الترهوني لصدى: قرار خفض الرسوم سيعمل على انخفاض الأسعار لكنها تبقى مجرد مسكنات لا تحل الأزمة

917

في تصريح خص به صحيفة صدى الاقتصادية قال د.عبد الله الترهوني إنه وبحسب ما تم نشره رسمياً فإن البنك المركزي سيشرع قريباً في بيع مخصصات أرباب الأسر بالسعر الرسمي للدولار الأمريكي وبقيمة 500 دولار للفرد الواحد، وسيتم هذا بالتزامن مع ما أقره المجلس الرئاسي بتعديل سعر الضريبة (الرسم) علي بيع الدولار لتصبح عند 163% بدلاً من 183% للأغراض التجارية والشخصية، ليصبح السعر التجاري الجديد للدولار من البنك المركزي هو 3.70 دينار للدولار الواحد بدلاً من 3.90 دينار للدولار الواحد.

وأشار الترهوني إلى أن فرض رسم على بيع البنك المركزى للأغراض التجارية والشخصية قد جاء تنفيذاً للقرار رقم 1300 لسنة 2018 والصادر في 12 سبتمبر 2018 وهو إجراء ليس إلا، ولا يرتقي لأن يكون إصلاحا اقتصاديا بالمعنى الحقيقي، كما أنه لا يعتبر خفضاً لقيمة الدينار الرسمية أمام الدولار الأمريكي، فالتحويلات الحكومية ومخصصات أرباب الأسر لا تخضع لدفع هذا الرسم، والأهم من هذا كله هو أن سعر بيع النفط فى الأسواق الدولية وتحويل قيمته بالدولار من قبل المصرف الليبي الخارجى إلى البنك المركزى يتم بالسعر الرسمي أيضاً.

وأضاف الترهوني أنه وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات قد جاءت أياماً معدودة قبل عيد الأضحى المبارك إلا أنها ستساعد وبدون أدنى شك على خفض سعر الدولار في السوق السوداء إلى ما دون حاجز الأربعة دينارات للدولار الواحد، والذي بدوره سيعمل على تلطيف الأسعار في السوق المحلي عما هي عليه الآن، إلا أن هذه الإجراءات كانت وستبقى مُسكنة ليس إلا، فمشكلة السيولة ستسمر، ثم أن المواطن سيقوم ببيع ما خصص له من دولارات ليقبض مقابلها دينارات من أجل سد رمقه ورمق أسرته، كما أن الدين العام يزداد تراكماً كل يوم ، وكل هذا يجري في غياب تام لأي ترشيد في الإنفاق الحكومي، واستطرد قائلاً: لقد كان الأولى بصانع القرار بدلاً من اتخاذ هذا الإجراء أن يقوم بصرف علاوة الأسر بالدينار الليبي والمتوقفة منذ نهاية 2013، وهي بالمناسبة حق أصيل وبقوة القانون لكل فرد ليبي عوضاً عن هذا الهدر في مخزون ليبيا من العملات الصعبة ، وطرح الترهوني تساؤلاً وهو : إلى متى سيبقى المواطن الليبي يقتات هو وأسرته على فرق سعر بيع العملة الاجنبية المتحصل عليه من بطاقة ارباب الأسر وقد تآكلت مدخراته بسبب الأزمات المتلاحقة ؟

وتابع الترهوني قائلاً: إن الخلل الاقتصادي في ليبيا كبير ، وهي في حاجة لإحداث تغيير حقيقي في نمط الاقتصاد، وذلك من خلال إقرار وتنفيذ حزمة إصلاحات نقدية ومالية حقيقية تُحدث التوازن المطلوب للاقتصاد الليبي، وهذا لا يتم حسب رأيه إلا من خلال توحيد البنك المركزي أولاً، على أن يعقبه تنفيذ مشروع الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية والتي سترتكز على تعديل سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية لتقنين المصروفات ولمجابهة الفساد ثانياً، ولوقف هدر المال العام وتهريب الوقود من خلال معالجة ملف الدعم بالكامل واستبداله بدعم عيني يصل مباشرة لجيب المواطن ثالثاً، ومجابهة تهريب السلع الاستهلاكية والمعمرة رابعاً، وكل هذا سيقودنا حتماً إلى تعديل جدول المرتبات الحالي بما يتناسب وسعر الصرف الجديد، وإلى الشروع فوراً في صرف علاوة الأسر بالدينار الليبي وبانتظام، دون أن نغفل عن أن أهم مرتكزات الإصلاح المنشود وهي الترشيد في الاستهلاك الحكومي.

واختتم الترهوني قائلاً: إن كل ما جرى ويجري منذ صدور القرار 1300 لسنة 2018 وإلى اليوم لا يعدو أكثر من كونه إجراء لتلطيف أو تهدئة سعر الدولار في السوق السوداء، وهو قطعاً لا يحقق أي إصلاح اقتصادي ولا يصل بنا إلى تحقيق تنمية مستدامة تعود بالنفع على كل الليبيين، بل هو إجراء مُسكن المستهدف به هو محاولة تحسين الحياة اليومية للمواطنين، كما أنه يُعد هدراً للاحتياطيات النقدية من العملة الاجنبية دون أي مردود حقيقي منها.