Skip to main content

الكاتب: A

خاص.. الليبية للموانئ تخاطب الشركات لتطبيق التعديلات الخاصة بتحصيل العوائد بسعر صرف جديد

وجه رئيس الشركة الليبية للموانئ مراسلة إلى مفوضي الشركات والوكلات الملاحية، بخصوص تطبيق التعديلات لتحصيل العوائد المستحقة بالعملة الأجنبية بدءً من 11 مايو 2025 بما فيها السفن المتراكية بالموانئ خلال التاريخ.

وذلك بالإشارة إلى قرار مصرف ليبيا المركزي بتعديل سعر الصرف لسنة 2025م .

خاص: الحرشاوي يكشف لصدى عن حقيقة رفع الدعم.. وهذا ما يشير إليه

صرح الخبير في الشؤون الليبية بمعهد رويال يونايتد سيرفيسز جلال الحرشاوي لصحيفة صدى الاقتصادية اليوم الأحد أن كل ثلاثة إلى ستة أشهر تقريبًا، يكرر المسؤولون الليبيون أهمية رفع دعم الوقود على السبيل المثال في مارس عام 2021 أعلن رئيس الوزراء دبيبة تشكيل لجنة جديدة مكلفة بتنفيذ هذا الرفع ولم يحدث منذ ذلك الحين أي شيء يذكر رغم مرور أكثر من أربع سنوات .

علاوة على ذلك، تُتداول حاليًا بعض الأنباء عن إصدار بطاقة تحدّد كمية الوقود التي يحق لكل أسرة ليبية شراؤها بالسعر المدعوم وهو ما يعني استمرارية الدعم بدلاً من رفعه .

وأكد الحرشاوي أنه بطبيعة الحال يصبُّ في مصلحة الليبيين إجراء إصلاح عميق في برنامج دعم الوقود و يكون رفع الدعم خطوة صحيحة رغم أنها لن تحلّ الأزمة بمفردها .

ولكن ما أراه حتى الآن ليس أكثر من كلام دون انطلاقة حقيقية نحو التغيير وفقا لقوله.

“الشحومي”: إصلاحات اقتصادية في ليبيا لمصلحة المواطن والتنمية – قراءة نقدية

كتب الخبير الاقتصادي “منذر الشحومي” مقالاً

في تصريحاته الأخيرة الداعية إلى رفع الدعم عن السلع و المحروقات وتقليص بند المرتبات العامة، أثار السيد محمد الرعيض – رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة وعضو مجلس النواب – موجةً من الجدل والاستياء الشعبي. امتدت ردود الفعل الغاضبة إلى الدعوة لمقاطعة منتجات شركته، وذلك نتيجة اللهجة الحادة التي بدت وكأنها تُحمِّل المواطن العادي مسؤولية الأزمة الاقتصادية الخانقة. ورغم كل ذلك الجدل والغضب، فإن هذا المقال لا يدافع عن الرعيض ولا يبرر أسلوب طرحه؛ بل يهدف إلى مناقشة الأفكار الاقتصادية التي طرحها وكيفية عرضها على الرأي العام، دون رفض لجوهر تلك الأفكار.

إن الركون إلى سياسات شعبوية لتسكين الأوجاع الآنية دون علاج جذري لن ينقذ الاقتصاد الوطني، كما أن تأجيل الإصلاحات الضرورية اليوم يعني بالضرورة اتخاذ قرارات أشد قسوة في المستقبل عندما تتفاقم الأزمات. ومع ذلك، لا يمكن إلقاء أعباء فشل السياسات الاقتصادية السابقة على كاهل المواطنين وحدهم؛ فغالبيتهم لم يكونوا طرفًا في منظومات الفساد وسوء الإدارة التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار.

جديرٌ بالذكر أن لهجة الرعيض في طرحه للإصلاح بدت وكأنها تلوم الناس على أزمةٍ لم يصنعوها، مما عمّق فجوة الثقة بين الشارع وصنّاع القرار. إن الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ من أعلى الهرم السياسي والاقتصادي، بحيث تتحمل القيادات مسؤولياتها أولًا وتُضمن عدالة توزيع أعباء الإصلاح وعوائده. فالمواطنون المنهكون من الأزمات المتتالية يستحقون خطابًا رسميًا يحترم مشاعرهم، وإصلاحاتٍ تضع اعتبارات العدالة الاجتماعية وكرامة العيش الكريم في صلب الأولويات.

عبء الدعم الحالي: منطق الإصلاح في مواجهة مخاوف الشارع

لا شك أن نظام الدعم السلعي المعمول به منذ عقود (خاصةً دعم الوقود والكهرباء والمياه) تحول من ميزة اجتماعية إلى عبء اقتصادي يثقل كاهل الدولة. يبلغ سعر البنزين المحلي في ليبيا حوالي 0.15 دينار لليتر فقط (نحو 0.02 دولار أمريكي)، مما يجعله أرخص سعر وقود في العالم. هذه الأسعار الزهيدة وإن بدت في صالح المواطن على المدى القصير، أدت في الواقع إلى انتشار سلوكيات سلبية كالإسراف والتهريب. وفقًا لتقارير دولية، يُقدَّر ما تفقده ليبيا بسبب تهريب الوقود بما يتعدي 5 مليارات دولار سنويًا – أموال طائلة تُهدر ليستفيد منها المهربون بدلًا من المواطن البسيط. الأمر لا يقتصر على الوقود؛ فالكهرباء والمياه أيضًا تقدَّمان بأسعار شبه مجانية، مما شجّع على الإفراط في الاستهلاك وأضعف كفاءة إدارة الموارد. ونتيجةً لذلك تضخمت نفقات الدعم في الموازنة العامة لتصل في حالة الوقود وحده إلى نحو 12.8 مليار دينار ليبي في أول 11 شهرًا من عام 2024 (حوالي 2.7 مليار دولار بالسعر الرسمي) و هذا الرقم لا يشمل تكلفة الدعم المحتسبة من المنبع و نتيجة المقايضة للنفط الخام مقابل محروقات او التسوية من حساب الموسسة الوطنية للنفط قبل التحويل للحساب السيادي لدى مصرف ليبيا المركزي، و الذي يقدر بما لا يقل عن عشر مليارات دولار. هذه المبالغ الهائلة كان يمكن توجيهها لتحسين الخدمات العامة أو تقديم دعم نقدي مباشر للأسر المحتاجة بدل تبديدها في سوق سوداء يقتات عليها المتاجرون بالدعم.

من هذا المنطلق، فإن دعوة الرعيض إلى إعادة النظر في سياسة الدعم تستند إلى منطق اقتصادي قوي: فالدعم الشامل بأسعاره الحالية يفتقر إلى العدالة ويؤدي إلى إهدار الموارد، فعلى عكس المقصود منه، يستفيد الأغنياء وأصحاب الاستهلاك الأعلى من الدعم أكثر من الفقراء، كما أن المواطنين والأجانب ينالون حصةً متساوية منه بلا تفرقة. إضافةً إلى ذلك، السعر المتدني للسلع المدعومة خلق حالة من الاتكال والاستهلاك المفرط بدلاً من الترشيد، وأفرز اقتصادًا موازيًا يقوم على التهريب والفساد. كل هذه التشوهات تنعكس سلبًا على معيشة المواطن بشكل غير مباشر عبر استنزاف خزينة الدولة وتقليص قدرتها على تحسين الخدمات العامة والبنية التحتية أو رفع المرتبات بشكل مستدام، أي أن المواطن قد يدفع ثمن الدعم الحالي في النهاية من نوعية الحياة المتراجعة والخدمات المتدهورة.

لكن بالمقابل، طريقة طرح هذه الفكرة للجمهور لم تكن موفقة تمامًا. فعلى الرغم من وجاهة مبدأ رفع الدعم العيني واستبداله بدعم نقدي يستهدف المستحقين، شعر كثير من المواطنين بالقلق وربما بالغضب من تصريحات الرعيض. يرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها تحميل المواطن مسولية الاخطاء الاقتصادية و الفساد المالي، كذلك انعدام الثقة في آليات التنفيذ الحكومية: إذ يخشى المواطن أن يؤدي رفع الدعم إلى ارتفاع كبير في الأسعار دون تعويض فعلي أو أن يتبخر الوفر المالي في دهاليز الفساد والإنفاق الرسمي غير الرشيد، وما زاد الطين بلة أن حديث الرعيض ركز على ما ينبغي على المواطن تحمّله من أعباء الإصلاح (كرفع سعر البنزين)، دون تطمينات كافية حول ما ستقوم به الدولة بالمقابل لضمان عدم تضرر الفئات الضعيفة، كما لوحظ أنه تجاهل الإشارة إلى ملف الفساد الحكومي وتضخم المصاريف الرسمية، وهو جانب لا يقل أهمية عن إصلاح الدعم نفسه. فكيف يطالب المواطنين بشد الأحزمة والتخلي عن مكاسب مباشرة اعتادوا عليها، بينما لم يُسمع له صوت قوي في المطالبة بكبح فساد الإنفاق العام أو الحد من البذخ في مصاريف المسؤولين؟ هذا الخلل في التوازن بالطرح أعطى انطباعًا بأن الإصلاح المقترح أحادي الجانب، يستهدف المواطن فقط دون النخبة السياسية والإدارية، مما أجج رفض الشارع للاقتراح رغم منطقيته الاقتصادية.

لجعل طرح إصلاح نظام الدعم أكثر قبولًا وشمولًا، من الضروري تضمين ما يلي:

•   ضمانات واضحة لحماية محدودي الدخل:

ينبغي التأكيد على أن رفع الدعم سيتم تدريجيًا وبالتوازي مع تعويضات نقدية عادلة ومنتظمة تصل مباشرةً إلى مستحقيها، بحيث لا يُترَك المواطن البسيط وحيدًا في مواجهة غلاء الأسعار.

•   مكافحة التهريب والفساد بالتزامن مع الإصلاح:

على السلطات إعلان إجراءات حازمة لمنع شبكات تهريب الوقود ومحاسبة المتورطين في هدر المال العام، لضمان أن الوفر الناتج عن تقليص الدعم سيذهب لتنمية الاقتصاد لا إلى جيوب الفاسدين.

