| أخبار
إندبندنت عربية: بسبب الفساد وإنقسام المؤسسات على رأسها المصرف المركزي نفسه ..ليبيا أوشكت على الإفلاس
ذكرت صحيفة إندبندنت عربية اليوم الإثنين أن العجز في النقد الأجنبي بموازنة الدولة خلال الأعوام الأربعة الماضية تجاوز 22 مليار دولار حيث تمت تغطيته من احتياطيات المصرف المركزي مما يضعه تحت خطر الاستنزاف ويتوقع محللون أن يصل إلى قرابة 20 مليار دولار نهاية العام الحالي .
وبحسب تقرير “إندبندنت” أن الانقسام السياسي يلقي بثقله على الوضع الاقتصادي في ليبيا الذي تفاقمت هشاشته خلال العام الأخير وتواترت مؤشراته السيئة في الظهور ضمن البيانات الدورية التي يصدرها المصرف المركزي الذي كشف في تقريره الخاص بالنصف الأول من العام الحالي عن ارتفاع العجز في النقد الأجنبي لديه إلى ما يزيد على 9 مليارات دولار .
وأشارت الصحيفة إلى أن قراءات الخبراء والمحليين المتخصصين في الشأن الاقتصادي لهذا التقرير رأت فيه نذيراً خطيراً يعزز المخاوف من وصول البلاد إلى هاوية الإفلاس في وقت قريب إذا لم تتخذ إجراءات حقيقية سياسية واقتصادية تعالج تشوهات الاقتصاد الليبي الذي يرزح تحت أعباء ضخمة بسبب الفساد والإنفاق الحكومي الموازي وانقسام المؤسسات الاقتصادية وعلى رأسها المصرف المركزي نفسه .
عجز ضخم:
البيان الأخير الذي أصدره مصرف ليبيا المركزي وغطى الفترة من يناير حتى يونيو عام 2024 كشف عن أن إجمالي الإيرادات بلغ 45 مليار دينار (7.3 مليار دولار) وإجمالي الإنفاق العام سجل 43.7 مليار دينار (6.9 مليار دولار) .
وقال المركزي في بيانه أن إيرادات النقد الأجنبي خلال الفترة نفسها بلغت 9.1 مليار دولار بينما وصلت استخدامات النقد الأجنبي إلى 18 مليار دولار مما يعني وجود عجز في النقد الأجنبي بنحو 9 مليارات دولار .
وأوضح من جانبه أن ليبيا حققت إيرادات نفطية تقدر بـ37 مليار دينار ليبي 6 مليارات دولار وهو مبلغ أقل مما كان متوقعاً خلال النصف الأول من العام الحالي 2024 بسبب تذبذب أسعار النفط الدولية خلال هذه الفترة .
وكشف بيان المركزي من جديد الضوء على المصاريف الكبيرة التي تنفق على المؤسسات الموازية في ليبيا حيث بيّن أن إنفاق مجلس الوزراء في حكومة “الوحدة الوطنية” تجاوز مليار دينار 162 مليون دولار منذ بداية العام وحتى نهاية يونيو فيما بلغ إنفاق مجلس النواب والجهات التابعة له 496 مليون دينار 80 مليون دولار ووصل إنفاق المجلس الأعلى للدولة إلى 21 مليون دينار 3.4 مليون دولار في حين تجاوز إنفاق المجلس الرئاسي والجهات التابعة له 230 مليون دينار 37 مليون دولار .
زيادة العجز النقدي:
وتابعت الصحيفة بالقول أن محافظ مصرف ليبيا المركزي توقع في تقديم الطلب لفرض رسم على مبيعات النقد الأجنبي لمجلس النواب بداية العام الحالي أن يكون حجم الطلب على النقد الأجنبي للقطاع العام والخاص لعام 2024 قرابة 36 مليار دولار وأن تكون الإيرادات النفطية لعام 2024 في حدود 24 مليار دولار فقط، مما يعني بحسب تقديره ارتفاع العجز إلى 12 مليار دولار إلا أن انخفاض إيرادات النفط خلال النصف الأول من عام 2024 جعل متخصصين يرجحون أن يقفز العجز في النقد الأجنبي إلى أكثر من 20 مليار دولار نهاية العام .
وتخطى عجز النقد الأجنبي في ليبيا خلال أربعة أعوام فقط منذ 2019 ما يقارب الـ 22 مليار دولار كلها أنفقت من الاحتياط الأجنبي في البلاد الذي بات يواجه خطر الاستنزاف إذا بقي الوضع على ما هو عليه.
وأكدت الصحيفة أن في عام 2020 وصل عجز النقد الأجنبي إلى نحو 9.3 مليار دولار بسبب إغلاقات عدة في حقول النفط والأزمة السياسية التي شهدتها البلاد وقتها.
