إرتفاع أسعار السلع الغذائية .. نِتاجُ قرارات حكومية أم بوادر أزمة عالمية؟

332

غلاء الأسعار الأزمة الحاضرة دوماً في كل المجتمعات الغنية والفقيرة المتقدمة والنامية، هو في العادة أمر طبيعي مع ازدياد الطلب بأعلى من نمو المنتجات أو الخدمات ولكن وفقاً لنسب معقولة وهامش محدد وليس وفقاً لأهواء أو مضاربات أو احتكار.

وبحسب رؤية المواطنين التي رصدتها صدى الاقتصادية ففي ليبيا ترتفع أسعار السلع لأكثر من مرة خلال السنة ،دونما أن يكون هناك توجه حكومي صادق وصارم لضبط أسعار السلع الأساسية والتي هي محل طلب كافة قطاعات الليبيين، وحتى السياسات الاقتصادية المتسرعة والخجولة والغير مدروسة بعناية، باتت لا تؤتي أكلها ولاينتظر منها إحداث أي فارق، ففي السوق الكل يضارب ودوما الشماعة جاهزة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار .

فالشركات التي قدر لها أن تفوز بغنيمتها من الاعتمادات المستندية لم تراعي المقدرة الشرائية للمواطن، بل لجأت مقدماً إلى رفع أسعار سلع وارداتها،دون أن يتضح المغزي من وراء ذلك اللهم سوى الرغبة بجني أكبر ربح ممكن في أقل زمن مقدر.

ووفقاً للمواطنين فالدولة تقف عاجزة رغم كثرة مؤسساتها التي تدعي الاهتمام بتسعير السلع ومتابعة ذلك، وما كان منذ زمن مؤسسة للسلع التموينية بات اليوم مجرد مكاتب جوفاء ومخازن جرداء تنعق فيها الغربان، فلا الدولة بادرت بالدعم النقدي للمواطنين ولا هي أبقت السلع المدعومة بجمعيات لمواطنيها، وعلى ذلك تلظى المواطن بحمى ارتفاع السعر مع بقاء المرتب على حاله الأمر الذي ولد معادلة صعبة طرفها الضعيف المواطن لا غير.

“صدى” صالت وجالت لرصد الآراء حيال القضية وتواصلت مع كافة الأطرف من مواطن إلى تاجر إلى مسؤولي وزارة الاقتصاد والحرس البلدي وتعرض عليكم كافة هذه الآراء:

صرح تاجر مواد غذائية بمنطقة شارع الزاوية “مؤمن” لصحيفة صدى الاقتصادية اليوم الأربعاء، حول إرتفاع أسعار السلع الغذائية بالسوق المحلي بأنه ناتج عن إرتفاع أسعار الغذاء في العالم بما، أن دولة ليبيا من دول المستوردة والغير مصنعة للخارج .

وأضاف بالقول: فإن إرتفاع أسعار الغاز في العالم والذي يعتبر أهم منتج في تصنيع الغذاء، هو أحد أسباب زيادة الأسعار ، وكما نعرف بأن دولة ليبيا تقوم بتصدير الغاز وأصبحت تبيعه بأسعار مرتفعة.

وأشار إلى أنه من الصعب للدولة أن تقوم بتحديد الأسعار لأن السوق عالمي، كما أن الدولة تصدر القرارات إعلامياً فقط ولاكن لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع.

وفي الختام أكد على أن الحل الوحيد هو زيادة مرتبات الموطنين في الدولة.

أما مدير عام مركز المعلومات والتوثيق الاقتصادي بوزارة الاقتصاد “حسن اللموشي” قال لصحيفة صدى الاقتصادية بخصوص رفع الضريبة الجمركية: لا أعتقد أنها مفيدة، فهي فقط ستزيد أرباح التجار٫ وما دام هناك من لديه دخل مرتفع جداً ومستعد لدفع أي مبلغ للحصول على ما يحتاجه فالتجار في هذه الحالة ليس لديهم أي حافز لتخفيض السعر .