•   ترشيد الإنفاق الحكومي نفسه: 

من المهم أن يشعر المواطن أن الحكومة جادة في إصلاح نفسها أيضًا، عبر خفض المصاريف التسييرية والامتيازات المبالغ فيها للمسؤولين، عندما يرى الناس أن قادتهم يشدّون الأحزمة معهم، سيصبح تقبّلهم للإصلاحات الصعبة أهون نسبيًا.

•   شفافية التواصل والخطاب: كان يجدر بمن يطرح مثل هذه الأفكار أن يستخدم لغة تُراعي مخاوف الناس بدلًا من إلقاء اللوم عليهم لتعويلهم على الدولة، شرحٌ مبسّط يُبيّن كيف أن الإصلاح سيعود بالنفع على المواطن مستقبلًا – مدعومًا بالأرقام وخطة عمل واضحة – كان سيخفف من التوجس الشعبي ويدفع نحو حوار بنّاء بدل الصدام.

تضخم القطاع العام: حقيقة لا خلاف عليها ولكن أين البديل؟

إلى جانب ملف الدعم، تناول طرح الرعيض معضلة تضخم القطاع الحكومي مقابل ضعف مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، فلا يخفى أن عقودًا من السياسات الاقتصادية الخاطئة حوّلت الوظيفة الحكومية إلى الخيار شبه الوحيد أمام غالبية الشباب الليبي، في ظل محدودية الفرص في القطاع الخاص، ونتيجة التوسع المستمر في التوظيف الحكومي بلا تخطيط، ارتفع عدد موظفي الدولة من نحو 900 ألف موظف في 2010 إلى حوالي 2.3 مليون موظف بنهاية 2021 – أي أن قرابة ثلث سكان ليبيا باتوا يتقاضون رواتب من الخزانة العامة، هذا الرقم الضخم يفوق بكثير قدرة الاقتصاد الحقيقي على استيعاب موظفين منتجين، فتحولت آلاف الوظائف إلى بطالة مقنعة أو أعمال شكلية غير منتجة، ولعل ما يزيد الصورة قتامة أن بند الرواتب والأجور الحكومية يلتهم حاليًا ما يصل إلى 70-75% من الإنفاق العام (73% خلال الربع الأول من 2023 مثلًا)، مما لا يترك سوى حيزٍ محدود جدًا للاستثمار في المشاريع التنموية والخدمات، وفي نفس الفترة (الربع الأول 2023) بلغت فاتورة المرتبات نحو 13.1 مليار دينار من أصل 18 مليار إنفاق عام، بينما لم يتجاوز الإنفاق التطويري 750 مليون دينار فقط، هذه فجوة هائلة بين ما يُصرف على الاستهلاك الحالي (رواتب ودعم) وبين ما يُستثمر للمستقبل، ما يعني استنزافًا لمقدرات البلد دون بناء حقيقي لقدراته الإنتاجية.

من هذا المنظور، كان تركيز الرعيض على ضرورة تحجيم القطاع العام وتشجيع القطاع الخاص في محله من ناحية المبدأ، إذ لا يمكن لاقتصاد أن ينمو بشكل صحي حين تكون الحكومة هي رب العمل الأكبر والمموّل الأبرز للنشاط الاقتصادي. لقد أشار الرعيض إلى أن الشعب اعتاد الاعتماد على الدولة، وإلى أن سياسة تعليمية عقودية دفعت الجميع إلى التعليم الجامعي النظري على حساب التعليم التقني والفني، لتنتهي الرحلة بطوابير الخريجين الساعين إلى وظيفة حكومية. هذه الملاحظات صحيحة وتعكس واقعًا مؤلمًا: الاعتماد الكلي على الدولة خلق ثقافة انتظار الوظيفة الحكومية بدلًا من روح المبادرة في الأعمال الخاصة أو الحِرفية، كما أدى إلى تضخم بيروقراطي يثقل الأداء الحكومي نفسه.

بيد أن الأسلوب الذي عُرضت به هذه الحقائق أثار التساؤلات حول “ما الحل البديل” فعليًا، فالمواطن يتفق ربما أن تضخم الجهاز الحكومي بلغ حدًا مرضيًا، لكنه يتساءل: أين الفرص الأخرى إذا انكمش التوظيف الحكومي؟ كان حريًا بالرعيض أن يستفيض في شرح كيفية تنشيط القطاع الخاص لامتصاص العمالة الفائضة واستيعاب الشباب الداخلين إلى سوق العمل سنويًا، لقد ذكر بالفعل أن القطاع الخاص الليبي “يعمل بمدخراته دون دعم من المصارف” في إشارة إلى قصور التمويل المصرفي للمشاريع الخاصة. ولكن لم نسمع منه مثلاً عن خطط عملية لمعالجة هذه المشكلة البنيوية، كإصلاح القطاع المصرفي أو تقديم حوافز للاستثمار المحلي، كذلك لم يربط بشكل صريح بين تقليص وظائف الدولة وبين محاربة الفساد في التوظيف الحكومي ذاته؛ فجزء من تضخم القطاع العام سببه توظيف زبائني أو أسماء وهمية بهدف شراء الولاءات السياسية والاجتماعية، الإصلاح الحقيقي يقتضي معالجة هذا الخلل عبر مراجعة كشوف المرتبات وتنقية الجهاز الإداري من الفساد والمحسوبية، وليس فقط وقف التوظيف الجديد.

إن نجاح أي عملية لإعادة هيكلة القطاع العام مرهون بتوافر بديل اقتصادي فعّال. هنا أيضًا يظهر قصور خطاب الرعيض: فقد انتقد الواقع القائم من دون أن يرفقه برؤية شاملة لكيفية الانتقال إلى وضع أفضل. على سبيل المثال.

يمكن أن تشمل الرؤية المتكاملة:
• إطلاق برامج لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة: بحيث توفر الدولة قروضًا ميسّرة وتسهيلات ضريبية لرواد الأعمال، مما يخلق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص تستوعب الباحثين عن العمل.

•   شراكة حقيقية مع القطاع الخاص في المشاريع الكبرى: عبر تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في مجالات كالطاقة المتجددة، السياحة، الزراعة والصناعة التحويلية، لتخفيف الاعتماد على القطاع النفطي والوظائف الحكومية.

•   إصلاح نظام التعليم والتدريب المهني: لملاءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل. فبدلًا من تخريج آلاف الجامعيين العاطلين، يجدر توجيه نسبة أكبر من الشباب نحو التعليم التقني وحِرف يحتاجها الاقتصاد الليبي، مع توفير منح وحوافز للالتحاق بهذه المسارات.

•   معالجة تركة الفساد في التوظيف الحكومي: عبر إنشاء قاعدة بيانات شفافة للموظفين الحكوميين وإزالة الازدواجية والوظائف الوهمية، وضمان أن من يبقى في الوظيفة العامة يؤدي خدمة حقيقية للمواطنين، هذا ليس فقط لتحقيق عدالة في ضبط النفقات، بل أيضًا لإقناع العامة بأن تقليص القطاع العام لن يُستخدم كسلاح ضد صغار الموظفين وحدهم فيما يبقى “الكبار” في مناصبهم بلا محاسبة.

لو أن مثل هذه العناصر طُرحت بوضوح ضمن حديث الرعيض، لربما اختلف رد فعل الشارع، فالمواطن يحتاج أن يرى الطريق أمامه: كيف سينتقل من اقتصاد تهيمن عليه الدولة إلى آخر متنوع يقوده القطاع الخاص. الحديث عن المشكلة دون طمأنة الناس إلى حلٍ واقعي قابل للتنفيذ جعل الدعوة للإصلاح تبدو مجرد مطالبة بالتضحية من جانب واحد، أما الإصلاح المدروس الشامل فبإمكانه أن يقنع الناس بأنه يصنع مستقبلاً أفضل للجميع وليس مجرد حرمان لهم من مكاسب حالية.

الاستقرار النقدي وتعزيز الثقة: أهداف مشروعة تصطدم بواقع الثقة المفقودة

تطرّق طرح الرعيض أيضًا إلى أهمية تحقيق الاستقرار النقدي ومعالجة التشوهات المالية، لاسيما تلك الناتجة عن دعم السلع وفروق سعر الصرف. وقد أشار بحق إلى ما نتج عن حقبة ازدواج سعر صرف الدينار (الرسمي والموازي) من فساد كبير، حيث استغل البعض الحصول على الدولار بالسعر الرسمي المدعوم لتحقيق أرباح خيالية عند بيع السلع بالسعر الموازي، هذه الممارسات أضرّت بالاقتصاد وأثرت سلبًا على قيمة العملة وثقة المواطنين، صحيح أن مصرف ليبيا المركزي وحّد سعر الصرف مطلع 2021 عند حوالي 4.48 دينار للدولار، لكن الضغوط عاودت الظهور مؤخرًا مما اضطره إلى خفض قيمة الدينار رسميًا بنسبة 13% تقريبًا (إلى 5.56 دينار للدولار) خلال 2023. وبقي الفارق قائمًا بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية (حيث تجاوز الدولار 7 دنانير أحيانًا)، ما يدل على استمرار عدم الثقة ووجود اختلالات تتطلب المعالجة.

من زاوية اقتصادية بحتة، إن طرح الرعيض الداعي إلى ضبط الإنفاق العام وترشيد الدعم يهدف ضمنيًا إلى تخفيف الضغط على الاحتياطيات الأجنبية وحماية الدينار من المزيد من التدهور. فحين تنخفض حاجة الحكومة إلى شراء العملة الصعبة لتمويل واردات مدعومة أو كتلة رواتب ضخمة، يصبح احتياطي البنك المركزي في وضع أكثر أمانًا وقدرة على دعم سعر الصرف، حاليًا تتمتع ليبيا باحتياطي نقدي قوي يقارب 82 مليار دولار بنهاية 2023 بفضل عائدات النفط المرتفعة نسبيًا، وهو رقم يكفي لتغطية الواردات لعدة سنوات، غير أن هذا الرصيد يمكن أن يتآكل سريعًا إذا استمرت أنماط الإنفاق الحالية دون إصلاح، لا سيما عند أي انخفاض في أسعار النفط عالميًا أو اضطراب في الإنتاج المحلي بسبب تطورات سياسية، من هنا فإن الإصلاحات التي ينادي بها الرعيض تشكل وقاية مبكرة للاقتصاد: تقليص نزيف الموارد عبر الدعم العشوائي والإنفاق غير المنتج سيعزّز استقرار المؤشرات الكلية (عجز مالي أقل، ودين عام تحت السيطرة) مما يمنح مصرف ليبيا المركزي مجالًا أكبر للمحافظة على قيمة الدينار وربما تعزيزها مستقبلًا، وبالتالي يُكبح التضخم وتُصان القوة الشرائية للمواطن الليبي، خاصة أن معدل التضخم السنوي تراجع إلى نحو 2-3% في 2023 ومن المتوقع بقاءه في نطاق منخفض إذا استمر الانضباط المالي.

