناد مع الحكومة دون فهمٍ أو حرصٍ على مصلحة البلاد، وحين سؤاله حول إمكانية اعتماد القرار صرّح الرعيض :”لا أتوقع وأتمنى فعلاً ألاّ يتم الموافقة على مثل هذا القرار”.

كما تحدث الخبير الاقتصادي “عبدالحميد الفضيل” لصدى الاقتصادية بخصوص التصويت من قبل أعضاء مجلس النواب بإعطاء ال 50 ألف لكل أسرة ليبية أمراً لا يمكن حدوثه لعدة أسباب منها: القرار بشكله العام اقتصادي ولكن في مضمونه سياسي، ويعتبر محاولة لقطع الطريق أمام الحكومة لأن الحكومة لاقت استحسان كبير من قبل عامة الناس في بعض القرارت التي صدرتها مثل: علاوة الزوجة والأبناء ومنحة الزواج فإن البرلمان حاول قطع طريق الحكومة ووضعها في موقف محرج .

وأضاف بالقول: كون أعضاء البرلمان يعلمون جيداً بأنه لا يمكن حدوث ذلك أولاً “مصادر التمويل من أين سنحصل على هذه الأموال، وكذلك عندما نتحدث عن 50 ألف لأكثر من مليون أسرة ليبية يعني ما يقارب 60 إلى 70 مليار دينار ليبي سنوياً، وهذا بميزانية تقارب حدود 90 مليار، بالإضافة إلى ميزانية العام الماضي كانت 37 مليار نتصور بأن هذا القرار عبارة عن محاولة لكسب الناس من قبل البرلمان، وأيضاً اقتصادياً لن يحدث ومن أصدر هذا القرار يعلم جيدا أنه يستحيل حدوثه .

وتابع بالقول : افترضنا جدلاً إذا تم تنفيد هذا القرار إذا نفقت 60 مليار دينار بالعجز ح سيكون هناك طلب كبير على السلع والخدمات، وكذلك سينعكس بإرتفاع في مستوى العام بالأسعار ” التضخم” بالإضافة إلى الطلب على النقد الأجنبي لأن الخدمات الموجودة في السوق تأتي من الخارج، وبمعنى آخر أن الاقتصاد الليبي من مكشوف تجاريا ً على العالم الخارجي بنسبة كبيرة جداً، وبالتالي كل سلع تستورد من الخارج وتتطلب نقد أجنبي وسيكون الطلب كبير على هذا النقد الأجنبي واحتياطاتنا انخفضت على 39 مليار دولار فقط بزيادة الإنفاق أي كان سوف ينعكس في صورة ارتفاع بالسوق الموازي، وربما أن مصرف ليبيا المركزي سيكون الميزان التجاري الذي يوضح الفارق ما بين المصروفات والايرادات من النقد الأجنبي، وسيكون هناك عجز وسحب من الاحتياطات وأن الخطوة التي تاليها هي انهيار قيمة الدينار الليبي بشكل كامل؛ ولهذا لا أتصور بأن الحكومة ومصرف ليبيا المركزي سينفذ هذه القرارات العبثية والغير مدروسة، فالهدف الأساسي هو محاولة وضع الحكومة في الزاوية واحراجها أمام الشعب الليبي، بالإضافة إلى أن الحكومة تعلم جيداً أنها لا تستطيع تنفيذ مثل هذه القرارات ولن يتم الالتفات اليه نهائياً ولن يطبق على أرض الواقع.

وقال الخبير الاقتصادي “محسن الدريجة” لصدى الاقتصادية حيال المقترح: أي مساعدات للمحتاجين في هذه الظروف الصعبة هي إجراءات مرحب بها وفي محلها ولكن المساعدات لا يمكن أن تكون للجميع، حتى لمن يملك الملايين وأيضاً المساعدات لابد أن يكون هدفها اصلاح حال المواطن واستمراريتها ودمجها في برنامج لإعادة التأهيل وفتح فرص العمل لكل من هو قادر على العمل حتى يستطيع المواطن أن يبني مستقبله.

وتابع بالقول أن المساعدات التي لا تأتي ضمن برنامج متكامل مصيرها التوقف لأنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تستمر في دعم كل مواطنيها دون تحديد الفئات التي تستحق المساعدة ودون مساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم حتى لا يقعوا ضحية للحاجة مرة أخرى.

