هل تصبح قيمة رسوم بيع النقد الأجنبي ” خير كثير انقلب لشر” على المواطن الليبي

1٬140

قارب الشهر الأول من العام 2019 على الانتهاء دون أن يلوح في الأفق خبر إقرار الترتيبات المالية لهذا العام الامر الذي سيؤثر على مرتبات المواطنين بالدرجة الأولى وكثير من المجالات الضرورية التي تمس مناحي الحياة في البلاد.

تأخر إقرار الترتيبات المالية السنوات الأخيرة ليس بالجديد منذ بدء المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق العمل في طرابلس أواخر عام 2015 لأسباب عدة أبرزها الوصول لاتفاق مشترك مع مصرف ليبيا المركزي الذي يتبع فلسفة بتحديد الجزء الأكبر من الترتيبات للبند الأول “المرتبات” وباب الدعم والنفقات التسييرية للمجلس الرئاسي وتحديد قيم صغيرة لباب التنمية والذي يرى فيه المركزي باباً كبيراً للفساد، وهذا ما تبينه اخر ترتيبات مالية والتي جرى اعتمادها في العام الماضي والتي كانت على شكل 24 مليار و500 مليون دينار لبند المرتبات، و6 مليارات و700 مليون دينار للنفقات التسييرية، وقد خصص للباب الثالث الخاص بمشروعات والتنمية 4 مليارات و700 مليون دينار، أما الدعم فقد خصص له 6 مليارات و500 مليون دينار.

لكن الجديد في المفاوضات على الترتيبات المالية للعام 2019 وجود صراع غير معلن يدور في الكواليس على قيمة الرسوم على بيع النقد الأجنبي التي ترتبت على تطبيق القرار 1300 الصادر عن المجلس الرئاسي بإضافة نسبة وقدرها 183% على بيع العملات الأجنبية، حيث يجرى التفاوض على مصير 12 مليار دينار هي محصلة العام الماضي من بيع النقد الأجنبي للأغراض الشخصية تم جمعها خلال أقل من 3 أشهر فقط.

اتهامات للرئاسي بمحاولة الاستحواذ على حصيلة بيع النقد الأجنبي

رجوعا بالتاريخ إلى الخلف وبعد وقت قصير من بدء بيع النقد الأجنبي للمواطنين لأغراض الشخصية خرج مديرعام شركة الحمراء التابعة للشركة الليبية للاستثمارات الخارجية عبد الحكيم بعيو بتصريحات نارية في 7 ديسمبر الماضي عبر مقطع فيديو اتهم فيه المجلس الرئاسي بمحاولة السيطرة والاستحواذ على حوالي 3 مليارات دولار ونصف المليار دولار جمعت من بيع النقد الأجنبي وبعيدا عن رقابة ديوان المحاسبة أو الرقابة الإدارية ومصرف ليبيا المركزي.

الرئاسي يخصص مليار و120 مليون دينار للجنوب من أموال بيع النقد الأجنبي.

في 18 من ديسمبر قرر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق تخصيص مليار دينار كترتيبات مالية استثنائية لتنمية وتطوير الجنوب تمول من حصيلة الرسوم المفروضة على مبيعات النقد الأجنبي، كما قرر تخصيص 120 مليون دينار عاجلة لدعم المشاريع الخدمية التي تحتاجها البلديات بالجنوب.

 

 

تحركات برلمانية لتقييد تصرف المركزي في محصلة بيع النقد الأجنبي.

اقترح عضو مجلس النواب ورئيس اللجنة المالية بالمجلس “عبد السلام نصية” معالجة أموال بيع النقد الأجنبي عبر انشاء مقترح خاص سيتم تقديمه لمجلس النواب في الجلسة القادمة

وتنص المادة الأولى من المتقرح تخصص بعض الأموال لحساب الاحتياطي العام يشرف على إدارته مصرف ليبيا المركزي، وذلك وفق الأعراف المصرفية بالتنسيق مع وزارة المالية، كما نصت المادة الثانية منه على تخصيص حساب لأموال رسوم بيع النقد الأجنبي والتي تتمثل في المبالغ المحصلة من رسوم بيع النقد الأجنبي منذ بداية تطبيق فرض الرسوم إلى نهاية اصدار هذا القانون