رغم ذلك، يبقى التحدي الأكبر سياسيًا واجتماعيًا أكثر منه تقنيًا. فالمواطن العادي قد لا يُعير اهتمامًا كبيرًا لتقارير وكالات التصنيف الائتماني أو حتى لمعدل التضخم ما دام يشعر بأن معيشته اليومية مهددة؛ إن تعزيز الثقة هنا لا يتعلق فقط بأرقام الاقتصاد الكلي، بل بثقة الناس في أن إصلاحات التقشف المقترحة ستنعكس إيجابًا عليهم فعليًا ولن يتم الالتفاف عليها أو استغلالها ضدهم. كثيرون يتوجسون من أن رفع الدعم أو تخفيض فاتورة الرواتب سيُنفَّذ في النهاية على حساب المواطن البسيط، بينما يستمر الهدر في مستويات الحكم العليا. وللأسف هناك سوابق تعزّز هذا الشك: إذ جرى الحديث مرارًا عن إصلاحات ومبادرات اقتصاديّة في الماضي، لكنها أخفقت إما لسوء تنفيذها أو لغياب الإرادة السياسية الحقيقية، فتكرس لدى الشارع اعتقادٌ أن الوعود الرسمية شيء والواقع شيء آخر تمامًا.

من أجل تجسير فجوة الثقة هذه، كان ينبغي على الطرح الإصلاحي أن يتضمن إجراءات واضحة لبناء المصداقية. فعلى سبيل المثال، إعلان حزمة شفافية تتعهد بها الحكومة أمام المواطنين، تشمل نشر التقارير الدورية عن حجم الوفر المتحقق من الإصلاحات وكيفية إنفاقه (سواء في دعم مستهدف أو مشاريع تنموية). كذلك، ربما كان من المجدي لو أشار الرعيض إلى ضرورة توحيد الميزانية العامة بين حكومتَي البلاد المتنافستين وتحسين إدارة الموارد عبر سلطة مالية موحّدة، فجزء كبير من التشوهات الاقتصادية في ليبيا يرجع لانقسام المؤسسات وضعف الرقابة. إن طمأنة المواطنين بأن إصلاح الدعم وضبط الإنفاق لن يكونا مجرد إملاءات مالية بل جزءًا من رؤية أشمل لبناء اقتصاد أقوى وأكثر تنوعًا كان سيجعل رسالته أكثر إقناعًا. فلو وُضع الإصلاح المالي في إطار خطة تنموية متكاملة – تتضمن مثلًا تحسين مناخ الاستثمار، مكافحة الفساد الإداري، والاهتمام بقطاعات إنتاجية جديدة – لأمكن تغيير نظرة الناس من إصلاح يُخشى منه إلى إصلاح يُرجى منه.

الإصلاح في صالح الوطن لا الأفراد

في المحصلة، إن جوهر الأفكار التي طرحها محمد الرعيض يعكس تفكيرًا اقتصاديًا علميًا يستهدف معالجة اختلالات هيكلية أضرّت بمعيشة المواطن الليبي، إلا أن طريقة تسويق هذه الأفكار للجمهور هي التي أثارت النفور والمقاومة. لقد ركز خطاب الرعيض على الإجراءات المؤلمة المطلوبة (رفع الدعم، ضبط الرواتب) دون إيلاء نفس القدر من الاهتمام لشرح الضمانات والمكاسب المستقبلية أو للإشارة إلى تضحية الطبقة الحاكمة بنصيبها من الإصلاح، وهنا يكمن الدرس الأوسع: لا يكفي أن تكون السياسات صحيحة نظريًا، بل ينبغي أن تُطرَح عمليًا بطريقة عادلة وشاملة تأخذ بعين الاعتبار مخاوف الناس ومصالحهم، فالإصلاحات الجريئة يمكن أن تنجح وتؤتي ثمارها كما تُظهر تجارب دولية عدة، لكن شرط ذلك أن تحظى بثقة المواطنين ودعمهم القائم على اقتناع وإشراك في المنافع.

ليس الهدف من هذا النقاش الدفاع عن شخص الرعيض أو أي مسؤول بعينه، بل الانتصار لمنهج التفكير الموضوعي في مواجهة التحديات. إن رفض الأفكار فقط بسبب كراهية قائليها هو ضرب من إطلاق النار على أقدامنا. بدلاً من ذلك، المطلوب هو تمحيص كل طرحٍ اقتصادي بعقلانية: أخذ ما فيه من نفع وتصحيح ما يعتريه من نقص، وصولًا إلى معالجات واقعية تخدم مصلحة الوطن والمواطن، إذا نجحنا في تجاوز الشخصنة وتسييس الملفات الاقتصادية، سنجد أن كثيرًا من الوصفات العلاجية – وإن كانت مُرّة المذاق – هي ما يحتاجه الاقتصاد الليبي لينتعش ويحقق تنمية حقيقية مستدامة يشعر بها الجميع.

خاص.. المركزي يخاطب شركات ومكاتب الصرافة المرخص لها بمزاولة النشاط ببيع العملة بهامش ربح 7٪؜

تحصلت صحيفة صدى الاقتصادية حصرياً على مراسلة مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد بمصرف ليبيا المركزي إلى الشركات ومكاتب الصرافة المرخص لها بمزاولة النشاط من قبل المصرف .

حيث أصدر المركزي تعليمات بشأن الإذن لشركات ومكاتب الصرافة المرخص لها من قبل مصرف ليبيا المركزي، على بيع العملة الأجنبية بهامش ربح 7% على سعر بيع مصرف ليبيا المركزي للمصارف العاملة بليبيا ، وستخضع شركات ومكاتب الصرافة لمتابعة مستمرة ودورية من خلال إجراء جولات تفتيش ميدانية لتقييم التزامها بالتعليمات الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي، وسوف يتخذ مصرف ليبيا المركزي الإجراءات القانونية والعقوبات المنصوص عليها بالقانون رقم (1) لسنة 2005، والتي تصل إلى إلغاء الإذن الممنوح للشركة أو المكتب المخالف للتعليمات.

“اشنيبيش”: الانقلاب الصامت.. هل يعيد اليوان الرقمي تشكيل النظام المالي العالمي؟

كتب: الأستاذ “أنس اشنيبيش” مقالاً

في مشهد هادئ يشبه أفلام الجاسوسية، وخارج عدسات الإعلام الموجه نحو ضجيج الأسواق، تحدث ثورة مالية قد تغير قواعد اللعبة لعقود قادمة.

هذه المرة، ليست من وول ستريت، بل من قلب بكين، حيث بدأ اليوان الرقمي يشق طريقه نحو إعادة رسم ملامح النظام المالي العالمي.

بينما يتصارع العالم مع تضخم مرتفع، وحروب عملات، وعقوبات اقتصادية، تحركت الصين بخطى مدروسة لتقديم بديل استراتيجي لأكثر شبكات المال نفوذًا: نظام SWIFT.

اليوان الرقمي.. أكثر من عملة

اليوان الرقمي، أو ما يعرف بـ DCEP (Digital Currency Electronic Payment)، ليس مجرد عملة إلكترونية جديدة، إنه مشروع دولة، ومفتاح في يد الصين للتحكم بتدفقات الأموال عبر الحدود، دون الحاجة إلى المرور عبر النظام الغربي التقليدي.

في مارس 2025، أعلنت الصين نجاحها في ربط نظامها للدفع الرقمي بعدة دول من آسيا والشرق الأوسط، ضمن مشروع ضخم يقلص الاعتماد على الدولار، ويفتح أبواب التجارة البينية بلغة مالية جديدة.

من بكين إلى دبي.. في 7 ثوانٍ

في تجربة مذهلة، تمت تسوية عملية تجارية بين هونغ كونغ وأبوظبي باستخدام اليوان الرقمي خلال 7 ثوانٍ فقط — دون الحاجة إلى بنوك وسيطة، ودون المرور عبر سويفت، رسوم العملية؟ أقل بـ 98٪ من المعايير المعتادة.

نعم، ما تقرأه صحيح: لا انتظار، لا تعقيد، لا رسوم خفية.

لماذا الآن؟ ولماذا بهذه السرعة؟

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، والعقوبات المالية المتكررة، بات واضحًا أن من يملك البنية التحتية المالية يملك النفوذ، الصين تدرك هذه الحقيقة جيدًا، وتسعى عبر اليوان الرقمي إلى فك الارتباط التدريجي عن الدولار، وتحقيق ما تسميه “الاستقلال المالي السيادي”
وعبر تقنية البلوك تشين، تحقق الحكومة الصينية مستوى من الشفافية والرقابة والتحكم لا مثيل له

كل معاملة، كل تحويل، كل دفعة — تُسجَّل على دفتر حسابات رقمي لا يمكن التلاعب به. هذه ليست مجرد تقنية لحماية الأموال، بل أداة جيوسياسية دقيقة، تسمح للصين بمتابعة حركة رأس المال لحظة بلحظة، داخليًا وعبر الحدود.

في المقابل، يتساءل البعض: ماذا عن الخصوصية؟ وماذا لو تحول هذا النظام إلى أداة مراقبة كاملة؟

التنين المالي يمد جناحيه

المثير للدهشة ليس فقط التكنولوجيا، بل التوقيت، فبينما تتصارع الاقتصادات الغربية مع تبعات التضخم والركود ومعدلات الفائدة المرتفعة، تتحرك الصين بهدوء نحو بناء كتلة تجارية رقمية جديدة.

اليوم، عشر دول في رابطة “آسيان”، وست دول من الشرق الأوسط — من بينها دول نفطية ذات تأثير كبير — بدأت فعليًا بالتكامل مع النظام الصيني الجديد، متجاوزة النظام الغربي ومحدودية نظام SWIFT.

