Skip to main content

الكاتب: A

الصافي: “الاقتصاد لا يحتمل، حان وقت تسقيف وتوسيم الميزانية”

كتب الخبير الاقتصادي “محمد الصافي”: عقد ضائع من السياسات الاقتصادية الليبية.

منذ عام 2014، واجه الاقتصاد الليبي فترة طويلة من الانكماش وعدم الاستقرار، وهو ما أشير إليه هنا على أنه “عقد ضائع” من تاريخ ليبيا الاقتصادي، وقد تأثرت ليبيا بشدة بالانقسام السياسي والصراع المسلح وسياسات المالية العامة غير المستدامة، والتي دفعت البلاد مجتمعة إلى حالة من الضعف الاقتصادي، وقد أدت الاضطرابات المستمرة، مقترنة بارتفاع معدلات التضخم والتوسع الجامح في المالية العامة، إلى زيادة اعتماد الاقتصاد على عائدات النفط.

بين عامي 2012 و2023، انخفض إجمالي الناتج المحلي لليبيا بأكثر من 40٪، حيث انخفض من 93 مليار دولار إلى 50 مليار دولار فقط. ويعكس هذا التراجع الاضطرابات الحادة الناجمة عن التفتت الحكومي وعمليات الإيقاف الدوري لإنتاج النفط بسبب الصراعات. ووصل معدل التضخم، الذي تذبذب على نطاق واسع، إلى 35٪ في عام 2017، مما أدى إلى تآكل القوة الشرائية لليبيين العاديين. وفي الوقت نفسه، شهد الدينار الليبي انخفاضا كبيرا، حيث انخفض من 1.27 دينار ليبي للدولار في عام 2012 إلى 6.4دينار ليبي للدولار بحلول عام 2025، مما أدى إلى تفاقم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. 

كل هذه المشاكل الاقتصادية اضاعت علينا عقدا كاملة من التنمية الاقتصادية وبناء المؤسسات.

المشكلةالانفصام المالي

تواجه ليبيا أزمة تلوح في الأفق في المالية العامة مدفوعة بالتباين الشاسع بين الإنفاق و الإيرادات. أدى وجود حكومتين متنافستين، لكل منهما أجندات تنموية طموحة (ولكن غير مدروسة)، إلى تصاعد الضغوط على المالية العامة، حيث تسعى كلتا السلطتين إلى تحقيق أهداف إنفاق متداخلة ومتعارضة في كثير من الأحيان، وقد أدى نظام الحوكمة المزدوج والفعلي هذا إلى توسع غير منسق في المالية العامة، مما زاد من الضغوط على الموارد المحدودة بالفعل.

بالإضافة إلى ذلك، تحتاج ليبيا إلى إعادة إعمار عاجلة بعد سنوات من الصراع بالإضافة إلى العاصفة دانيال التي أودت بحياة الآلاف من الناس، والتي تتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم والخدمات العامة الأخرى، وستزداد صعوبة تحقيق أهداف إعادة الإعمار هذه بدون إدارة مالية سليمة، لاسيما بالنظر إلى محدودية الحيز المالي المتاح للبلاد.

وفي الوقت نفسه، تتعرض احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي لضغوط هائلة، وقد أدى الدين العام المتزايد وارتفاع تكاليف الواردات وعدم استقرار الوضع السياسي إلى زيادة الطلب على العملة الأجنبية، مما أثار مخاطر استنزاف احتياطيات الدولة وتعزيز أنشطة السوق الموازية. ويتفاقم الوضع بسبب الانخفاض الحاد في الإيرادات، خاصة من النفط بسبب الممارسات الفاضحة مثل مبادلة النفط الخام بالوقود.

ويشكل هذا الانفصام بين زيادة الإنفاق من جهة وانخفاض الإيرادات من جهة أخرى قنبلة موقوتة، وبدون إصلاح فوري للمالية العامة، بما في ذلك تحسين التنسيق بين الحكومات، والإنفاق المخطط على إعادة الإعمار، وتنويع مصادر الإيرادات، فإن ليبيا تخاطر بأزمة مالية شاملة.

الحل؟ نزع فتيل القنبلة المالية

لمعالجة التباعد في المالية العامة في ليبيا بسبب زيادة الإنفاق وانخفاض الإيرادات، أوصي في هذا المقترح باتباع نهج من ركيزتين: تطبيق سقف للموازنة لإدارة الإنفاق المرتفع وتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية من خلال تخصيص الإيرادات غير النفطية لبعض ابواب الميزانية (او مايسمى بالتوسيم او Earmark)

الركيزة 1: تسقيف الموازنة

يجب استحداث سقف للميزانية يثبت الإنفاق الحكومي السنوي على مبلغ متفق عليه و لعدة سنوات ويجب أن يأخذ هذا المبلغ المتفق عليه في الاعتبار الاحتياجات التنموية للبلد (على سبيل المثال، المناطق المتضررة من العاصفة دانيال، واستكمال مشاريع التنمية الحالية)، واستقرار سعر الصرف الأجنبي. وسيكون للحد الأقصى للموازنة منافع عديدة، منها:

– إعطاء فترة تنفس للمركزي لإعادة ضبط الاقتصاد الكلّي: حيث أن درجة حرارة الاقتصاد (التضخم) الآن مرتفعة جدا ويحتاج المركزي لفترة استقرار لا تقل على 3 سنوات لتخفيض هذه الحرارة حيث أن ميزانية مسقفة ولمدة ثلاث سنوات ستعطي للمركزي الوقت الكافي لاستخدام أدواته للتحكم في عرض النقود المتورم.

– تخفيف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي: من خلال تسقيف الإنفاق لمدة ثلاث سنوات، سيتم تقليل الضغط على الاحتياطيات، مما يؤدي إلى استقرار العملة الليبية.

– احتواء المعروض النقدي: سيؤدي تقييد الميزانية إلى الحد من السيولة المفرطة في السوق، وتخفيف الضغوط التضخمية.

– الحد من تراكم الديون: سيساعد وضع سقف للموازنة على منع تراكم دين عام إضافي والحد من مخاطر المالية العامة.

– تشجيع انضباط المالية العامة: ستضطر الإدارات الحكومية إلى إدارة الموارد بمزيد من الكفاءة.

بما أن قيادة البلاد الآن تذهب بمنطق المقاولات فلعل مبدأ التسقيف يفهم من قبل صناع القرار المقاولين.

2. الركيزة 2: ربط مخصصات الإيرادات غير النفطية مع بعض أبواب الميزانية (توسيم)

بوجود أموال النفط فلا يوجد حافز يذكر لتوسيع جلب الإيرادات غير النفطية، ومع ذلك، فإن تنويع مصادر الإيرادات أمر ضروري للإدارة المستدامة للمالية العامة، لا سيما بالنظر إلى تقلب أسعار النفط العالمية وعدم استقرار سعر الصرف الأجنبي في السوق الموازية.

المقترح: تخصيص الإيرادات غير النفطية وربطها بالباب الثاني (التسييرية) للميزانية، هذا يتم عن طريق فرض او ربط بقانون أن الباب الثاني لا يتم الصرف عليه من أموال النفط وإنما من الإيرادات غير النفطية فقط مما يخلق حافز لجنيها وإدخالها داخل دفاتر الدولة (حاليا هناك الكثير من الممارسات من إخذ هذه الموارد من المصدر ولا تورد الى الخزانة). هذا الإجراء والذي يسمى في الاقتصاد ب (Earmarking او التوسيم بلغة أهل البادية) متبع في كثير من الدول وليبيا كذلك قامت باتباعه في عام 2010 حيث أن جزء من باب المرتبات كان مربوط مباشرة بالإيرادات غير النفطية. اختيار الباب الثاني للربط ليس اعتباطي وانما نتيجة أنه أقل الأبواب صرفا على الناس فالتقليل منه لحين تثبيت وسن هذه السنّة (زيادة الاهتمام بالايرادات غير النفطية) لن يحدث تأثير كبير على المواطن.