وصرح رجل الأعمال “حسني بي” لصدى الاقتصادية بالقول : للأسف نرى سباق لكسب الرأي العام و تحشيد الشعب من طرف ضد الآخر وكأنها مباراة كرة قدم بين فريقين ولكن المواطن والوطن هما اللذان يدفعان الثمن .

وأفاد قائلاً: هذه الأيام تتوالى القرارات للصرف اللامدروس من تعديل مرتبات ومنح وغيرها بالوقت الذي تدرس به لجان توحيد جداول المرتبات كما تطرح مشاريع قوانين لمنح 50 ألف دينار الأسرة وليست بعيدة من مخصص الدعم 33 ألف الاسرة من 6 أشخاص .

وتابع قائلاً: للأسف قرارات وقوانين بدون أهداف ولا مؤشرات ولا رؤية قابلة للقياس و الأداء ، وما نسمع من قرارات و مشاريع قوانين لا تختلف على ما هو قائم من عبث الحكومات السابقة والمستمرة بما يسمى حسب وجهة نظري بأكذوبة دعم الفقراء” قيمتها 37 مليار سنوياً جلها يهدر ويسرق و يهرب باسم الفقير .

وكشف بالقول أن تكلفة الدعم 37 مليار سنوياً تخصم من كل فرد من خلال أقدم أكذوبة بإسم ” دعم الفقير ” وهو ذات الفقير الذي يخصم منه ال 37 مليار دينار (حصة الفرد 5500 سنوياً وحصة الأسرة من 6 أفراد 33000 دينار سنوياً )

وتابع قائلاً: إن كانت 33000 الأسرة معدل عام سنوياً أو 50000 دينار العبرة بما يحصل المواطن من خدمات مقابل ماله وما يصرف بالنيابة عنه مضيفاً أنه بالرغم من ارتفاع الصرف 33000 دل الأسرة سنوياً إلا أننا نفتقد أغلب الخدمات أو جودتها .

وقال “حسني بي”: للأسف أن يتبنى كل من الدبيبة والبرلمان سياسات ” ما حد خير من حد ” لكسب ولاء الشعب متناسين بأن الميزانيات العامة والانفاق العام مصدره الأساسي ” أموال الشعب ” .

وتابع أن النفط ( رزق الشعب) و يمول بنسبة 92% الميزانية العامة للحكومة (مال ورزق الشعب) و بالمقابل الحكومات عجزت عن توفير الخدمات لذات الشعب ، من دفع المال مقابل خدمات لا تتوفر أو رديئة .

وفي الختام أفاد قائلاً: الخلاصة يجب الغاء الدعم و الذي يعادل 33000 دل للأسرة حتى لو منح البديل 33000 أو 50000 دل للأسرة مع تحمل الشعب تكلفة الخدمات و الرفاهية أو حقه في توفير ماله لإقرار خياراته ومنها الاستثمارية .

أما المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية والخبير الاقتصادي “محمد شوبار” قال لصدى الاقتصادية : تنفيذ هذا القرار يحتاج إلى ميزانية ونظراً لما تمر به ليبيا من أزمات متعددة الجوانب سواء كانت أمنية أو سياسية أو اقتصادية فإن مسألة التنفيذ أمر بعيد المنال في الظروف الحالية  .

وأختتم حديثه قائلاً: تنفيذ هذا القرار يحتاج إلى آلية رقابة صارمة على الأسعار كي لا يحدث التضخم الذي ستكون انعكاساته سلبية على الاقتصاد الوطني .

وفي الختام يظل السؤال قائماً ٫ ماوراء قانون منح 50 ألف دينار لكل أسرة ؟؟ وهل كان النواب المؤيدون على دراية بحجم هذا القرار ومخرجاته ومايترتب عنه أم أنها كانت مجرد ردة فعل على قرارات رئيس الحكومة الأخيرة؟ أو كما قال البعض بأنها ضربة استباقية لمقترحٍ كان سيُقدم من الدبيبة بمنح 20 دينار ألف لكل أسرة؟ وهل قرارٌ كهذا كان وطنياً وسيقود الليبين إلى تحسن في الوضع المعيشي؟ أم إلى تضخم أكبر وليس إلا جزءاً من لعبة سياسية يخوضها المسؤولين؟