إنه أشبه بـ “نظام SWIFT 2.0”، لكن بلغة صينية، ومنصة تُدار وفق رؤية استراتيجية طويلة الأمد.

رد فعل الغرب؟

حتى الآن، لا يبدو أن واشنطن أو بروكسل تمتلكان ردًا فعّالًا، العقوبات المالية أصبحت سلاحًا يهدد بخلق بدائل، وليس بالضرورة إخضاع الأنظمة. ومع كل مرة يُستخدم فيها SWIFT كأداة عقاب، تزداد رغبة الدول في التحرر منه.

والصين تعرف تمامًا كيف تلعب على هذا الوتر.

هل نشهد بداية النهاية لهيمنة الدولار؟

لنكن واقعيين، الدولار لن يسقط غدًا، لكنه بدأ يفقد شيئًا من سطوته. وبدخول اليوان الرقمي إلى ساحة المدفوعات العالمية، ليس كعملة فقط، بل كنظام مالي بديل كامل، فإن المعادلة بدأت في التغير.

الصفقة القادمة في الشرق الأوسط؟ قد تتم بعملة رقمية صينية.

مشروع مشترك بين آسيا وأفريقيا؟ لن يمر عبر نيويورك.

وفي هذا العالم الجديد، من يملك البنية التحتية الرقمية، يملك التأثير.

هل الانقلاب الصامت قد بدأ ؟؟

إنه ليس انقلابًا بالمعنى الكلاسيكي، لا دبابات، لا صراخ في الشوارع… لكنه انقلاب مالي — يتم عبر الكود، والخوارزميات، والتحويلات التي لا تُرى.

وفي غضون سنوات قليلة، قد نستيقظ لنجد أن العالم لم يعد “يحول” عبر SWIFT، بل “ينقر” على نظام صيني، أسرع، أرخص، وأكثر كفاءة.

والسؤال الذي يبقى:
هل نحن مستعدون للعيش في عالم ما بعد SWIFT؟

خاص.. المركزي يكشف لصدى عن عدم حضور المحافظ لجلسة النواب المقبلة لسفره في مهمة .. وأنه سيحيل للمجلس مذكرة إصلاحات اقتصادية للحكومتين

أكد مصدر مسؤول بالمصرف المركزي حصرياً لصدى الاقتصادية بأن المحافظ خاطب رئيس مجلس النواب منذ أيام بأنه مسافر في مهمة عمل وموعد مسبق لاجتماع موسّع بحضور نائبه ومدراء المصرف المركزي بطرابلس وبنغازي وممثلي الوزارات والهيئات والمؤسسات الليبية مع بعثة خبراء صندوق النقد الدولي، لذلك لن يتمكن من حضور جلسة يوم الثلاثاء.

وقال المصدر: ولكن سيحيل لمجلس النواب حزمة من الاصلاحات الاقتصادية السريعة للحكومتين، والتي إن طُبقت فسوف تخرج البلاد من هذه الأزمة بشكل كُلّي، إن تجاوبت معه كافة الاطراف المعنية.

خاص: سفارة “النرويج” لصدى: في الوقت الحالي ليس لدينا خطط لفتح السفارة .. وهذه التفاصيل

صرحت سفارة النيرويج لصحيفة صدى الاقتصادية اليوم الإربعاء أن سفارة النيرويج في الوقت الحالي ليس لديها أي خطط لفتح السفارة في العاصمة طرابلس .

وأكدت السفارة لصدى الاقتصادية بالقول: في الوقت الحال نخطط لفتح قنصلية وليس سفارة وذلك كما أبلغنا سابقاً وفقا للسفارة.

“الترهوني”: في ضوء قرارات المصرف المركزي.. المعيشة في ليبيا إلى أين؟

كتب: الخبير الاقتصادي د. “عبدالله ونيس الترهوني”

أدلى الكثيرون بدلوهم بعد صدور منشور أو بيان مصرف ليبيا المركزي عن مصروفات ومداخيل شهري يناير وفبراير 2025، وبكل تجرد فالمنشور أو البيان مبتور وأرقامه غير دقيقة، وكان الغرض منه هو تهيئة الرأي العام الليبي للسيناريو القادم، وهو الذي ظهر جلياً مع بزوغ شمس أول أيام العمل الرسمي بعد عطلة عيد الفطر المبارك!

من حيث الاساس، إن المصرف المركزي مسؤول عن السياسة النقدية وهذه السياسة مربوطة مع السياسات الاقتصادية الأخرى التي تديرها الحكومة، وبالتالي فنشر المصروفات هو تخصص اصيل لوزارة المالية المسؤولة عن السياسة المالية وليس المصرف المركزي، ومن حيث الأساس أيضاً أن من يقول أن المشكلة في ليبيا هي اقتصادية هو إنسان غير مدرك لحقيقة الأمور أو أنه انسان يناقش التفاصيل بعيداً عن الجوهر، فالمشكلة في ليبيا هي سياسية بإمتياز، وأن الاختلالات الاقتصادية قد بدأت في العام 2014 عندما بدأت المشكلة السياسية وماتبعها من اقفالات للنفط وحروب وصراعات هنا وهناك، وبالتالي فإن العودة لأصل المشكلة هو أساس الحل.

إننا اليوم كليبيين نقف على مفترق طرق، فمع صعود ترامب لسدة الحكم هوت اسعار النفط الخام، وبالتالي صرنا في ليبيا مجبرين لامخيرين على تنويع مصادر دخلنا لسد فجوة التمويل، ثم اللحاق بركب دول الخليج التي سبقنا بشوط كبير، وأرى أنه قد آن الأوان للاستماع للخبراء والعاقلين والاقتداء بتجارب دول وشعوب عانت مثل ماعانينا.

من حيث التفاصيل، فالبعض يرى أن قانون تحريم الربا في ليبيا رقم 1 لسنة 2013 قد حرم المصرف المركزي من أحد أهم أدواته (سعر الفائدة)، والذي جعل من سعر الصرف هو الآلية الوحيدة التي يتحرك بها منذ 2013 وحتى اليوم، ومن جانبي لا أتفق كلياً مع هؤلاء، فالبلد بحاجة لتفعيل سوق الأوراق المالية أيضاً، ولضبط الإنفاق الحكومي وفقاً لقانون ميزانية، وإلى ضبط العمالة الوافدة، والاهم من هذا هو تفعيل دور الاجهزة الرقابية ومكافحة الفساد بلاهوادة.

من ناقلة القول أن الصرف بدون قانون ميزانية، وإختلال عمل الاجهزة الرقابية،واستمرار برنامج مقايضة النفط الخام بالمكرر مع استمرار توقف عمل المصافي المحلية، وفوق كل هذا طباعة أكثر من 100 مليار من العملة المحلية مع الاحتفاظ بالاصدارات القديمة في التداول سيقودنا حتماً للافلاس عاجلاً او آجلاً، وبحل هذه المعضلات الأربعة فإن الاقتصاد الوطني سيستقر، ولكنه لن يتعافى لأن هناك عوامل أخرى تؤثر فيه.

في يومنا الحاضر، تعيش السياسات التجارية والمالية والنقدية في معزل عن بعضها، وبدوره أصدر مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي القرار رقم 18 لسنة 2025 بشأن تخفيض قيمة العملة الوطنية ليسد الفجوة في التمويل لكي لا يكون مضطر للسحب من الاحتياطي، ولكن هذا بدوره سيزيد من إعداد الفقراء بسبب تضخم الاسعار، وسيوسع الهوة بين طبقة المرفهين والطبقة المسحوقة، وفي الوقت الذي بدأ فيه الحديث عن أن القرار قد تم اتخاذه بموافقة نصف الأعضاء وليس اغلبهم، وهو مايتعارض مع قانون المصارف الليبي، فإن الأولى بالمصرف المركزي أن يتوقف على إقراض الحكومة (عدا الباب الاول) على أن يتم ذلك صرف الباب الاول حصراً من خلال منظومة أيسر التابعة للمصرف المركزي.

دون الحاجة الى إعادة مانشروا، فقد تطرق عدداً من الخبراء الليبيين وعلى رأسهم الدكتور محمد ابوسنينة والدكتور محمد الشحاتي والدكتور عمران الشايبي إلى عرض آليات مهمة لمعالجة بعض التشوهات الحالية في الاقتصاد الليبي حيث يتمثل جوهر هذه المعالجات في تقنين الانفاق أي جعل الصرف يتم فقط من خلال قانون ميزانية، وإلى إغلاق السواد الأعظم من السفارات والقنصليات والمندوبيات الليبية بالخارج والتي يبلغ عددها ضعف عدد سفارات وقنصليات ومندوبيات الولايات الأمريكية بالخارج، مع تشديد الرقابة على على الاعتمادات المستندية وتحويلات العملة، وسحب ثم حرق جميع الأوراق النقدية من فئة 50 دينار ضمن خطة تقتضي سحب وإعدام أوراق نقدية لاتقل قيمتها عن 50 مليار دينار من السوق المحلي، ورفع التعريفة الجمركية على السلع الكمالية وغير الضرورية، وإعادة المصافي المحلية للعمل، وبالتوازي مع كل هذا تتم إعادة هيكلة مؤسسات الدولة على المدى المتوسط من خلال الدمج والإلغاء وفقاً لمعايير صحيحة، وتصحيح أوضاع العمالة الوافدة.

في كل الأحوال، شئنا أم أبينا فالعودة إلى الاقتصاد الاصيل (الزراعة والصناعة) هو شئ محتوم، ويجب علينا أن نصحوا من الأوهام التي نعيشها والتي نتجت عن المرض الهولندي الذي أصاب ليبيا كما أصاب دول قبلها، وعلينا في قادم السنوات تأمين غذائنا من أرضنا الواسعة، والتوجه للصناعات الصغرى والمتوسطة، والتوسع في الصناعات القائمة على النفط الخام، ودعم الابتكار واقتصاد المعرفة.

ختاماً، أرى أن المشكلة في ليبيا هي سياسية وليست اقتصادية، وأن بعض ماتم سرده في هذا المقال هو مجرد آليات أو معالجات لمشكلة تراكمية منذ عقود، ونحن بحاجة لسنوات من التفكير والتخطيط لنعيد لبلادنا هيبتها ولينعم شعبها بالعيش على أرضه.