وهناك طريقتان لتحسين تدفقات الإيرادات غير النفطية التي يمكن استخدامها في التخصيص. أولا، تحسين التحصيل من مصادر الإيرادات العادية غير النفطية مثل الاتصالات ، والضرائب، والرسوم الجمركية، والخدمات الحكومية. ثانيا، إيجاد مصادر جديدة لتدفقات الإيرادات غير النفطية. ويتمثل أحد المصادر المحتملة في تصفية أصول المؤسسات المتعثرة المملوكة للدولة، وقد أنشئت هذه المؤسسات المملوكة للدولة لتوفير تدفقات إيرادات إضافية للموازنة، لكن سوء الإدارة ونقص الحوافز انتهى بها الأمر إلى أخذها من الموازنة بدلا من دعمها، ومن خلال التوسيم، ستجني الدولة العديد من المنافع، بما في ذلك: 

– زيادة قدرة الحكومة على تحصيل الإيرادات: من خلال توسيع تدفقات الإيرادات غير النفطية، ستعمل الحكومة على تحسين استقلاليتها المالية. 

– تقليل الاعتماد على النفط: سيؤدي تنويع الإيرادات إلى تخفيف مخاطر نقص الموازنة عندما تنخفض أسعار النفط، مما يجعل الميزانية أقل عرضة لتقلبات السوق العالمية.

– استقرار احتياطيات النقد الأجنبي: من خلال تقليل الاعتماد على عائدات النفط، يمكن لليبيا الحفاظ على احتياطيات نقد أجنبي أكثر قوة حتى خلال فترات انخفاض أسعار النفط مما ينعكس على سعر الصرف والتضخم.

الآلية: تفعيل قانون الموازنة، مع تعديلاته. 

يجب أن تلتزم آلية تنفيذ مقترح إصلاح المالية العامة هذا بقانون الدولة الليبي. يجب أن تعود الموازنة العامة إلى الإجراءات القانونية المعتادة، حيث تتم صياغة قانون الموازنة والموافقة عليه من قبل السلطة التشريعية وتنفيذه من قبل السلطة التنفيذية، يجب أن يتضمن قانون موازنة 2025 مواد محددة تحدد سقف الموازنة بالدينار الليبي لعدة سنوات وتخصيص أبواب الموازنة التي ستمول من الإيرادات غير النفطية.

1. سقف الموازنة

– إجراء حوار فني بشأن الميزانية: يجب الشروع في حوار فني بشأن الميزانية بمشاركة مؤسسات الدولة المتمثلة في الحكوماتين ومصرف ليبيا المركزي وممثلين عن المجلس التشريعي. وينبغي أن تشارك الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني، والخبراء الاقتصاديون المستقلون، والمهنيون الأكاديميون، في هذا الحوار. وسيضمن ضم هذه المجموعات مشاركة الجمهور والشفافية في عملية صنع القرار، وينبغي أن يركز هذا الحوار على وضع سقف واقعي للموازنة للسنوات المالية 2026\2027\2025، وضمان توافقه مع التحديات الاقتصادية الحالية.

– تشريع سقف الموازنة في قانون موازنة 2025: يجب على السلطة التشريعية تقنين سقف الموازنة في قانون موازنة 2025، مع تحديد المبلغ الدقيق بالدينار الليبيوذكر بصريح العبارة أن هذه التسقيف ساري لمدة 3 سنوات حتى لا يضطر المركزي لخوض نفس الصراع كل سنة. وسيضمن هذا السقف انضباط المالية العامة، اذا تعثر إقرار التسقيف لعدة سنوات فإنه ينبغي أن يتضمن القانون أيضا بندا يسمح بإنفاق 1/12 من الموازنة المعتمدة لكل شهر لاحق في حالة حدوث تأخير في تمرير الموازنات المستقبلية، وبالتالي ضمان الاستقرار المالي والنقدي.

– ربط الميزانية بالعملية السياسية: يجب أن تنص مادة في قانون الميزانية على أن ميزانية 2025 ستظل سارية حتى يتم انتخاب برلمان جديد و/أو رئيس جديد، ويخلق هذا رابطا مباشرا بين إصلاحات المالية العامة والعملية السياسية، مما يوفر حافزا للفاعلين السياسيين للتحرك نحو الانتخابات من أجل تحديث إطار الموازنة أو تغييره.

– ضمان المرونة داخل السقف: يجب أن يحدد قانون الموازنة أنه على الرغم من وجود مرونة في كيفية تخصيص الإنفاق الحكومي في حدود الحد المسموح به، لا يمكن لأي جهة حكومية تجاوز سقف الموازنة، وسيتيح هذا رقابة على المالية العامة مع السماح للحكومة بالمرونة في تخصيص الموارد على أساس الأولويات المتغيرة.

تخصيص الإيرادات غير النفطية

– هيكل الموازنة الليبية: تتكون الموازنة الليبية من خمسة فصول: الرواتب، والتسييرية، والتنمية، والدعم، وصناديق الطوارئ. الرواتب والدعم نفقات ثابتة تتطلب مصادر إيرادات مستقرة، في حين أن التسييرية والتنمية أكثر تقلبا ومرونة. 

– تخصيص الفصلين الثاني والثالث للإيرادات غير النفطية: في قانون الموازنة لعام 2025، يجب تحديد المخصصات بوضوح لأبواب التسسيرية (الفصل الثاني) والتنمية (الفصل الثالث) نظرا لكونها متغيرة وعرضة للإنفاق التقديري. 

يجب تخصيص الباب الثاني (التسييرية) لمصادر الإيرادات المتكررة غير النفطية مثل أرباح الاتصالات السلكية واللاسلكية، والرسوم الجمركية، والضرائب. وستساعد مصادر الإيرادات المتسقة هذه في تمويل تكاليف التشغيل. وسيتم تحفيز الحكومة على جمعها بكفاءة نظرا لأنها بدونها لن تتمكن من الإنفاق على هذا الفصل (مافيش إيرادات غير نفطية مافيش سيارة كامري للشرطة الزراعية).

ويمكن تمويل الفصل الثالث (التنمية) من خلال تصفية أصول المؤسسات المملوكة للدولة ضعيفة الأداء، ولم يحقق العديد من هذه المؤسسات المملوكة للدولة أرباحا منذ سنوات، مما كلف ميزانيتها ملايين الدينارات. ومن شأن تصفية هذه الأصول أن توفر الموارد اللازمة للمبادرات التنموية وتعزز تنويع النشاط الاقتصادي. ومع أن القيمة الفعلية لهذه الأصول غير معروفة، فإن العديد من الخبراء يقدرونها بالمليارات، وبمجرد تصفية هذه الأصول، يجب وضعها في صندوق منفصل مخصص وتمويل جهود التنمية فقط.

الخلاصة:

تضمن هذه الآلية أن يكون مقترح إصلاح المالية العامة الليبي متجذرا في الإطار القانوني للبلاد، مما يجعله حلا مستداما يتسم بالشفافية، وسيعمل الجمع بين سقف الموازنة وتنويع مصادر الإيرادات من خلال المخصصات على تعزيز استقرار المالية العامة، وتخفيف الضغوط التضخمية، وتهيئة بيئة مالية أكثر استدامة في ليبيا، وستخدم هذه التدابير أيضا كحافز للمضي قدما في العملية السياسية نحو إجراء الانتخابات، مع تعزيز انضباط المالية العامة وتنويع النشاط الاقتصادي.