وأضاف اللموشي بالقول: ما دام هناك من يشتري فلماذا يتم تخفيض السعر، كما أن الحل الأمثل هو إزالة الفروق الشاسعة بين الدخول من خلال نظام مرتبات موحد لكافة العاملين في الدولة، بالإضافة إلى تفعيل الضرائب على الدخول العالية .

صرح مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بجهاز الحرس البلدي يوسف القيلوشي لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: إن إعفاء السلع الغذائية من الرسوم الجمركية تخفف العبء على كاهل المواطن .

وأضاف: تشجيع أدوات الاستيراد على زيادة وارداتها من السلع الغذائية، ورفع مستوى المخزون الاستراتيجي والاحتياجات اللازمة للسوق المحلية وتغطية الطلب على السلع .

قال مدير عام تريبولي مول “الصادق المدهون” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية: إرتفاع الأسعار عالمياً له عدة أسباب منها الشحن، وزيادة في مواد الخام، والمواد المصنعة مثل البلاستك والالومنيوم.

أما بخصوص إلغاء قرار تحديد الأسعار علق قائلاً: إلغاء القرار
ليس متوافق مع أسعار الاستيراد، وأن أغلب البضائع تأتي عن طريق الشحن البحري.

وأختتم بالقول: الدولار له ثأثير كبير من ناحية السعر الحالي،
كما أن المواد الأساسية هذه الفترة في الإرتفاع.

حيث قال مدير عام تريبولي مول “الصادق المدهون”: نحن نأخذ البضاعة من الشركات ونقوم بالبيع أو التسويق أما فيما يخص الأسعار وفروقاتها هذا من إختصاص الشركات، أو بمعنى أصح المعلومات بالخصوص لا يعلمها إلا مدراء الشركات، وبحسب قولهم في بعض الأحيان أن الأسباب ترجع لزيادة سعر الشحن أو إرتفاع الدولار أو تكلفة المواد الخام وزيادتها عالمياً ، والتعامل يتم مع عدة شركات دورنا التسويق كما أننا نتحصل على نسبة بسيطة مقابل ذلك .

ورداً منه رجل الأعمال الليبي “حسني بي” قال: الأسعار تتغير حسب العرض والطلب، وقد يكون هناك أسعار تسويقية منخفضة بالمعارض والمناسبات، ولكن القاعدة العامة هي أن الأسعار يقرها السوق من خلال آليات  العرض والطلب، حيث أنه لا توجد أسعار ثابثة، وإن وجدت فهذه سياسة تسويقية لأن القاعدة العامة للأسعار لا يمكن أن  تكون ثابثة .

أما بخصوص علاقة مدراء هذه الشركات بأصحاب الأسواق قال “المدهون”: من المفترض أن الشركات الكبرى هي التي تخرج للرأي العام وتقوم بالتوضيح، كما أننا لا نتعامل إلا مع المسوقين لهذه الشركات فالمدراء لا يسعون إلى معرفة مشاكلنا أو الخوض في حلحلتها، وكذلك يقومون بعرض المنتج خلال مشاركتهم في المعارض المختصة بالمشاريع الصغرى والمتوسطة بأسعار معينة ويتم البيع لنا بسعر آخر، وبالتالي نتلقى اعتراض من المواطنين المترددين إلى أسواقنا بفرق السعر الذي وجدوه في المعرض والسعر الذي نبيع به هذه السلع .

ومن جهته أضاف “بي” بالخصوص قائلاً: صحيح أن إدارات الأسواق وملاك المحلات تتعامل يومياً مع المسوقين المكلفين بالتوزيع ، لكن الإدارة لشركات التوريد قد تزور الأسواق والمحلات التي تتوافر بها منتجاتهم من أجل معرفة مدى شكل وطريقة عرض منتجات الشركة المستوردة .