أفريكا إنتليجنس: تهديدات جديدة يواجهها النفط بليبيا.. وأسماء جديدة مرشحة إدارة مؤسسة النفط

قال تقرير موقع أفريكا إنتليجنس أنه بينما يحيط حفتر بالمشهد، عبد الحميد الدبيبة يتمسك بالسيطرة على المؤسسة الوطنية للنفط، مؤكدا أن التمسك بنفوذه في قطاع النفط مع محاولة إرضاء خليفة حفتر، هو التحدي الكبير الذي يواجه رئيس الحكومة، حيث يكافح لتعيين رئيس جديد للمؤسسة الوطنية للنفط.

وقال أن عبد الحميد الدبيبة، رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، يسعى لشراء الوقت من خلال الإبقاء على مسعود سليمان رئيساً مؤقتاً للمؤسسة الوطنية للنفط، رغم الحاجة إلى تعيين مجلس إدارة كامل وجديد، سليمان، النائب السابق لرئيس المؤسسة، تولى المنصب منذ أكثر من ثلاثة أشهر بموافقة رئيس الوزراء، بعد إقالة رئيسه السابق فرحات عمر بن قدارة .

وتابع: رغم أن تعيين رئيس جديد للمؤسسة يمثل تحدياً كبيراً لرئيس الوزراء، إلا أن تعيين شخص لا يحظى بموافقة جماعة حفتر أمر غير وارد قائد الجيش الوطني الليبي لا يزال يهدد بإغلاق الحقول النفطية، والتي تقع أغلبها في منطقة برقة .

ووفق الموقع ففي الشرق، هناك شخصيتان مقربتان من جماعة حفتر مرشحتان لتولي المنصب:
• عارف النايض، السفير الليبي السابق في الإمارات
• محمد بن شتوان، رئيس شركة الخليج العربي للنفط (AGOCO) لكن الدبيبة لا يرغب في تعيين شخصية محسوبة على حفتر.، وبصفته أيضاً رئيس المجلس الأعلى لشؤون الطاقة، الذي يتمتع بنفوذ على قرارات المؤسسة، يفضّل الدبيبة الاستمرار في العمل مع مجلس الإدارة الحالي الذي يضم:
• أحمد عمار
• حسين سفر
• خليفة رجب عبد الصادق (وزير النفط والغاز الحالي)

تم تعيين هؤلاء الثلاثة عندما أصبح بن قدارة رئيساً للمؤسسة، في اتفاق تم التفاوض عليه بين إبراهيم الدبيبة (أحد أقارب رئيس الوزراء وذراعه اليمنى) وصدام حفتر (نجل خليفة حفتر)، برعاية أبو ظبي (AI، 21/10/22).

في الآونة الأخيرة، تمكنت جماعة حفتر من تأمين مناصب جديدة لأفرادها في الشركات التابعة للمؤسسة،
• محمد بشير الحمروني تم تعيينه رئيساً لشركة الواحة للنفط في منتصف مارس، وهي مشروع مشترك مع شركتي توتال إنرجيز الفرنسية وكونوكو فيليبس الأمريكية. وقد خلف فتحي بن زاهية الذي تم توقيفه في فبراير بأمر من النائب العام بتهمة الاحتيال بمبلغ 770 مليون دينار (حوالي 150 مليون يورو في ذلك الوقت) وفق الموقع وبن شتوان، أحد المقربين من صدام حفتر، احتفظ برئاسة AGOCO، لكنه توسع أيضاً ليصبح رئيس شركة مليتة للنفط والغاز في فبراير

خاص.. “الحاراتي” يصرح حول المخاطر التي أوضحتها بيانات المركزي والتي أدت إلى تخفيض قيمة الدينار الليبي وما يصاحبه من آثار

صرح المستشار القانوني “هشام الحاراتي” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية حيث قال: إن ما يحدث في ليبيا هو مثال صارخ على خيانة الأمانة، إذ تقوم أطراف فاسدة ممن أوكلت إليهم المسؤولية عن إدارة الدولة بالاستيلاء على أموال الشعب الليبي بطرق غير مشروعة ومخالفات إدارية، مما يشكل جريمة جنائية تمس حقوق المواطنين الليبيين وتعرضهم لمخاطر اقتصادية واجتماعية جمة.

مضيفاً: وفقاً للقانون الليبي فإن هذه الأفعال مجرمة جنائياً وموجبة للعقوبة، لذلك يجب أن يتحمل كل فرد شارك في هذا النهج الجائر المسئولية الجنائية أمام القضاء الليبي، ويجب على العدالة أن تأخذ مجراها بلا تهاون أو محاباة.

وعرج: إن جريمة النهب وخيانة الأمانة ليست مجرد أفعال فردية، بل هي جريمة منظمة تهدد استقرار الدولة وأمنها الاقتصادي والاجتماعي؛ فمن غير المقبول أن يتسلل الفساد إلى كل ركن في الدولة دون عقاب.

وأختتم قوله: فالقانون يجب أن يكون الحصن المنيع ضد هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الشعب، وعلى الشعب الليبي الضغط على السلطة القضائية لتأخذ دورها الذي رسمها لها القانون بما يضمن المحاسبة وعدم إفلات المجرمين من العقاب، ليتساوى الجميع أمام القانون وحتى لا تقتصر العدالة على من لا عائل له ولا نفود يحيل بينه وبين تحقيق المحاسبة كما هو واقعنا من سنوات للأسف.

“الزنتوتي”: بعد تخفيض الدينار اليوم إلى أين وهل هي النهاية!؟

كتب: المحلل المالي “خالد الزنتوتي” مقالاً

خرج علينا مصرفنا المركزي اليوم بقرار تخفيض سعر الصرف ب 13,3 % ( ولا أعلم لماذا الكسر فوق 13، أهو نتيجة حسابات دقيقة وفق نموذج تسعيري للسعر العادل للدينار ( أمل ذلك )، أم هو ضربة من الحظ السئ في إطار( تصيب او تخيب )، والحقيقة ربما يتجاوز الخفض ال 16% إذا ما اخذنا في الحسبان ارتفاع مبلغ الضريبة أيضا .

هذا القرار ومعطياته لا غرابة فيه وهو متوقع من المصرف المركزي حيث أن لا حلول غيره لديه في ظل تركة بائسة وواقع مرير ،،،وله العذر في ذلك ولعله بذلك يظهر الحقيقة كما هي، ولكن يظل السؤال الكبير، هل هذه هي النهاية، أم أن إلا نهائيات أخرى قادمة!؟

نأمل أن تكون هذه هي النهاية، ولكن البيانات والأرقام التي أشار إليها المركزي اليوم، لا توحي أبدا، بأنها النهاية للأسف!، فعندما يبلغ العجز في الإنفاق الدولاري حوالي 50%

وعندما يبلغ الدين العام 330 مليار دينار ويتجاوز ما نسبته 130% من الناتج المحلي ، وهو دين عام استهلاكي ينخره الفساد والمفسدين.

وعندما يكون نصيب الفرد من الدين العام Debt per capita حوالي 45 الف دينار والذي كان منذ اقل من سنتين 30 ألف دينار، وهذا يعني ارتفاعه سنويا بحوالي 25%,

وعندما يبلغ الإنفاق العام أرقام غير مسبوقة، وعندما تبلغ المرتبات 75 مليار، وعندما تمعن الحكومتان في انفاق استهلاكي مريب، وعندما وعندما، وعندما..! الخ.

وعندما يمعن المشرعين والتنفيذين في خلق الخلاف والاختلاف وتعزيز الانقسام بهدف الاستمرار في السلطة والصراع على المال المشاع وبايدي فاسدة مفسدة تدعمها القوة والمال الفاسد والتهريب وسوء الادارة والجهوية والمحاصصة، ولا أعمم،
فماذا تتوقعون وهل هي النهاية؟

للأسف، إذا ما استمررنا بهذا الحال، فستكون النهاية أم النهايات!؟، بعد هذا التخفيض الرسمي لسعر الدينار، سيستغل التجار هذه الحالة وسيرفعون أسعارهم بنسب أعلى بكثير من نسبة التخفيض ويستغلون الموقف لرفع أسعار سلعهم بنسب تتجاوز ال 25% أو أكثر، وسنرى!

سيتناسون أن اعتماداتهم كانت مفتوحة بالسعر السابق، بل أن مخازنهم مملؤة بالسلع ومنذ مدة وقد استعدوا لذلك حيت أنهم يعرفون مسبقا بأن التخفيض قادم!! أنا هنا لا اعمم، لربما كان هناك من هو صادق مع الله ومع نفسه!!

الحل لا يكمن فقط في توحيد الميزانية العامة، بل يذهب إلى أعمق من ذلك بكثير، يذهب إلى معالجة أسباب هذا الانفاق الاستهلاكي الغير معقول أبدا، يذهب إلى معالجة هذا الفساد وسوء الادارة والذي جعلنا الفاسدين الأشهر في العالم .

يذهب إلى معالجة انقسامنا الجهوي وحصتي وحصتك، يذهب إلى مراجعة هيكلنا الاقتصادي والإداري بعلمية وموضوعية ونخوة وطنية ليبية حتى بدون نخوة ( قومية )، ولا سبتمبرية ولا فبرايرية ولا، ولا، فكلنا أبناء ليبيا وليبيا هي الوطن والملاذ.

إذا ما توفرت الإرادة والصدق مع الله والوطن، فالحلول واضحة للعيان ويمكننا جميعا، أكرر، جميعا، أن نحل كل مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بس شوية نخوة،!وصدق عز من قائل، (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ [الرعد:11].صدق الله العظيم.

“الشائبي”: المصرف المركزي لا يستطيع وحده مواجهة التحديات القريبة.. وهذه الحلول بعد تعديل سعر الصرف

كتب الخبير المصرفي “عمران الشائبي” مقالاً عبر صفحته الرسمية تعليقاً على بيان محافظ مصرف ليبيا المركزي.