خلق تغيير القيادة في مصرف ليبيا المركزي فرصة فريدة للإصلاح. وفي عقد يتسم بالانقسامات والفرص الضائعة، يمثل هذا الزخم فرصة مهمة لتنفيذ تغييرات دائمة في المالية العامة، ومن الضروري التحرك بسرعة والحسم في الوقت الذي لا تزال هذه الفرصة سانحة، لضمان أن تتخذ ليبيا خطوات جادة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والرخاء على المدى الطويل.

خاص: على خطى الجمهورية.. المركزي يكشف عن قيام مصارف أخرى بخصم عمولات وأنه سيتم معاقبتها وإيقاف إدارتها عن العمل

أكد مصرف ليبيا المركزي حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية بالقول على خطى الجمهورية هناك مصارف أخرى إرتكبت مخالفات بخصم عمولات من الزبائن بدون حق.

وتابع بالقول: حيث سيتم معاقبتها وترجيع هذه العمولات للزبائن وإيقاف الإدارة عن العمل .

خاص.. “أبوبكر أبوالقاسم” يوضح حقيقة وخلفيات إعادة تقييم المصرف المركزي لاحتياطياته

كتب: رئيس قسم المحاسبة بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا “أبوبكر أبوالقاسم” مقالاً: عندما يتم طردك من الباب لا تحاول الدخول من النافذة حينها سقوطك يكون مدوياً!!

طالعتنا الأخبار في هذا الصباح على تقرير مفبرك يقول أن المصرف المركزي قام في 31\12\2024 بإعادة تقييم الاحتياطيات من الذهب وفقاً للسعر الجاري بدلا من التقييم بالتكلفة وهذه الخطوات خلقت أرباح إعادة التقييم بالمليارات إلى هنا والخبر صحيح وهي حقيقة، وأضاف التقرير المفبرك طبعاً أن حكومة الوحدة الوطنية هي من اوعزت للمصرف المركزي بهذه الخطوة لغرض الاستيلاء على هذه الأرباح من قبل الحكومة، وهنا يكمن التوظيف السياسي للتقرير أو هنا يكمن دس السم في العسل، وهو كلام عاري عن الصحة تماماً.

دعوني أسرد الحكاية كما هي من جانب فني محاسبي دون أي هدف آخر لأناره الرأي العام.

أولاً: تم التثبت أن هذا التقرير لم يصدر من Crisis Group اطلاقا وبالتواصل معهم مباشرة تم التأكد أن هذا التقرير لم يصدر منهم، وهو تقرير مفبرك ليس لهم به أيه علاقة.

ثانياً: تقارير ديوان المحاسبة المتتالية وكذلك تقرير شركة ديلاويت العالمية (احد شركات المحاسبة الكبرى Big 4) اكدت في تقريرها أن مخزون الذهب في المصرف المركزي مقيم بالتكلفة التاريخية ولم يجرى عليه إعادة تقييم للاحتياطات من الذهب وفقا للأسعار الجارية.

وهذا مخالف لكل المعايير المحاسبية الدولية سواء كانت ال IFRS أو حتى معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام IPSAS والمطبقة في المصارف المركزية في كل دول العالم، وأوصت هذه تقريرها بضرورة إصلاح هذا الخطاء وإعادة التقييم بالسعر الجاري بدلا من التكلفة التاريخية،

ثالثاً: هذه الخطوة كانت يجب أن تحدث مند زمن طويل لإظهار المركز المالي ونتيجة الأعمال للمصرف المركزي بصورة عادلة وإظهار مستوى عالي من الشفافية للشعب، وهذا ما لم يقم به السيد المحافظ السابق للمركزي رغم تقرير شركة ديلاويت وتقارير الديوان ومطالبتها بمعالجة هذا الوضع المشوه.

رابعاً: الإدارة الجديدة في المصرف المركزي في 31\12\2024م واستجابة لتقارير ديوان المحاسبة وكذلك تقرير شركة ديلاويت لتصحيح هذا التشوه في قيمة احتياطات الذهب في القوائم المالية للمصرف قامت بإعادة تقييم الذهب وفقا للأسعار الجارية بدلاً من التكلفة التاريخية ووفقا للمعايير المحاسبية الدولية، طبعا هذا الإجراء سيخلق أرباح كبيرة بالمليارات تسمى أرباح إعادة التقييم نتيجة عدم إجراء هذه الخطوة مند تأسيس المصرف المركزي، وهي خطوه تصحيحية ممتازة لابد منها كجزء من الإصلاحات التي تقودها الأدرة الحالية، وهي خطوة يجب تثمينها وتشجيع إدارة المصرف المركزي على القيام بإصلاحات أخرى.

خامساً: المصرف المركزي ليس تحت تصرف الحكومة لأنه جهة فنية مستقله لا سلطة للحكومة عليه أبداً، وما قامت به إدارة مصرف ليبيا المركزي هو اجراء فني محاسبي تقني لابد منها وتفرضها الأعراف والمعايير الدولية، أما القول أن هذه الأرباح المتحققة من إعادة التقييم هذه يمكن للحكومة استغلالها ونهبها وزيادة الانفاق فهذا كلام مضحك وهو أقرب للكوميديا منه للحقيقة وهو غير قابل للتنفيذ إطلاقاً، ولكنه توظيف سياسي لخصومة سياسية.

سادساً وأخيرا: من الذي فبرك هذا التقرير؟ وما مصلحته من ذلك؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ ألا تعتقدون كما أعتقد أنا أنه، من اخرجوه من المصرف المركزي من الباب الخلفي بعد أن عانت البلاد من ويلات تصرفاته والعبث في قيمة الدينار وانهيار المنظومة المصرفية عند ما كان الحاكم الفعلي يريد أن يدخل من الشباك كبديل للحكومة التي يعتقد أنها في طريقها للسقوط، عندما يتم طردك من الباب لا تحاول الدخول من النافذة حينها سقوطك يكون مدويا.

خاص.. الليبية للموانئ تخاطب الشركات لتطبيق التعديلات الخاصة بتحصيل العوائد بسعر صرف جديد

وجه رئيس الشركة الليبية للموانئ مراسلة إلى مفوضي الشركات والوكلات الملاحية، بخصوص تطبيق التعديلات لتحصيل العوائد المستحقة بالعملة الأجنبية بدءً من 11 مايو 2025 بما فيها السفن المتراكية بالموانئ خلال التاريخ.

وذلك بالإشارة إلى قرار مصرف ليبيا المركزي بتعديل سعر الصرف لسنة 2025م .

خاص: الحرشاوي يكشف لصدى عن حقيقة رفع الدعم.. وهذا ما يشير إليه

صرح الخبير في الشؤون الليبية بمعهد رويال يونايتد سيرفيسز جلال الحرشاوي لصحيفة صدى الاقتصادية اليوم الأحد أن كل ثلاثة إلى ستة أشهر تقريبًا، يكرر المسؤولون الليبيون أهمية رفع دعم الوقود على السبيل المثال في مارس عام 2021 أعلن رئيس الوزراء دبيبة تشكيل لجنة جديدة مكلفة بتنفيذ هذا الرفع ولم يحدث منذ ذلك الحين أي شيء يذكر رغم مرور أكثر من أربع سنوات .