كما أفاد بأنه يمكن لمالك السوق طلب لقاء الإدارة في أي وقت، وأيضاً بعالم العولمة يمكن التواصل عن بعد مع المدراء وعادة ترحب الشركة والإدارة بالتواصل لتبادل الأفكار  .

وعن فرض بعض السلع من قبل الموردين قال “المدهون”: يقومون أصحاب الشركات في بعض الأحيان بفرض سلع معينة على أصحاب الأسواق، وبالتالي نطر إلى رفع سلعة أخرى كي نخفض في سعر السلع التي تم فرضها، ويجدر علينا أيضاً ذكر مميزات هذه الشركات فهي تتمثل على سبيل المثال في إمكانية الدفع بالتقسيط أو الحماية في الصلاحية .

أما “حسني بي” فقد أكد بالخصوص قائلاً: إجراء ربط المستورد للبضاعة عند التسويق جاري ولا يُنكر، ويحدث في بعض الأحيان ، حيث يتم ربط بضائع أكثر رواجاً تربط بأخرى أقل  سحباً، فعلى سبيل المثال قد ربطت شركة بيبسي كولا مبيعات  المشروبات الغازية والذي تمثل أكثر من 70% من الاستهلاك مع  عصائر فواكه من إنتاجها، علامة ” تروبيكانا”  بالأسواق الليبية .

مضيفاً بأن الأسواق وسيلة لتسهيل حصول المستهلك على ما قد يحتاجه من مواد والهدف الأساسي من تواجدها يكمن في عرض وبيع جميع المنتجات.

إلا أنه هناك منتجات سريعة الدوران وأخرى بطيئة، ولكن المسوق والسوق يفضلون المواد سريعة الدوران لذلك في كثير من الأحيان يفرض على السوق عرض جميع ما متوفر من مواد  لدى المستورد حتى البطيئة منها .

وفي الختام صرح ” المدهون” عن تهميش مدراء الشركات لأصحاب الأسواق قائلاً:

لم تصلنا أي دعوة من قبل الشركات لحضور المعارض التي يقومون بالمشاركة فيها، فيتم تهميشنا بشكل أو بآخر، كما أن كامل اللوم من قبل الشعب يوجه لأصحاب الأسواق والمسوقيين بالرغم من أننا لا نستورد ولا نحدد السعر بل هذا من إختصاص أصحاب الشركات، كذلك بأنه من المفترض أن يقوم مدراء الشركات بزيارة الأسواق الكبرى والنظر إلى المنتجات والمشاكل التي تواجههم .

وبدوره قال “بي” بالخصوص: المستورد والموزع العام يحتاج لصاحب السوق والمتاجر بمختلف تخصصاتهم لغرض التوزيع القطاعي أكثر من حاجة أصحاب الأسواق له، فالأسواق هي نافذة المستورد على الشارع وكل شارع للوصول المستهلك /المواطن .

فهل ياترى إتسع الخرق على الراتق؟ وهل جانب الصواب ومبادئ السوق التجار وأصحاب شركات التوريد حينما بادرو لرفع أسعار سلع توريداتهم ؟ أم فعلا أن حمى ارتفاع الأسعار هي مرض عالمي لا يختص بليبيا وحدها دون سائر البلدان؟

وهل المواطن الذي بات يركن للوظائف الحكومية دون أن يتجه للقطاع الخاص أو أن يدير هو نشاطه التجاري او الصناعي أو الخدمي، مسئول عما لحقه من آثار اقتصادية ؟ ثم أليست هناك أدوار مناطة بوزارة الاقتصاد تحديدًا وثلة من أجهزتها لكبح جماح هذا الارتفاع الغير مسبوق في الأسعار ؟ وإلى متي سيظل المواطن رهين أهواء تجارية أو سياسات مالية واقتصادية لا يبدو أنها ستحقق الرفاهية المزعومة؟؟