التحديات الاقتصادية الرئيسية

  1. الإنفاق المزدوج يعد من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الليبي في ظل الانقسام السياسي حيث بلغ إجمالي الإنفاق المزدوج للحكومتين 224 مليار دينار ليبي خلال عام، منها 123 مليار دينار من حكومة الوحدة الوطنية، و 59 مليار دينار من الحكومة الليبية، و42 مليار دينار من مبادلات النفط، هذا الوضع يعكس ضعف التنسيق بين الأطراف السياسية ويزيد من الضغوط المالية على الدولة.
  2. فجوة الإيرادات والنفقات حيث بلغت 136 مليار دينار فقط، مما يشير إلى فجوة تمويلية ضخمة مقارنة بحجم الإنفاق البالغ 36 مليار دولار، هذا الخلل خلق طلباً كبيراً على العملة الأجنبية، ما فاقم الضغط على الاحتياطيات النقدية وسعر الصرف.
  3. ضعف إيرادات النفط الموردة للمصرف المركزي بلغت 18.6 مليار دولار فقط، بينما المصروفات وصلت إلى 27 مليار دولار، مما أدى إلى فجوة بين العرض والطلب على الدولار تُقدر بحوالي 8.4 مليار دولار.

الآثار السلبية للوضع الحالي

  1. زيادة عرض النقود، حيث ارتفع إلى 178.1 مليار دينار نتيجة التوسع في الإنفاق المزدوج، ما يزيد من التضخم ويؤثر سلباً على القوة الشرائية للمواطنين.
  2. تزايد الضغط على سعر الصرف مما أدى إلى تراجع الثقة المحلية والدولية بالاقتصاد الليبي وزيادة معدلات التضخم.
  3. ارتفاع الدين العام حيث وصل إلى مستويات قياسية بلغت 270 مليار دينار، موزعاً بين: 84 مليار دينار لدى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس و 186 مليار دينار لدى المصرف المركزي في بنغازي.

مع استمرار الوضع الحالي، من المتوقع أن يصل الدين العام إلى 330 مليار دينار بنهاية 2025، خاصة في حال عدم إقرار ميزانية موحدة
الوضع في الربع الأول من 2025، بلغ إجمالي مصروفات الدولار 9.8 مليار دولار، موزعة على:
4.4 مليار دولار لاعتمادات وحوالات.
4.4 مليار دولار لبطاقات التجار والأغراض الشخصية.
مليار دولار للمصروفات الحكومية. هذا النمط من المصروفات يُظهر طلباً مرتفعاً على العملة الأجنبية، ما يزيد من الضغط على الاحتياطيات.

عجز الإيرادات النفطية حيث بلغت 5.2 مليار دولار فقط حتى 27 مارس، ما يعني عجزاً بقيمة 4.6 مليار دولار خلال الربع الأول من العام.

أهم العوامل المساهمة في الأزمة

  1. الانقسام الحكومي والمؤسسي أدى إلى غياب رؤية اقتصادية موحدة وقرارات متضاربة، مما زاد من تعقيد المشهد الاقتصادي.
  2. التهريب المستمر للسلع والمحروقات ساهم في زيادة الطلب على استيرادها، ما أدى إلى استنزاف العملة الصعبة.
  3. العمالة الوافدة والهجرة غير الشرعية تستنزف قرابة 7 مليارات دولار سنوياً، ما يعدّ عبئاً إضافياً على الاقتصاد.
  4. غسل الأموال وتمويل الإرهاب في السوق الموازي يضيف تحديات أمنية واقتصادية خطيرة، ويؤثر على استقرار النظام المالي.
  5. لا توجد أدوات نقدية للمصرف المركزي مثل سعر الفائدة لتحجيم التضخم وامتصاص بعضا من الكتلة النقدية.

ما الحل؟

  1. تعديل سعر الصرف بما يخلق توازنات في القطاعات الاقتصادية، مع مراعاة تأثير ذلك على مستويات التضخم.
  2. استخدام جزء من الاحتياطيات لفترة محدودة قد يساعد في الحفاظ على استقرار سعر الصرف، ولكن يجب أن يتم ذلك بحذر لتجنب استنزافها.
  3. الدعوة لتوحيد السلطات التشريعية والتنفيذية لإنهاء الانقسام السياسي والمؤسسي، مما يساهم في تحسين إدارة الموارد المالية.
  4. تطوير رؤية اقتصادية قصيرة الأجل تتضمن إقرار ميزانية موحدة لضبط الإنفاق العام وإعادة التوازن المالي.
  5. مناشدة الجهات القضائية ووزارة الداخلية لاتخاذ إجراءات صارمة ورادعة ضد تهريب السلع والمضاربة بالعملات.

الحقيقة المرة التي لا يتكلم عنها احد هي ان دولة ليبيا تعتبر منقسمة منذ 15 سنة رغم المجاملات والكذب بأن الدولة موحدة (الاسم العلم والنشيد فقط) ولا يمكن للوضع ان يستمر عام آخر ولن يستطيع المصرف المركزي وحده بمواجهة التحديات القريبة.

الحقيقة المرة هي أننا أصبحنا أقرب للكوريتين الشمالية والجنوبية اللتان تشتركان في الاسم ولكل منهما سلطة وجيش ومؤسسات مالية وفنية وحكم خاصة بها. يجب علينا ترك المجاملة واللعب بالعواطف واتخاذ قرارات ربما تكون لصالح الدولة إذا استقرينا على توحيد حقيقي لمكونات الدولة أو مأسوية في المستقبل إذا استمرينا في الانقسام الذي سيكون مصيره المواجهة الدموية التي لا يريدها أحد.

“إبراهيم والي”: إنخفاض سعر صرف الدينار وانخفاض سعر برميل النفط

كتب الخبير الاقتصادي “إبراهيم والي” مقالاً: في هذا المنشور كنت سأتكلم عن دور الدين العام المحلى البالغ (200) مليار دينار ودوره في الحياة الاقتصادية في ليبيا كأداة من أدوات السياسة المالية وكأداة لسد العجز في الميزانية العامة، في ظل تدني الإيرادات العامة، سواء كانت إيرادات نفطية أو إيرادات ضريبية، لمواجهة النفقات العامة وخاصة التنموية الاستثمارية، التي تساعد على رفع المستوى المعيشي للمواطن الليبي من خلال اعتماد سياسات وخطط مالية واقتصادية توضع في هذا الخصوص، ولكن قادني قلمي وأنا لأدرى إلى المشكلة الجديدة القديمة والتي لم تنفك أن تغادرنا إلا إذا غادرنا من كانوا سببا في صناعتها والقيام بها وهى مشكلة تدهور سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار والانخفاض الحاد في أسعار النفط .

                                                                                                                                      - المشكلة الرئيسية هو وجود فرق كبير بين سعر صرف الدولار الرسمي وسعر صرف الدولار في السوق الموازي، وما دام الفرق كبير بينهما يشجع بوجود تجار مضاربون وهؤلاء المضاربون هم من يقوموا نيابة عن مصرف ليبيا المركزي بدعم السوق الموازي العدو اللدود للمصرف المركزي كما يقول خبراء الاقتصاد ،(هل رأيتم من يقوم بدعم عدوه بالمال) لكي لا يستطيع المصرف المركزي الدفاع على عملته الوطنية وتبقى تُنقل مكدسة على براويط ليس لها قيمة وكأنها في سوق الخضار وتحت جدار المصرف المركزي.

وكيف لا تكون كذلك عندما يأخذ المضارب بطاقة 10 آلاف دولار في الصباح من مصرف ليبيا المركزي ويذهب بها في المساء ليصرفها في السوق الموازي ليتحصل على إيراد من 7%الى 8% وعندما يعمل هذا المضارب هذه العملية عشر مرات فقط فإن الربح يتضاعف إلى %300 بل فيه من يتحصل على أكثر من (50) بطاقة فكيف يكون ربحه من هذه العملية؟

مع العلم أن مصرف ليبيا المركزي قام بفتح اعتمادات كثيرة خلال الفترة الأخيرة وهو الآن يمنح مبالغ عن طريق بطاقة الأغراض الشخصية …الخ. ومع ذلك سعر الدولار في ارتفاع تجاوز (7 ) دينارات وسوف يصل الى 10 دينارات إذا استمر هذا الحال المزرى ، قام المصرف المركزي بهذه السياسات الخاطئة ضناً منه أن قيمة الدينار الليبي سوف ترتفع مقابل الدولار.

إذاً الفارق الكبير بين سعر صرف الدولار الرسمي وبين سعره في السوق الموازي هو الذى أدى إلى وجود تُجار عملة مضاربين وهو الذي فتح الأبواب مشرعة للفساد والتهريب والسرقة الخ.

إن هذه السياسات الخاطئة التي حصلت من خلال حكومات متعاقبة وبذلك تكون نتيجة هذه السياسات هو الفشل والاخفاق في إدارة الانفاق ووجود السرقة والتهريب ،كل هذه النتائج السلبية أدت الى عدم التوازن في كل السياسات (السياسية والاقتصادية والنقدية، والمالية).

على سبيل المثال لا الحصر: سياسة الإنفاق في سنة 2010 كانت المرتبات من 8 الى 9 مليارات وبعدها أصبحت 25 مليار واليوم أصبحت 65 مليار. ‏

نأتي إلى حجم الموازنات العامة:- في سنة 2017 كان حجم أكبر ميزانية في تاريخ ليبيا 70 مليار دينار وصارت عليها ضجة اعلامية كبيرة ووصل سعر صرف الدولار في ذلك الوقت الى (10) دينار، في سنة 2018 عندما ثم فرض رسوم على العملة الأجنبية وكانت هذه إيجابية بالنسبة للحكومة وتم حل جزء كبير من مشاكها التي كنا نعانى منها في السنوات من 2015 – 2019 هذه السنوات العجاف كانت لا توجد لدينا سيولة وعجزنا عن دفع المرتبات لمدة تزيد عن 7 أشهر ودفعنا منها علاوة الأطفال وعلاة الزوجة وحتى علاوة البنات كل هذه حلولا تلفيقيه مؤقتة.

  • وفى سنة 2023 نتكلم على ميزانية عامة بلغت (125) مليار دينار نفقات عامة وفيها نسبة 84% نفقات استهلاكية وهذه مشكلة أخرى وخطيرة أوقعتنا فيها هذه الحكومة.