علاوة على ذلك، تُتداول حاليًا بعض الأنباء عن إصدار بطاقة تحدّد كمية الوقود التي يحق لكل أسرة ليبية شراؤها بالسعر المدعوم وهو ما يعني استمرارية الدعم بدلاً من رفعه .

وأكد الحرشاوي أنه بطبيعة الحال يصبُّ في مصلحة الليبيين إجراء إصلاح عميق في برنامج دعم الوقود و يكون رفع الدعم خطوة صحيحة رغم أنها لن تحلّ الأزمة بمفردها .

ولكن ما أراه حتى الآن ليس أكثر من كلام دون انطلاقة حقيقية نحو التغيير وفقا لقوله.

“الشحومي”: إصلاحات اقتصادية في ليبيا لمصلحة المواطن والتنمية – قراءة نقدية

كتب الخبير الاقتصادي “منذر الشحومي” مقالاً

في تصريحاته الأخيرة الداعية إلى رفع الدعم عن السلع و المحروقات وتقليص بند المرتبات العامة، أثار السيد محمد الرعيض – رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة وعضو مجلس النواب – موجةً من الجدل والاستياء الشعبي. امتدت ردود الفعل الغاضبة إلى الدعوة لمقاطعة منتجات شركته، وذلك نتيجة اللهجة الحادة التي بدت وكأنها تُحمِّل المواطن العادي مسؤولية الأزمة الاقتصادية الخانقة. ورغم كل ذلك الجدل والغضب، فإن هذا المقال لا يدافع عن الرعيض ولا يبرر أسلوب طرحه؛ بل يهدف إلى مناقشة الأفكار الاقتصادية التي طرحها وكيفية عرضها على الرأي العام، دون رفض لجوهر تلك الأفكار.

إن الركون إلى سياسات شعبوية لتسكين الأوجاع الآنية دون علاج جذري لن ينقذ الاقتصاد الوطني، كما أن تأجيل الإصلاحات الضرورية اليوم يعني بالضرورة اتخاذ قرارات أشد قسوة في المستقبل عندما تتفاقم الأزمات. ومع ذلك، لا يمكن إلقاء أعباء فشل السياسات الاقتصادية السابقة على كاهل المواطنين وحدهم؛ فغالبيتهم لم يكونوا طرفًا في منظومات الفساد وسوء الإدارة التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار.

جديرٌ بالذكر أن لهجة الرعيض في طرحه للإصلاح بدت وكأنها تلوم الناس على أزمةٍ لم يصنعوها، مما عمّق فجوة الثقة بين الشارع وصنّاع القرار. إن الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ من أعلى الهرم السياسي والاقتصادي، بحيث تتحمل القيادات مسؤولياتها أولًا وتُضمن عدالة توزيع أعباء الإصلاح وعوائده. فالمواطنون المنهكون من الأزمات المتتالية يستحقون خطابًا رسميًا يحترم مشاعرهم، وإصلاحاتٍ تضع اعتبارات العدالة الاجتماعية وكرامة العيش الكريم في صلب الأولويات.

عبء الدعم الحالي: منطق الإصلاح في مواجهة مخاوف الشارع

لا شك أن نظام الدعم السلعي المعمول به منذ عقود (خاصةً دعم الوقود والكهرباء والمياه) تحول من ميزة اجتماعية إلى عبء اقتصادي يثقل كاهل الدولة. يبلغ سعر البنزين المحلي في ليبيا حوالي 0.15 دينار لليتر فقط (نحو 0.02 دولار أمريكي)، مما يجعله أرخص سعر وقود في العالم. هذه الأسعار الزهيدة وإن بدت في صالح المواطن على المدى القصير، أدت في الواقع إلى انتشار سلوكيات سلبية كالإسراف والتهريب. وفقًا لتقارير دولية، يُقدَّر ما تفقده ليبيا بسبب تهريب الوقود بما يتعدي 5 مليارات دولار سنويًا – أموال طائلة تُهدر ليستفيد منها المهربون بدلًا من المواطن البسيط. الأمر لا يقتصر على الوقود؛ فالكهرباء والمياه أيضًا تقدَّمان بأسعار شبه مجانية، مما شجّع على الإفراط في الاستهلاك وأضعف كفاءة إدارة الموارد. ونتيجةً لذلك تضخمت نفقات الدعم في الموازنة العامة لتصل في حالة الوقود وحده إلى نحو 12.8 مليار دينار ليبي في أول 11 شهرًا من عام 2024 (حوالي 2.7 مليار دولار بالسعر الرسمي) و هذا الرقم لا يشمل تكلفة الدعم المحتسبة من المنبع و نتيجة المقايضة للنفط الخام مقابل محروقات او التسوية من حساب الموسسة الوطنية للنفط قبل التحويل للحساب السيادي لدى مصرف ليبيا المركزي، و الذي يقدر بما لا يقل عن عشر مليارات دولار. هذه المبالغ الهائلة كان يمكن توجيهها لتحسين الخدمات العامة أو تقديم دعم نقدي مباشر للأسر المحتاجة بدل تبديدها في سوق سوداء يقتات عليها المتاجرون بالدعم.

من هذا المنطلق، فإن دعوة الرعيض إلى إعادة النظر في سياسة الدعم تستند إلى منطق اقتصادي قوي: فالدعم الشامل بأسعاره الحالية يفتقر إلى العدالة ويؤدي إلى إهدار الموارد، فعلى عكس المقصود منه، يستفيد الأغنياء وأصحاب الاستهلاك الأعلى من الدعم أكثر من الفقراء، كما أن المواطنين والأجانب ينالون حصةً متساوية منه بلا تفرقة. إضافةً إلى ذلك، السعر المتدني للسلع المدعومة خلق حالة من الاتكال والاستهلاك المفرط بدلاً من الترشيد، وأفرز اقتصادًا موازيًا يقوم على التهريب والفساد. كل هذه التشوهات تنعكس سلبًا على معيشة المواطن بشكل غير مباشر عبر استنزاف خزينة الدولة وتقليص قدرتها على تحسين الخدمات العامة والبنية التحتية أو رفع المرتبات بشكل مستدام، أي أن المواطن قد يدفع ثمن الدعم الحالي في النهاية من نوعية الحياة المتراجعة والخدمات المتدهورة.

لكن بالمقابل، طريقة طرح هذه الفكرة للجمهور لم تكن موفقة تمامًا. فعلى الرغم من وجاهة مبدأ رفع الدعم العيني واستبداله بدعم نقدي يستهدف المستحقين، شعر كثير من المواطنين بالقلق وربما بالغضب من تصريحات الرعيض. يرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها تحميل المواطن مسولية الاخطاء الاقتصادية و الفساد المالي، كذلك انعدام الثقة في آليات التنفيذ الحكومية: إذ يخشى المواطن أن يؤدي رفع الدعم إلى ارتفاع كبير في الأسعار دون تعويض فعلي أو أن يتبخر الوفر المالي في دهاليز الفساد والإنفاق الرسمي غير الرشيد، وما زاد الطين بلة أن حديث الرعيض ركز على ما ينبغي على المواطن تحمّله من أعباء الإصلاح (كرفع سعر البنزين)، دون تطمينات كافية حول ما ستقوم به الدولة بالمقابل لضمان عدم تضرر الفئات الضعيفة، كما لوحظ أنه تجاهل الإشارة إلى ملف الفساد الحكومي وتضخم المصاريف الرسمية، وهو جانب لا يقل أهمية عن إصلاح الدعم نفسه. فكيف يطالب المواطنين بشد الأحزمة والتخلي عن مكاسب مباشرة اعتادوا عليها، بينما لم يُسمع له صوت قوي في المطالبة بكبح فساد الإنفاق العام أو الحد من البذخ في مصاريف المسؤولين؟ هذا الخلل في التوازن بالطرح أعطى انطباعًا بأن الإصلاح المقترح أحادي الجانب، يستهدف المواطن فقط دون النخبة السياسية والإدارية، مما أجج رفض الشارع للاقتراح رغم منطقيته الاقتصادية.