وخلال عامين2021 و2022 تراجع عجز الموازنة في النقد الأجنبي إلى 2.8 مليار دولار، ليعاود الصعود في 2023 إلى 9.9 مليار دولار في أكبر عجز بالنقد الأجنبي شهدته الدولة خلال الأعوام الماضية .
قرار سيئ:
قال أستاذ الاقتصاد في جامعة مصراتة عبدالحميد الفضيل في تصريح للإندبندنت أن السبب الرئيس في تفاقم الأزمة الاقتصادية بالبلاد منذ بداية العام الحالي التأثيرات والانعكاسات السلبية لتنفيذ قرار فرض ضريبة جديدة على بيع النقد الأجنبي بالمصرف المركزي موضحاً أنه “لجهة المؤشرات الاقتصادية الكلية يعلم الجميع أنها كانت مقبولة بصورة عامة ولا تستدعي فرض ضريبة على مبيعات النقد الأجنبي لأن فرض الضريبة يعني خفض العملة المحلية بالتالي لا يحدث إلا في حالات استثنائية أهمها أن يكون هناك عجز في ميزان المدفوعات ويكون مستمراً ومتواصلاً وبأرقام كبيرة .
وقال الفضيل: صحيح هناك عجز بالنقد الأجنبي خلال الأعوام الماضية ولكن في أعوام أخرى كان هناك فائض في النقد الأجنبي خصوصاً في أوقات استقرار إنتاج النفط والمستوى العام لأسعار النفط العالمية .
ورأى أن كل الإجراءات التي قام بها المركزي ترتبت عليها آثار سلبية بدءاً من ارتفاع الأسعار بخاصة السلع الأساسية وانخفاض المدخول للأفراد مما تسبب بفقدان الثقة بالعملة المحلية وأصبح الكل يحاول التخلص منها لأن قيمتها تنخفض والكل يبحث عن ملاذ آمن لأمواله .
وأشار إلى أن إذا ما استمرت الضريبة على النقد الأجنبي فسيكون الوضع أسوأ والمؤشرات تدل على اقتراب ركود تضخمي وتضخم في المستوى العام للأسعار وركود في حجم الطلب على العملة المحلية والوضع سيسوء اقتصادياً أكثر فأكثر .
مؤشر خطر:
من جانبه ركز أستاذ الاقتصاد في جامعة طرابلس صابر الوحش في تصريحه لذات الموقع: على مؤشر آخر مثير للقلق في بيان المصرف المركزي الأخير وقال إن التقارب ما بين الإيرادات والإنفاق يعدّ مؤشراً خطراً جداً بمعنى أن التنمية صفر والإيراد قريب من الإنفاق وأن كل ما يتم جنيه من بيع النفط يتم إنفاقه بصورة مصاريف تسييرية وإنفاق استهلاكي وهذا خطر جداً .
واعتبر أن العجز في النقد الأجنبي هو عبارة عن اعتمادات مفتوحة مستحقة الدفع وليس عجزاً بمعنى عجز ويفترض ألا تنخفض على هذا النحو في البيان حتى تتضح المصاريف .
وطرح الوحش استفسارات عدة عن غياب بيانات مفترضة في تقرير المصرف المركزي عن النصف الأول من العام الحالي معرباً عن اعتقاده بأن الأموال التي تصرف من الحكومة في المنطقة الشرقية غير واردة في البيان فهناك تنمية في المنطقة الشرقية وبناء واستثمارات وصناديق إعمار ولكن هذه الصناديق من أين تأتي بالأموال؟ لذا فإن بيان مصرف ليبيا غير واضح وهو يظهر أن الإنفاق في باب التنمية صفر مما يعني أنه كمصرف مركزي لم يمنح هذه الجهات أي دعم للتنمية فمن أين أتت هذه الأموال؟”.
اجتماع لحل الأزمة:
ووفقا للصحيفة أن وسط هذه التوقعات المتشائمة للاقتصاد الليبي بسبب العجز المتراكم في الموازنة شهدت العاصمة المصرية القاهرة لقاءً هو الأول من نوعه منذ أعوام يعلق عليه الليبيون بعضاً من الآمال لتصحيح الأوضاع الاقتصادية وحل مشكلة الانقسام الحالي إذ جمع رئيس النواب عقيلة صالح ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير ونائبه مرعي البرعصي رئيس فرع المصرف في بنغازي لبحث الخطوات اللازمة لاعتماد موازنة موحدة لعام 2024 ومعالجة المبادلة ودعم المحروقات والقوانين المرتبطة بالقطاع المصرفي الليبي بحسب بيان للمصرف المركزي .