واليوم في شهر أبريل سنة 2025 قد حدث ما كنت حذرت منه في منشوري بتاريخ 19/2/2024 وهذا هو النص حرفيا ((أنني أحذر هذه الحكومة وكذلك مجلس النواب ومصرف ليبيا المركزي إذا ما أستمرت هذه السياسات الخاطئة سوف تشهد ليبيا عجزاً كبيراً وحقيقيا عندما يكون سعر برميل النفط دون (72) دولار وهذا ليس كلامي بل هو كلام الكثير من الخبراء في هذا المجال)).

اليوم وفى هذا الشهر حدث انخفاضا حادا في أسعار النفط بحيث وصل سعر البرميل خام برنت الى 66 دولار للبرميل وهو أقل مستوى له منذ سنوات نتيجة للحرب التجارية التي تشنها أمريكا على العالم والتوترات الأخرى العالمية.

*وعليه يجب أن نستعد لهذه السنة 2025 لمواجهة هذا العجز أو الانهيار الاقتصادي لا سامح الله في ظل عدم وجود سياسات نقدية ومالية ولا إصلاحات مصاحبة.

لا تستقيم السياسة النقدية والمالية بدونها مثل التنمية في البنية التحتية والاستثمار وإنشاء المشاريع الصغرى والمتوسطة وتفعيل المؤسسات السيادية وغيرها ،تحدثُ عنها في منشوري بعنوان آزمة الاقتصاد الليبي وكيفية الخروج منها بتاريخ 11/28/ 2024 لمن أراد الاطلاع عليه وهنا يجب أن يتأتى سريعاً وفوراً وجود رئيس حكومة موحدة على كامل التراب الليبي يحمل عقلية الرشد ويكون ولائه لله وللوطن قبل كل شيء ويكون انتمائه لكل الليبيين ويكون في مستوى المسئولية ويُشرك الخبراء في جميع المجالات ويعطى “الخبز لخبازه ” كما يقولون وتكون فيه إصلاحات صريحة ومستمرة دونما انقطاع وتعديل الوضع القانوني لمصرف ليبيا المركز وإصلاح القطاع المصرفي ، والفصل بين السلطات والاختصاصات (النقدية والمالية والتجارية ) وفتح المقاصة ، هذا بالإضافة إلى الاصلاحات المصاحبة وهي مهمة لرفاهية المواطن الليبي الغلبان وارتفاع مستوى معيشته، مثل منح قروض لإنشاء المشاريع الصغرى والمتوسطة، ومنح القروض بجميع انواعها العقارية، والزراعية، والصناعية التي تمتص البطالة التي تجاوزت في ليبيا حوالى 40% ، وهنا سوف يكون للدينار الليبي قوته ومكانته كعملة وطنية ويرجع إلى قوته الأولى وهو السعر التوازني إنشاء الله.

كما أن هذه التأثيرات الإيجابية المحتملة تشمل زيادة الإيرادات الحكومية، وانخفاض عجز الموازنة، وزيادة.

“أبوسنينة”: حول قيام الولايات المتحدة الأمريكية بفرض رسوم جمركية على وارداتها من مختلف دول العالم بما في ذلك ليبيا

كتب: الخبير الاقتصادي “محمد أبوسنينة” مقالاً

الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر من أكبر الاقتصادات اعتماداً على الخارج، وعندما تتجول في الأسواق الأمريكية قلّما تجد سلعة صنعت في أمريكيا، خاصة السلع الاستهلاكية، مثل الملابس والأحذية والمفروشات والحلي ومنتجات التكنولوجيا، والمشروبات الكحولية، بل تجد كل أصناف المنتجات الموردة من مختلف الدول والتي من بينها دول الاتحاد الأوروبي، و دول جنوب شرق آسيا، والمكسيك، وكندا، والصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتركيا، ودول الشرق الاوسط الأوسط، وحتى بعض الدول الأفريقية جنوب الصحراء .

هذا يعني أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الاستيراد من العالم الخارجي، والميزان التجاري دائما ليس في صالحها، بالرغم من أن حجم الاقتصاد الأمريكي يمثل حوالي 26 % نسبة إلى الاقتصاد العالمي، ويرجع هذا الوضع لأسباب اقتصادية صرفة .

وبالرغم من ذلك تفاجئ الولايات المتحدة العالم بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 10% و 50٪؜ على الواردات من أكثر من 200 دولة .

ويرجع تفوق الميزان التجاري الإجمالي للدول المصدرة إلى الولايات المتحدة، أو من ناحية أخرى العجز في الميزان التجاري الأمريكي، إلى ما تتمتع به هذه الدول من مزايا نسبية نتيجة لرخص منتجاتها وجودتها وانخفاض تكاليف انتاجها، بما في ذلك رخص تكاليف الأيدي العاملة بها، مقارنة بتكاليف إنتاج بدائلها في الولايات المتحدة الأمريكية .

وقد بلغ عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة في مطلع عام 2025 حوالي 103.5 مليار دولار أمريكي ( لا اتحدث عن العجز التراكمي ) مما آثار مخاوف الادارة الأمريكية عندما أعتبر حجم العجز قد وصل إلى مستوىً غير مسبوق .

والجدير بالذكر، عملياً، في مقابل العجز في الميزان التجاري الأمريكي، تطبع الخزانة الأمريكية وتضخ نفس القيمة من الدولارات في الأسواق العالمية ( 103.5 مليار دولار خلال عام 2024 ) سداداً لقيمة مديونيتها الخارجية المترتبة على عجز ميزانها التجاري مع مختلف الدول، وهي الآلية التي تتبعها الولايات المتحدة عبر تاريخها منذ أن صار الدولار الأمريكي عملة احتياطية، والتي تم بموجبها هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي .

بمعنى آخر الولايات المتحدة الأمريكية دائماً في حالة عجز في مواجهة العالم الخارجي وذلك حتى تستمر هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، حيث تستورد الولايات المتحدة مختلف السلع والمنتجات من مختلف الدول وفي المقابل تطبع دولارات ( لا غطاء لها ) وتدفع بها إلى مختلف الدول، وهذا يعني أن أية اجراءات تتخذها الولايات المتحدة للحد من الوردات بغية تقليص العجز في الميزان التجاري الأمريكي ستكون على حساب قوة ومكانة وانتشار الدولار وهيمنته على المدفوعات الدولية .

وهو الأمر الذي تحاول الإدارة الأمريكية تجاهله حاليا بحسبان أن وضع الاقتصاد العالمي لازال غير مهيأ للاستغناء عن الدولار كعملة احتياطية ولتسوية المعاملات التجارية الدولية أو استبداله بعملة دولية جديدة، مثلاً الإيوان الرقمي الذي تسعى الصين إلى الترويج له واعتماده، بالإضافة إلى ما تسعى إليه مجموعة البركست من طرح عملة دولية جديدة في مواجهة الدولار الأمريكي الذي صار يشكل أداة لتهديد الدول سياسياً واقتصادياً .

ومن الناحية الاقتصادية الفنية لا أعتقد أنه يخفى على السلطات الأمريكية أن إعلان حرب جمركية على مختلف دول العالم يعتبر سلاح ذو حدين؛ فعلاوة على ردود أفعال الدول التي تواجه صادراتها إلى الولايات المتحدة رسوم جمركية عالية للحد من دخولها إلى أسواق الولايات المتحدة ( أو مايعرف بالأثر الحمائي الذي تستهدفه الحكومة الأمريكية ) تلجأ هذه الدول، في المقابل، إلى فرض رسوم جمركية مرتفعة على المنتجات الأمريكية المستوردة في هذه الدول، مما يحد منها ( أي الحد من الواردات القادمة من الأسواق الأمريكية ) ومن تم انخفاض حصيلة الصادرات الأمريكية إلى مختلف الدول، فضلا عن تعرض بعض الصناعات والنشاطات الاقتصادية الصغيرة والنشاط الزراعي في أمريكيا التي تعتمد بشكل كبير على مدخلات مستوردة، لارتفاع تكاليف نشاطها، و لمشاكل تشغيل قد تؤدي بها إلى الإغلاق والخروج من السوق، وهذه هي النتيجة المتوقعة لما يعرف بالحرب التجارية التي لا تعيرها الإدارة الأمريكية الحالية أية اهتمام، وتكرس اهتمامها بالصناعات والنشاطات الرأسمالية الضخمة مثل صناعة السيارات والصناعات الحربية وتنمية إيرادات الخزانة الأمريكية .

وتكون نتيجة هذه الحرب التجارية تضرر كافة الأطراف دون استثناء مع اختلاف حدة الضرر من دولة إلى أخرى، وستكون نتائجها المتوقعة بالنسبة للولايات المتحدة ارتفاع أسعار السلع المستوردة في الأسواق الأمريكية، مما يزيد من حدة التضخم، ويعرض الاقتصاد الأمريكي إلى ركود تضخمي .

كما أنه في الوقت الذي تؤدي هذه الرسوم الجمركية المفروضة إلى زيادة حصيلة إيرادات الخزانة الأمريكية من الرسوم الجمركية، من جهة، تؤدي في ذات الوقت إلى إعادة توزيع الدخل لصالح الموردين لتلك السلع الاستهلاكية على حساب فائض المستهلكين الأمريكيين ( أثر إعادة التوزيع ) من جهة أخرى، عندما تعكس قيمة الرسوم الجمركية في أسعار السلع في الأسواق الأمريكية، وهو الأمر الذي قد يواجه بمعارضة كبيرة في الأوساط الأمريكية .

وهذا يعني أن قدرة الولايات المتحدة على فرض سياساتها وهيمنتها على التجارة الدولية ليست غير محدودة، بل تحفها جملة من العوامل والمخاطر التي قد تهدد واقع ومستقبل الاقتصاد الأمريكي ومكانة الدولار في الاقتصاد العالمي .

ولذلك من المتوقع تراجع الإدارة الأمريكية عن الاستمرار في هذه الحرب الجمركية المعلنة على الاقتصاد العالمي وقد تتدخل السلطات التشريعية ( الكونجرس ) لإلغائها، تفاديا لدخول الاقتصاد الأمريكي في حالة الركود التضخمي .

أمّا بالنسبة للآثار المتوقعة على دولة ليبيا، باعتبارها إحدى الدول المستهدفة بفرض الرسوم الجمركية الأمريكية على صادراتها إلى أمريكيا، نجد أن السلعة الرئسية التي تصدرها ليبيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية هي النفط الخام، التي تشير بعض الاحصائات إلى أن قيمة هذه الصادرات منه في حدود 1.57 مليار دولار خلال عام 2024، ولا تتجاوز أهميتها النسبية 10% من اجمالى الصادرات في افضل أوضاعها، وفي المتوسط لاتتجاوز 7% من إجمالي الصادرات النفطية .