لجعل طرح إصلاح نظام الدعم أكثر قبولًا وشمولًا، من الضروري تضمين ما يلي:

•   ضمانات واضحة لحماية محدودي الدخل:

ينبغي التأكيد على أن رفع الدعم سيتم تدريجيًا وبالتوازي مع تعويضات نقدية عادلة ومنتظمة تصل مباشرةً إلى مستحقيها، بحيث لا يُترَك المواطن البسيط وحيدًا في مواجهة غلاء الأسعار.

•   مكافحة التهريب والفساد بالتزامن مع الإصلاح:

على السلطات إعلان إجراءات حازمة لمنع شبكات تهريب الوقود ومحاسبة المتورطين في هدر المال العام، لضمان أن الوفر الناتج عن تقليص الدعم سيذهب لتنمية الاقتصاد لا إلى جيوب الفاسدين.

•   ترشيد الإنفاق الحكومي نفسه: 

من المهم أن يشعر المواطن أن الحكومة جادة في إصلاح نفسها أيضًا، عبر خفض المصاريف التسييرية والامتيازات المبالغ فيها للمسؤولين، عندما يرى الناس أن قادتهم يشدّون الأحزمة معهم، سيصبح تقبّلهم للإصلاحات الصعبة أهون نسبيًا.

•   شفافية التواصل والخطاب: كان يجدر بمن يطرح مثل هذه الأفكار أن يستخدم لغة تُراعي مخاوف الناس بدلًا من إلقاء اللوم عليهم لتعويلهم على الدولة، شرحٌ مبسّط يُبيّن كيف أن الإصلاح سيعود بالنفع على المواطن مستقبلًا – مدعومًا بالأرقام وخطة عمل واضحة – كان سيخفف من التوجس الشعبي ويدفع نحو حوار بنّاء بدل الصدام.

تضخم القطاع العام: حقيقة لا خلاف عليها ولكن أين البديل؟

إلى جانب ملف الدعم، تناول طرح الرعيض معضلة تضخم القطاع الحكومي مقابل ضعف مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، فلا يخفى أن عقودًا من السياسات الاقتصادية الخاطئة حوّلت الوظيفة الحكومية إلى الخيار شبه الوحيد أمام غالبية الشباب الليبي، في ظل محدودية الفرص في القطاع الخاص، ونتيجة التوسع المستمر في التوظيف الحكومي بلا تخطيط، ارتفع عدد موظفي الدولة من نحو 900 ألف موظف في 2010 إلى حوالي 2.3 مليون موظف بنهاية 2021 – أي أن قرابة ثلث سكان ليبيا باتوا يتقاضون رواتب من الخزانة العامة، هذا الرقم الضخم يفوق بكثير قدرة الاقتصاد الحقيقي على استيعاب موظفين منتجين، فتحولت آلاف الوظائف إلى بطالة مقنعة أو أعمال شكلية غير منتجة، ولعل ما يزيد الصورة قتامة أن بند الرواتب والأجور الحكومية يلتهم حاليًا ما يصل إلى 70-75% من الإنفاق العام (73% خلال الربع الأول من 2023 مثلًا)، مما لا يترك سوى حيزٍ محدود جدًا للاستثمار في المشاريع التنموية والخدمات، وفي نفس الفترة (الربع الأول 2023) بلغت فاتورة المرتبات نحو 13.1 مليار دينار من أصل 18 مليار إنفاق عام، بينما لم يتجاوز الإنفاق التطويري 750 مليون دينار فقط، هذه فجوة هائلة بين ما يُصرف على الاستهلاك الحالي (رواتب ودعم) وبين ما يُستثمر للمستقبل، ما يعني استنزافًا لمقدرات البلد دون بناء حقيقي لقدراته الإنتاجية.

من هذا المنظور، كان تركيز الرعيض على ضرورة تحجيم القطاع العام وتشجيع القطاع الخاص في محله من ناحية المبدأ، إذ لا يمكن لاقتصاد أن ينمو بشكل صحي حين تكون الحكومة هي رب العمل الأكبر والمموّل الأبرز للنشاط الاقتصادي. لقد أشار الرعيض إلى أن الشعب اعتاد الاعتماد على الدولة، وإلى أن سياسة تعليمية عقودية دفعت الجميع إلى التعليم الجامعي النظري على حساب التعليم التقني والفني، لتنتهي الرحلة بطوابير الخريجين الساعين إلى وظيفة حكومية. هذه الملاحظات صحيحة وتعكس واقعًا مؤلمًا: الاعتماد الكلي على الدولة خلق ثقافة انتظار الوظيفة الحكومية بدلًا من روح المبادرة في الأعمال الخاصة أو الحِرفية، كما أدى إلى تضخم بيروقراطي يثقل الأداء الحكومي نفسه.

بيد أن الأسلوب الذي عُرضت به هذه الحقائق أثار التساؤلات حول “ما الحل البديل” فعليًا، فالمواطن يتفق ربما أن تضخم الجهاز الحكومي بلغ حدًا مرضيًا، لكنه يتساءل: أين الفرص الأخرى إذا انكمش التوظيف الحكومي؟ كان حريًا بالرعيض أن يستفيض في شرح كيفية تنشيط القطاع الخاص لامتصاص العمالة الفائضة واستيعاب الشباب الداخلين إلى سوق العمل سنويًا، لقد ذكر بالفعل أن القطاع الخاص الليبي “يعمل بمدخراته دون دعم من المصارف” في إشارة إلى قصور التمويل المصرفي للمشاريع الخاصة. ولكن لم نسمع منه مثلاً عن خطط عملية لمعالجة هذه المشكلة البنيوية، كإصلاح القطاع المصرفي أو تقديم حوافز للاستثمار المحلي، كذلك لم يربط بشكل صريح بين تقليص وظائف الدولة وبين محاربة الفساد في التوظيف الحكومي ذاته؛ فجزء من تضخم القطاع العام سببه توظيف زبائني أو أسماء وهمية بهدف شراء الولاءات السياسية والاجتماعية، الإصلاح الحقيقي يقتضي معالجة هذا الخلل عبر مراجعة كشوف المرتبات وتنقية الجهاز الإداري من الفساد والمحسوبية، وليس فقط وقف التوظيف الجديد.

إن نجاح أي عملية لإعادة هيكلة القطاع العام مرهون بتوافر بديل اقتصادي فعّال. هنا أيضًا يظهر قصور خطاب الرعيض: فقد انتقد الواقع القائم من دون أن يرفقه برؤية شاملة لكيفية الانتقال إلى وضع أفضل. على سبيل المثال.

يمكن أن تشمل الرؤية المتكاملة:
• إطلاق برامج لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة: بحيث توفر الدولة قروضًا ميسّرة وتسهيلات ضريبية لرواد الأعمال، مما يخلق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص تستوعب الباحثين عن العمل.

•   شراكة حقيقية مع القطاع الخاص في المشاريع الكبرى: عبر تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في مجالات كالطاقة المتجددة، السياحة، الزراعة والصناعة التحويلية، لتخفيف الاعتماد على القطاع النفطي والوظائف الحكومية.