ومنعت المادة الثالثة من مسودة القرار التصرف في أموال حساب أموال رسوم بيع النقد الأجنبي في غير الأغراض المبينة في هذا القانون إلا بموافقة السلطة التشريعية، موضحا في مادته الرابعة أوجه الصرف لتلك الأموال بحيث سيستعمل 30% منها لسداد سندات السلف المؤقتة للمصرف المركزي و30% لسداد علاوة الأبناء المتراكمة و 20% لسداد المبالغ المتراكمة لفرق معاشات التقاعد عن السنوات السابقة و 20% لبرامج إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي، وأعطت المادة الخامسة من مسودة القانون الحق لمجلس النواب اصدار اللائحة التنفيذية بعد عرض من محافظ مصرف ليبيا المركزي، كما أشارت في المادة الأخيرة إلى العمل بهذا القرار فور صدوره.

المركزي يعلن عن رفض مقترح للترتيبات المالية لعام 2019

قالت وكالة رويترز في 18 يناير 2019 إن حكومة الوفاق الوطني والمصرف المركزي فشلا في الاتفاق على ميزانية للبلاد لعام 2019، بسبب ما قيل وقتها إنه خلاف حول أولويات الإنفاق، لافتة إلى أنّ الخلاف قد يستمر حتى مارس وهو ما اعتبره كثير من الخبراء الاقتصاديون بداية صراع جديد حول حصيلة بيع النقد الأجنبي وسبل وأولويات انفاقها وهو الذي لم توضحه النقطة الرابعة من محضر الاتفاق على الإصلاحات الاقتصادية الذي جرى التوقيع عليه من قبل رئيس المجلس الرئاسي ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ورئيس المجلس الأعلى للدولة والنائب أحمد معيتيق حيث أنها تناولت تخصيص قيمة من ناتج بيع النقد الأجنبي لإطفاء الدين العام والصرف على عدد من الملفات التنموية بالصحة والتعليم وغيرها من المجالات.

المركزي والرئاسي يناقشان سُبل صرف حصيلة بيع النقد الأجنبي

في منشور ربما يوضح كثيرا من اللبس هول ما يجري بين صرح مدير إدارة تقنية المعلومات بمصرف ليبيا المركزي بطرابلس عمران الشائبي السبت إن النقاش ما يزال قائما بين المصرف المركزي والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني حول كيفية صرف قيمة رسوم بيع العملة الاجنبية والتي وصلت إلى 12 مليار دينار خلال أقل من ثلاثة أشهر.

مضيفا أنه في ظلّ عدم منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني من قبل البرلمان والانقسام السياسي الذي أنتج حكومتيْن شرقا وغربا، فإن ذلك يتطلب ميزانية أو ترتيبات مالية لكل حكومة وازدواجية في الصرف

وقد تنبأ الشائبي إلى أن الميزانية أو الترتيبات المالية للحكومة المؤقتة وحكومة الوفاق لعام 2019 قد تصل إلى قرابة 90 مليار دينار مما سيزيد من الديْن العام ويفتح أبواب الفساد على مصراعيْه، موضحا أن الدين العام قد اجتاز 110 مليار دينار، 63 مليارا منها ديون حكومة الوفاق و35 مليارا ديون الحكومة المؤقتة وقرابة 15 مليار دينار لعلاوة الأبناء وأكد على أن الأولى الآن هو إطفاء الدين العام الذي تحمّل دفعه المواطن من خلال دفعه لرسوم شراء العملة.

ما يتم استخلاصه من كل ما سبق ذكره بأن أزمة تأخر الترتيبات المالية المتسبب الأكبر فيها لهذه السنة 2019 هي القيمة المحصلة من بيع النقد الأجنبي والتي تناهز 12 مليار دينار والتي يريد المجلس الرئاسي استخدامها لأغراض التنمية بحسب تصريحاته وقراراته الأخيرة، وهي ذات القيمة التي يرغب المصرف المركزي بأن يكون الجزء الأكبر منها هو إطفاء الدين العام الذي تجاوز الـ 100 مليار دينار، وهي أيضا التي يرغب مجلس النواب في أن تكون تحت رعايته المباشرة فهل تكون قيمة رسوم بيع النقد الأجنبي ” كثير من الخير انقلب لشر” على المواطن.