غير أن صادرات النفط الخام الليبي والغاز لن تخضع للرسوم الجمركية التي فرضتها حكومة ترامب مؤخراً، حيث تم استثناء واردات النفط والغاز والمنتجات النفطية من هذه الرسوم الجمركية من مختلف دول العالم باستثناء الدول التي تخضع لعقوبات أمريكية، مما يقلل من أهمية تأثير هذه الإجراءات على الاقتصاد الليبي .

بمعنى آخر ، بالنظر إلى استثناء الصادرات النفطية من هذه الرسوم الجمركية، وتدني الأهمية النسبية لصادرات ليبيا غير النفطية الى الولايات المتحدة الأمريكية نسبة إلى إجمالي الصادرات، والتي قد تتعرض لرسوم جمركية بنسبة 30٪؜ ، لن يكون لهذه الرسوم الجمركية أثراً يذكر على الميزان التجاري الليبي .

كما أن أي إجراء قد تقوم به السلطات الليبية، في شكل رد فعل، كفرض رسوم جمركية عالية على الواردات من الولايات المتحدة، والتي لا تتجاوز نسبتها 3٪؜ من إجمالي الواردات، لن يكون له اثراً يذكر على الاقتصاد الليبي غير ارتفاع أسعار هذه المنتجات بالسوق الليبية .

الأثر المتوقع على الاقتصاد الليبي نتيجة للإجراءات التي اتخذتها الإدارة الامريكية بفرض رسوم جمركية على وارداتها من العديد من الدول بما فيها دول الاتحاد الأوروبي والصين واليابان، وكوريا وتركيا، سيكون أثراً غير مباشرٍ، وذلك من خلال ما سيطرا من ارتفاع في أسعار السلع المنتجة في تلك الدول الأخرى التي تستورد ليبيا منها بشكل معتاد، و تخضع صادراتها إلى أمريكيا للتعريفة الجمركية الجديدة، أو عندما تقوم هذه الدول برفع الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية التي تستوردها، كرد فعل على الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية، مثل دول الاتحاد الأوروبي التي تمثل الشريك التجاري الأكبر لليبيا .

كما قد تشهد إمدادات السلع تعثراً يلقي بضلاله على السوق الليبية نظراً لاعتماد ليبيا على الواردات بشكل كبير لتلبية احتياجات السوق المحلية .

بالإضافة إلى ما قد يتعرض له سعر صرف الدولار الأمريكي من انخفاض في الأسواق المالية نتيجة لانخفاض الطلب على المنتجات الأمريكية، مما يؤثر سلباً على قيمة الأصول الليبية المقومة بالدولار الأمريكي، بما في ذلك احتياطيات المصرف المركزي .

إن التوقعات بتعرض الاقتصاد العالمي لركود تضخمي نتيجة للحرب التجارية العالمية التي أعلنتها الحكومة الأمريكية في مواجهة الصين وعدد كبير من الاقتصادات، والعودة إلى الإجراءات الحمائية المتبادلة التي عفى عنها الزمن، بعد قيام منظمة التجارة العالمية واتفاقياتها، سوف يودي إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط، وانخفاض أسعاره، وهو الأمر الأشد خطورة على الاقتصاد الليبي والذي يجب أن يتم التركيز عليه ومواجهته .

“الشحومي” يكتب مقال بعنوان: حيرةً المصرف المركزي الليبي

كتب: أستاذ التمويل والاستثمار ومؤسس سوق المال الليبي “د. سليمان سالم الشحومي”مقالاً

المصرف المركزي الليبي، المؤسسة العريقة والرصينة في هيكل الاقتصاد الليبي، يدير المسألة النقدية بالبلاد في وضع دقيق وغاية في الارتباك داخليا وخارجيا حتي بعد تلبية المطلب الأساسي بتوحيد إدارته ومعالجة شرخ الانقسام الذي استمر لفترة ليست بالقصيرة، وبرغم التوحيد الإداري إلا أن مسألة التوحيد النقدي والمصرفي وادماج ما ترتب علي الانقسام من دين عام وخلق تسهيلات كمية نقدية لازالت تراوح دون خطوات ملموسة تنعكس في الحسابات الرئيسية للمصرف المركزي وتقاريره الدورية .

المصرف المركزي كالعادة وجد نفسه برغم توحيده الشكلي أمام وجود فعلي لحكومتين لديهما ترتيبات و متطلبات إنفاق حكومي تيسيري واستثماري لكل منهما دون إطار عام في شكل ميزانية واحدة يمكن أن تضبط الانفاق العام وتعزز من الرقابة وتضبط اوضاع المالية العامة للدولة الليبية وتساهم في الحد من اتساع حجم النقود بالاقتصاد بما لا يتناسب و القدرة الاستيعابية للاقتصاد الليبي والذي تسبب فيها الانفلات في الإنفاق في غياب الرقابة والموازنة المنظمة وبما يعزز من قدرة المصرف المركزي علي الدفاع عن قيمة العملة الوطنية وتسيطر على التضخم بشكل منظم وعبر آلياته المعروفة .

المعروف أن المصرف المركزي قدم تسهيلات لكل من الحكومتين في غياب اطار موحد أو حتي إطار لكل حكومة على حدي وله مبرراته ولكنه لم يفرض معالجة شاملة للانفلات التمويلي الحكومي برغم دوره المالي الذي قام به و لازال يقوم به، فحتي اجتماعات إدارة الانفاق العام التي كانت برعاية أمريكية ودولية لم تنتج اي شي واقعي لضبط الأوضاع المالية والنقدية المرتبكة بليبيا وكان الهم الأساسي هو ادارة النقد الأجنبي وتعزيز الشفافية حول عملياته على الأغراض المختلفة، ولكنها ظلت بعيدة المنال لتنظيم وإدارة إيرادات مبيعات النفط والغاز وانعدمت شفافيتها وضاعت خيوط إدارة عمليات تحصيل الإيرادات بين المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف الليبي الخارجي ومصرف ليبيا المركزي.

المطالبة بتوحيد الميزانية وإقرار ميزانية موحدة مقسمة بين الحكومتين برغم أن الوقت قد تاخر كثيرا في اقرارها وحتي الالتزام بها كون أن المعضلة ليست فقط في ضبط الانفاق فقط بل في ضبط وانسيابية وشفافية الإيرادات حتى وصولها للمصرف المركزي .

في تقديري أن إقرار ميزانية شكلية قد تساعد المصرف المركزي في ضبط الانفاق العام وتساعده على تحديد مدي قدرته علي الاستجابة في ظل تمدد عرض النقود وتوسعه دون وجود أدوات نقدية قادرة على تعقيم السيولة أو حتي التدخل لكبح التضخم الذي تسبب فيه الانفاق المفرط والاستيراد الواسع لكل شي ومع ذلك لن تكون كافية في ظل رغبة الحكومتين المتزايد نحو الانفاق بدون قيود، فالوضع ملائم جدا للجميع، الضغط على المصرف المركزي وهو يدبر راسه و يحلها من عنده، يوفر سيولة نقدية أو يقيد اموال الكترونية .

الدفع بأن علي المصرف المركزي أن يقلص من عرض النقود قد يكون غير واقعي وغير فعال في ظل حالة الاشتباك والارتباك المالي والنقدي وتعطل ادوات إدارة السياسة النقدية بفعالية وعدم التنسيق مع الحكومات لتطوير آليات السياسة التجارية وسبل كبح جماح الاستيراد المفرط بليبيا وعدم استخدام أدوات السياسة المالية وتوجيه سياسات استثمارية لتحفيز الطلب الفعال الاستثماري والذي يقود إلى استيعاب فائض عرض النقود بدلا من تركزه في الضغط بالطلب على العملة الأجنبية بشكل كبير وتحفز الطلب الفعال الاستثماري التنموي وليس الانفاق الاستهلاكي.

المعضلة أن المصرف المركزي يبدي دائما استعداده لتمويل الانفاق الحكومي المنفلت للحكومتين بمختلف الصور والأشكال ودون أي إطار مرسوم أو متفق عليه بشكل طوعي أو رسمي مناسب احياناً أخرى، ويلجأ في كل مرة إلى استخدام الأداة المتاحة له عبر التمويل بالعجز مما يسهم في الضغط علي الاحتياطات من النقد الأجنبي، في غياب ادوات مصاحبة ومساندة أخرى ضرورية تعيد الاستقرار لعرض النقود وتقوي من قدرة المصرف المركزي في الدفاع عن قيمة العملة المحلية في ظل استنفار السوق الموازي والذي يتعامل مع أدوات المصرف المركزي في عرض النقد الأجنبي بمقدرة عالية جدا في المضاربة وإدارة سوق النقد بمعزل عن المصرف المركزي صاحب اليد الطولي المفترضة، ولكنها يد مقيدة و محدودة القدرة والتي يفترض أن يعول عليها أن تفرض استقرار اقتصادي ونقدي كانت ولازالت دائما علي رأس أولويات مهام المصرف المركزي.

القبول بأنصاف الحلول امر لا يمكن أن يعيد التوازن ولا يمكن أن يبني اقتصاد، فالدفع بفرض ضريبة جديدة على مبيعات النقد الأجنبي لا يقلص عرض النقود ولكن يوفر تمويلا إضافيا للحكومات القائمة وفي أحسن الأحوال يستخدم لسد عجز التمويل الحكومي والذي سيترتب عليه زيادة عرض النقود بسبب زيادة خلقها وهو الوضع الأنسب للحكومات المتنازعة على كل شي ويفتح مزيدا من شهية المضاربين بالدولار باعتباره سلعة ويشجعهم لتحقيق أقصى درجات الاستفادة من هذا الارتباك الاقتصادي والسياسي المتحرك علي صفيح ساخن يعمق من تردي الوضع المالي للدولة الليبية ويجعل المصرف المركزي بين المطرقة و السندان يفقد فيها قدرته شيئا فشيئا علي تحقيق الاستدامة وإدارة السياسة النقدية بفعالية والمساهمة في تحقيق استقرار الاقتصاد .