•   إصلاح نظام التعليم والتدريب المهني: لملاءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل. فبدلًا من تخريج آلاف الجامعيين العاطلين، يجدر توجيه نسبة أكبر من الشباب نحو التعليم التقني وحِرف يحتاجها الاقتصاد الليبي، مع توفير منح وحوافز للالتحاق بهذه المسارات.

•   معالجة تركة الفساد في التوظيف الحكومي: عبر إنشاء قاعدة بيانات شفافة للموظفين الحكوميين وإزالة الازدواجية والوظائف الوهمية، وضمان أن من يبقى في الوظيفة العامة يؤدي خدمة حقيقية للمواطنين، هذا ليس فقط لتحقيق عدالة في ضبط النفقات، بل أيضًا لإقناع العامة بأن تقليص القطاع العام لن يُستخدم كسلاح ضد صغار الموظفين وحدهم فيما يبقى “الكبار” في مناصبهم بلا محاسبة.

لو أن مثل هذه العناصر طُرحت بوضوح ضمن حديث الرعيض، لربما اختلف رد فعل الشارع، فالمواطن يحتاج أن يرى الطريق أمامه: كيف سينتقل من اقتصاد تهيمن عليه الدولة إلى آخر متنوع يقوده القطاع الخاص. الحديث عن المشكلة دون طمأنة الناس إلى حلٍ واقعي قابل للتنفيذ جعل الدعوة للإصلاح تبدو مجرد مطالبة بالتضحية من جانب واحد، أما الإصلاح المدروس الشامل فبإمكانه أن يقنع الناس بأنه يصنع مستقبلاً أفضل للجميع وليس مجرد حرمان لهم من مكاسب حالية.

الاستقرار النقدي وتعزيز الثقة: أهداف مشروعة تصطدم بواقع الثقة المفقودة

تطرّق طرح الرعيض أيضًا إلى أهمية تحقيق الاستقرار النقدي ومعالجة التشوهات المالية، لاسيما تلك الناتجة عن دعم السلع وفروق سعر الصرف. وقد أشار بحق إلى ما نتج عن حقبة ازدواج سعر صرف الدينار (الرسمي والموازي) من فساد كبير، حيث استغل البعض الحصول على الدولار بالسعر الرسمي المدعوم لتحقيق أرباح خيالية عند بيع السلع بالسعر الموازي، هذه الممارسات أضرّت بالاقتصاد وأثرت سلبًا على قيمة العملة وثقة المواطنين، صحيح أن مصرف ليبيا المركزي وحّد سعر الصرف مطلع 2021 عند حوالي 4.48 دينار للدولار، لكن الضغوط عاودت الظهور مؤخرًا مما اضطره إلى خفض قيمة الدينار رسميًا بنسبة 13% تقريبًا (إلى 5.56 دينار للدولار) خلال 2023. وبقي الفارق قائمًا بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية (حيث تجاوز الدولار 7 دنانير أحيانًا)، ما يدل على استمرار عدم الثقة ووجود اختلالات تتطلب المعالجة.

من زاوية اقتصادية بحتة، إن طرح الرعيض الداعي إلى ضبط الإنفاق العام وترشيد الدعم يهدف ضمنيًا إلى تخفيف الضغط على الاحتياطيات الأجنبية وحماية الدينار من المزيد من التدهور. فحين تنخفض حاجة الحكومة إلى شراء العملة الصعبة لتمويل واردات مدعومة أو كتلة رواتب ضخمة، يصبح احتياطي البنك المركزي في وضع أكثر أمانًا وقدرة على دعم سعر الصرف، حاليًا تتمتع ليبيا باحتياطي نقدي قوي يقارب 82 مليار دولار بنهاية 2023 بفضل عائدات النفط المرتفعة نسبيًا، وهو رقم يكفي لتغطية الواردات لعدة سنوات، غير أن هذا الرصيد يمكن أن يتآكل سريعًا إذا استمرت أنماط الإنفاق الحالية دون إصلاح، لا سيما عند أي انخفاض في أسعار النفط عالميًا أو اضطراب في الإنتاج المحلي بسبب تطورات سياسية، من هنا فإن الإصلاحات التي ينادي بها الرعيض تشكل وقاية مبكرة للاقتصاد: تقليص نزيف الموارد عبر الدعم العشوائي والإنفاق غير المنتج سيعزّز استقرار المؤشرات الكلية (عجز مالي أقل، ودين عام تحت السيطرة) مما يمنح مصرف ليبيا المركزي مجالًا أكبر للمحافظة على قيمة الدينار وربما تعزيزها مستقبلًا، وبالتالي يُكبح التضخم وتُصان القوة الشرائية للمواطن الليبي، خاصة أن معدل التضخم السنوي تراجع إلى نحو 2-3% في 2023 ومن المتوقع بقاءه في نطاق منخفض إذا استمر الانضباط المالي.

رغم ذلك، يبقى التحدي الأكبر سياسيًا واجتماعيًا أكثر منه تقنيًا. فالمواطن العادي قد لا يُعير اهتمامًا كبيرًا لتقارير وكالات التصنيف الائتماني أو حتى لمعدل التضخم ما دام يشعر بأن معيشته اليومية مهددة؛ إن تعزيز الثقة هنا لا يتعلق فقط بأرقام الاقتصاد الكلي، بل بثقة الناس في أن إصلاحات التقشف المقترحة ستنعكس إيجابًا عليهم فعليًا ولن يتم الالتفاف عليها أو استغلالها ضدهم. كثيرون يتوجسون من أن رفع الدعم أو تخفيض فاتورة الرواتب سيُنفَّذ في النهاية على حساب المواطن البسيط، بينما يستمر الهدر في مستويات الحكم العليا. وللأسف هناك سوابق تعزّز هذا الشك: إذ جرى الحديث مرارًا عن إصلاحات ومبادرات اقتصاديّة في الماضي، لكنها أخفقت إما لسوء تنفيذها أو لغياب الإرادة السياسية الحقيقية، فتكرس لدى الشارع اعتقادٌ أن الوعود الرسمية شيء والواقع شيء آخر تمامًا.

من أجل تجسير فجوة الثقة هذه، كان ينبغي على الطرح الإصلاحي أن يتضمن إجراءات واضحة لبناء المصداقية. فعلى سبيل المثال، إعلان حزمة شفافية تتعهد بها الحكومة أمام المواطنين، تشمل نشر التقارير الدورية عن حجم الوفر المتحقق من الإصلاحات وكيفية إنفاقه (سواء في دعم مستهدف أو مشاريع تنموية). كذلك، ربما كان من المجدي لو أشار الرعيض إلى ضرورة توحيد الميزانية العامة بين حكومتَي البلاد المتنافستين وتحسين إدارة الموارد عبر سلطة مالية موحّدة، فجزء كبير من التشوهات الاقتصادية في ليبيا يرجع لانقسام المؤسسات وضعف الرقابة. إن طمأنة المواطنين بأن إصلاح الدعم وضبط الإنفاق لن يكونا مجرد إملاءات مالية بل جزءًا من رؤية أشمل لبناء اقتصاد أقوى وأكثر تنوعًا كان سيجعل رسالته أكثر إقناعًا. فلو وُضع الإصلاح المالي في إطار خطة تنموية متكاملة – تتضمن مثلًا تحسين مناخ الاستثمار، مكافحة الفساد الإداري، والاهتمام بقطاعات إنتاجية جديدة – لأمكن تغيير نظرة الناس من إصلاح يُخشى منه إلى إصلاح يُرجى منه.

