| مقالات اقتصادية
“حبارات” يكتب: هل يمكن أن يلقى الدينار الليبي سيناريو الدينار العراقي أو السوداني أو حتى الجنيه المصري؟
كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً
يرى الكثير من المواطنين وحتى المختصين والمهتمين بالشأن الاقتصادي بأن الدينار الليبي لازال قوي وإن كان قد فقد رسمياً جزء من قيمته خلال السنوات الأخيرة .
ويبررون أرائهم لإعتبارات عدة أبرزها إن ليبيا تطفو على بحيرة من النفط حيث تنتج قرابة مليون وربع برميل يومياً وتمتلك إحتياطي نفطي يقارب من 49 مليار برميل كما أن عدد سكانها قليل جداً قياساً بسكان دول مصر والعراق والسودان .
فالدولار الأمريكي يعادل اليوم قرابة 1460 دينار عراقي كما يعادل قرابة 560 دينار سوداني في حين يعادل قرابة 30 جنيه مصري ومن ثمة فإن الدينار الليبي بعيد جداً عن مثل تلك السيناريوهات خاصةً وإن ليبيا لم تكتوي بعد بنار الديون الخارجية .
وللأمانة نظرياً ما يراه المواطنين والمختصين صحيح على الأقل في المدي القصير أو المتوسط لكن عملياً وعلى المدى الطويل فالأمر يبدو مختلف ، فاحتمال أن يلقى الدينار الليبي سيناريو إنهيار عملات تلك الدول يبقى إحتمال وارد وذلك في حال ما أستمرت حالة الإنسداد السياسي والتشظي والإنقسام المؤسسي والفوضى التي تعيشها البلاد منذ قرابة تسع سنوات ، ناهيك عن إرتفاع وتيرة الإنفاق العام وتنامي الفساد المستفحل وسوء الإدارة و إعتماد البلاد على النفط فقط كمصدر وحيد تقريباً في تمويل ميزانيتها وفي رفد حصيلتها من العملات الأجنبية دون حتى التفكير في إيجاد مصادر بديلة له .
وما ذكرته ليس مجرد كلام أو إجتهاد بل من واقع تجارب لدول نفطية عدة أبرزها العراق تاني أكبر منتج في الأوبك ، فالدينار العراقي قبل غزو العراق للكويت في أغسطس من العام 1990 م كان يعادل قرابة 1،60 دولار لكن بعد سلسلة من عقوبات اقتصادية و مالية صارمة وعزلة دولية لأكثر من 13 سنة أعقبها عقدي من فساد الطبقة السياسية كانت كافية بأن تهوي بالدينار العراقي إلى قرابة 3000 دينار لكل دولار .
ورغم عودة العراق لأسواق النفط العالمية و تعافي إنتاجه تدريجياً منذ منتصف العام 2003 م عقب الإجتياح الأمريكي ، فأنه و بعد قرابة 20 سنة من رفع الحصار والعقوبات الدولية على إنتاج وصادرات النفط العراقية وسعي العراق للإنتاج بأقصى طاقته فإن كل ذلك لم يعيد للدينار العرافي عافيته ، فالدولار اليوم يعادل 1460 دينار رغم إن العراق ينتج قرابة 4 مليون برميل يومياً ويدر عائدات شهرية تتراوح ما بين 7 إلى 9 مليار دولار .
كما لا يجب أن نغفل إيران وفنزويلا الدولتان النفطيتان والعضوان البارزان في الأوبك التي أنهارت عملتهما بسبب العقوبات الأمريكية التي أدت ألى تقليص صادراتهما النفطية بسبب إنسحاب الشركات الأجنبية وإحجام شركات أخرى عن الإسثتمار فيهما ، فالدولار الأمريكي يقارب اليوم من 580000 ريال إيراني بعد أن كان يعادل 100 ريال فقط عند إندلاع الثورة الإسلامية في فبراير من العام 1979 م في حين يعادل الدولار قرابة 2430130 بوليفار فنزويلي رغم إن فنزويلا تمتلك أكبر إحتياطي نفطي في العالم .
وفي الختام إذا كانت عقود من العقوبات الدولية والفساد سبب رئيس في إنهيار الدينار العراقي وعملات دول أخرى فإن الإنقسام والتشظي السياسي و المؤسسي الذي يغيم على المشهد الليبي لقرابة عقداً من الزمن لا يقل ضراوةً ومن شأنه أن يقود الدينار إلى حافة الإنهيار Edge Of Total Collapseو ذلك ما لم تتدارك الطبقة السياسية الموقف بسرعة عبر إقرار حل سياسي شامل يرسي الأستقرار في كافة ربوع البلد ويوحد مؤسساته بحيث يكون ركيزة لأي إصلاح اقتصادي حقيقي شامل .
أدرك إن الكثير من المتابعين قد يتفاجأ من ما كتبته لكن يبقى حقيقة يجب علينا الإقرار بها والحذر منها قبل فوات الأوان .