الإصلاح في صالح الوطن لا الأفراد

في المحصلة، إن جوهر الأفكار التي طرحها محمد الرعيض يعكس تفكيرًا اقتصاديًا علميًا يستهدف معالجة اختلالات هيكلية أضرّت بمعيشة المواطن الليبي، إلا أن طريقة تسويق هذه الأفكار للجمهور هي التي أثارت النفور والمقاومة. لقد ركز خطاب الرعيض على الإجراءات المؤلمة المطلوبة (رفع الدعم، ضبط الرواتب) دون إيلاء نفس القدر من الاهتمام لشرح الضمانات والمكاسب المستقبلية أو للإشارة إلى تضحية الطبقة الحاكمة بنصيبها من الإصلاح، وهنا يكمن الدرس الأوسع: لا يكفي أن تكون السياسات صحيحة نظريًا، بل ينبغي أن تُطرَح عمليًا بطريقة عادلة وشاملة تأخذ بعين الاعتبار مخاوف الناس ومصالحهم، فالإصلاحات الجريئة يمكن أن تنجح وتؤتي ثمارها كما تُظهر تجارب دولية عدة، لكن شرط ذلك أن تحظى بثقة المواطنين ودعمهم القائم على اقتناع وإشراك في المنافع.

ليس الهدف من هذا النقاش الدفاع عن شخص الرعيض أو أي مسؤول بعينه، بل الانتصار لمنهج التفكير الموضوعي في مواجهة التحديات. إن رفض الأفكار فقط بسبب كراهية قائليها هو ضرب من إطلاق النار على أقدامنا. بدلاً من ذلك، المطلوب هو تمحيص كل طرحٍ اقتصادي بعقلانية: أخذ ما فيه من نفع وتصحيح ما يعتريه من نقص، وصولًا إلى معالجات واقعية تخدم مصلحة الوطن والمواطن، إذا نجحنا في تجاوز الشخصنة وتسييس الملفات الاقتصادية، سنجد أن كثيرًا من الوصفات العلاجية – وإن كانت مُرّة المذاق – هي ما يحتاجه الاقتصاد الليبي لينتعش ويحقق تنمية حقيقية مستدامة يشعر بها الجميع.

خاص.. المركزي يخاطب شركات ومكاتب الصرافة المرخص لها بمزاولة النشاط ببيع العملة بهامش ربح 7٪؜

تحصلت صحيفة صدى الاقتصادية حصرياً على مراسلة مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد بمصرف ليبيا المركزي إلى الشركات ومكاتب الصرافة المرخص لها بمزاولة النشاط من قبل المصرف .

حيث أصدر المركزي تعليمات بشأن الإذن لشركات ومكاتب الصرافة المرخص لها من قبل مصرف ليبيا المركزي، على بيع العملة الأجنبية بهامش ربح 7% على سعر بيع مصرف ليبيا المركزي للمصارف العاملة بليبيا ، وستخضع شركات ومكاتب الصرافة لمتابعة مستمرة ودورية من خلال إجراء جولات تفتيش ميدانية لتقييم التزامها بالتعليمات الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي، وسوف يتخذ مصرف ليبيا المركزي الإجراءات القانونية والعقوبات المنصوص عليها بالقانون رقم (1) لسنة 2005، والتي تصل إلى إلغاء الإذن الممنوح للشركة أو المكتب المخالف للتعليمات.

“اشنيبيش”: الانقلاب الصامت.. هل يعيد اليوان الرقمي تشكيل النظام المالي العالمي؟

كتب: الأستاذ “أنس اشنيبيش” مقالاً

في مشهد هادئ يشبه أفلام الجاسوسية، وخارج عدسات الإعلام الموجه نحو ضجيج الأسواق، تحدث ثورة مالية قد تغير قواعد اللعبة لعقود قادمة.

هذه المرة، ليست من وول ستريت، بل من قلب بكين، حيث بدأ اليوان الرقمي يشق طريقه نحو إعادة رسم ملامح النظام المالي العالمي.

بينما يتصارع العالم مع تضخم مرتفع، وحروب عملات، وعقوبات اقتصادية، تحركت الصين بخطى مدروسة لتقديم بديل استراتيجي لأكثر شبكات المال نفوذًا: نظام SWIFT.

اليوان الرقمي.. أكثر من عملة

اليوان الرقمي، أو ما يعرف بـ DCEP (Digital Currency Electronic Payment)، ليس مجرد عملة إلكترونية جديدة، إنه مشروع دولة، ومفتاح في يد الصين للتحكم بتدفقات الأموال عبر الحدود، دون الحاجة إلى المرور عبر النظام الغربي التقليدي.

في مارس 2025، أعلنت الصين نجاحها في ربط نظامها للدفع الرقمي بعدة دول من آسيا والشرق الأوسط، ضمن مشروع ضخم يقلص الاعتماد على الدولار، ويفتح أبواب التجارة البينية بلغة مالية جديدة.

من بكين إلى دبي.. في 7 ثوانٍ

في تجربة مذهلة، تمت تسوية عملية تجارية بين هونغ كونغ وأبوظبي باستخدام اليوان الرقمي خلال 7 ثوانٍ فقط — دون الحاجة إلى بنوك وسيطة، ودون المرور عبر سويفت، رسوم العملية؟ أقل بـ 98٪ من المعايير المعتادة.

نعم، ما تقرأه صحيح: لا انتظار، لا تعقيد، لا رسوم خفية.

لماذا الآن؟ ولماذا بهذه السرعة؟

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، والعقوبات المالية المتكررة، بات واضحًا أن من يملك البنية التحتية المالية يملك النفوذ، الصين تدرك هذه الحقيقة جيدًا، وتسعى عبر اليوان الرقمي إلى فك الارتباط التدريجي عن الدولار، وتحقيق ما تسميه “الاستقلال المالي السيادي”
وعبر تقنية البلوك تشين، تحقق الحكومة الصينية مستوى من الشفافية والرقابة والتحكم لا مثيل له

كل معاملة، كل تحويل، كل دفعة — تُسجَّل على دفتر حسابات رقمي لا يمكن التلاعب به. هذه ليست مجرد تقنية لحماية الأموال، بل أداة جيوسياسية دقيقة، تسمح للصين بمتابعة حركة رأس المال لحظة بلحظة، داخليًا وعبر الحدود.

في المقابل، يتساءل البعض: ماذا عن الخصوصية؟ وماذا لو تحول هذا النظام إلى أداة مراقبة كاملة؟

التنين المالي يمد جناحيه

المثير للدهشة ليس فقط التكنولوجيا، بل التوقيت، فبينما تتصارع الاقتصادات الغربية مع تبعات التضخم والركود ومعدلات الفائدة المرتفعة، تتحرك الصين بهدوء نحو بناء كتلة تجارية رقمية جديدة.

اليوم، عشر دول في رابطة “آسيان”، وست دول من الشرق الأوسط — من بينها دول نفطية ذات تأثير كبير — بدأت فعليًا بالتكامل مع النظام الصيني الجديد، متجاوزة النظام الغربي ومحدودية نظام SWIFT.

إنه أشبه بـ “نظام SWIFT 2.0”، لكن بلغة صينية، ومنصة تُدار وفق رؤية استراتيجية طويلة الأمد.

رد فعل الغرب؟

حتى الآن، لا يبدو أن واشنطن أو بروكسل تمتلكان ردًا فعّالًا، العقوبات المالية أصبحت سلاحًا يهدد بخلق بدائل، وليس بالضرورة إخضاع الأنظمة. ومع كل مرة يُستخدم فيها SWIFT كأداة عقاب، تزداد رغبة الدول في التحرر منه.

والصين تعرف تمامًا كيف تلعب على هذا الوتر.

هل نشهد بداية النهاية لهيمنة الدولار؟

لنكن واقعيين، الدولار لن يسقط غدًا، لكنه بدأ يفقد شيئًا من سطوته. وبدخول اليوان الرقمي إلى ساحة المدفوعات العالمية، ليس كعملة فقط، بل كنظام مالي بديل كامل، فإن المعادلة بدأت في التغير.

الصفقة القادمة في الشرق الأوسط؟ قد تتم بعملة رقمية صينية.

مشروع مشترك بين آسيا وأفريقيا؟ لن يمر عبر نيويورك.

وفي هذا العالم الجديد، من يملك البنية التحتية الرقمية، يملك التأثير.

هل الانقلاب الصامت قد بدأ ؟؟

إنه ليس انقلابًا بالمعنى الكلاسيكي، لا دبابات، لا صراخ في الشوارع… لكنه انقلاب مالي — يتم عبر الكود، والخوارزميات، والتحويلات التي لا تُرى.

وفي غضون سنوات قليلة، قد نستيقظ لنجد أن العالم لم يعد “يحول” عبر SWIFT، بل “ينقر” على نظام صيني، أسرع، أرخص، وأكثر كفاءة.

والسؤال الذي يبقى:
هل نحن مستعدون للعيش في عالم ما بعد SWIFT؟

خاص.. المركزي يكشف لصدى عن عدم حضور المحافظ لجلسة النواب المقبلة لسفره في مهمة .. وأنه سيحيل للمجلس مذكرة إصلاحات اقتصادية للحكومتين

أكد مصدر مسؤول بالمصرف المركزي حصرياً لصدى الاقتصادية بأن المحافظ خاطب رئيس مجلس النواب منذ أيام بأنه مسافر في مهمة عمل وموعد مسبق لاجتماع موسّع بحضور نائبه ومدراء المصرف المركزي بطرابلس وبنغازي وممثلي الوزارات والهيئات والمؤسسات الليبية مع بعثة خبراء صندوق النقد الدولي، لذلك لن يتمكن من حضور جلسة يوم الثلاثاء.

وقال المصدر: ولكن سيحيل لمجلس النواب حزمة من الاصلاحات الاقتصادية السريعة للحكومتين، والتي إن طُبقت فسوف تخرج البلاد من هذه الأزمة بشكل كُلّي، إن تجاوبت معه كافة الاطراف المعنية.

خاص: سفارة “النرويج” لصدى: في الوقت الحالي ليس لدينا خطط لفتح السفارة .. وهذه التفاصيل

صرحت سفارة النيرويج لصحيفة صدى الاقتصادية اليوم الإربعاء أن سفارة النيرويج في الوقت الحالي ليس لديها أي خطط لفتح السفارة في العاصمة طرابلس .

وأكدت السفارة لصدى الاقتصادية بالقول: في الوقت الحال نخطط لفتح قنصلية وليس سفارة وذلك كما أبلغنا سابقاً وفقا للسفارة.

“الترهوني”: في ضوء قرارات المصرف المركزي.. المعيشة في ليبيا إلى أين؟

كتب: الخبير الاقتصادي د. “عبدالله ونيس الترهوني”

أدلى الكثيرون بدلوهم بعد صدور منشور أو بيان مصرف ليبيا المركزي عن مصروفات ومداخيل شهري يناير وفبراير 2025، وبكل تجرد فالمنشور أو البيان مبتور وأرقامه غير دقيقة، وكان الغرض منه هو تهيئة الرأي العام الليبي للسيناريو القادم، وهو الذي ظهر جلياً مع بزوغ شمس أول أيام العمل الرسمي بعد عطلة عيد الفطر المبارك!

من حيث الاساس، إن المصرف المركزي مسؤول عن السياسة النقدية وهذه السياسة مربوطة مع السياسات الاقتصادية الأخرى التي تديرها الحكومة، وبالتالي فنشر المصروفات هو تخصص اصيل لوزارة المالية المسؤولة عن السياسة المالية وليس المصرف المركزي، ومن حيث الأساس أيضاً أن من يقول أن المشكلة في ليبيا هي اقتصادية هو إنسان غير مدرك لحقيقة الأمور أو أنه انسان يناقش التفاصيل بعيداً عن الجوهر، فالمشكلة في ليبيا هي سياسية بإمتياز، وأن الاختلالات الاقتصادية قد بدأت في العام 2014 عندما بدأت المشكلة السياسية وماتبعها من اقفالات للنفط وحروب وصراعات هنا وهناك، وبالتالي فإن العودة لأصل المشكلة هو أساس الحل.

إننا اليوم كليبيين نقف على مفترق طرق، فمع صعود ترامب لسدة الحكم هوت اسعار النفط الخام، وبالتالي صرنا في ليبيا مجبرين لامخيرين على تنويع مصادر دخلنا لسد فجوة التمويل، ثم اللحاق بركب دول الخليج التي سبقنا بشوط كبير، وأرى أنه قد آن الأوان للاستماع للخبراء والعاقلين والاقتداء بتجارب دول وشعوب عانت مثل ماعانينا.

من حيث التفاصيل، فالبعض يرى أن قانون تحريم الربا في ليبيا رقم 1 لسنة 2013 قد حرم المصرف المركزي من أحد أهم أدواته (سعر الفائدة)، والذي جعل من سعر الصرف هو الآلية الوحيدة التي يتحرك بها منذ 2013 وحتى اليوم، ومن جانبي لا أتفق كلياً مع هؤلاء، فالبلد بحاجة لتفعيل سوق الأوراق المالية أيضاً، ولضبط الإنفاق الحكومي وفقاً لقانون ميزانية، وإلى ضبط العمالة الوافدة، والاهم من هذا هو تفعيل دور الاجهزة الرقابية ومكافحة الفساد بلاهوادة.

من ناقلة القول أن الصرف بدون قانون ميزانية، وإختلال عمل الاجهزة الرقابية،واستمرار برنامج مقايضة النفط الخام بالمكرر مع استمرار توقف عمل المصافي المحلية، وفوق كل هذا طباعة أكثر من 100 مليار من العملة المحلية مع الاحتفاظ بالاصدارات القديمة في التداول سيقودنا حتماً للافلاس عاجلاً او آجلاً، وبحل هذه المعضلات الأربعة فإن الاقتصاد الوطني سيستقر، ولكنه لن يتعافى لأن هناك عوامل أخرى تؤثر فيه.

في يومنا الحاضر، تعيش السياسات التجارية والمالية والنقدية في معزل عن بعضها، وبدوره أصدر مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي القرار رقم 18 لسنة 2025 بشأن تخفيض قيمة العملة الوطنية ليسد الفجوة في التمويل لكي لا يكون مضطر للسحب من الاحتياطي، ولكن هذا بدوره سيزيد من إعداد الفقراء بسبب تضخم الاسعار، وسيوسع الهوة بين طبقة المرفهين والطبقة المسحوقة، وفي الوقت الذي بدأ فيه الحديث عن أن القرار قد تم اتخاذه بموافقة نصف الأعضاء وليس اغلبهم، وهو مايتعارض مع قانون المصارف الليبي، فإن الأولى بالمصرف المركزي أن يتوقف على إقراض الحكومة (عدا الباب الاول) على أن يتم ذلك صرف الباب الاول حصراً من خلال منظومة أيسر التابعة للمصرف المركزي.

دون الحاجة الى إعادة مانشروا، فقد تطرق عدداً من الخبراء الليبيين وعلى رأسهم الدكتور محمد ابوسنينة والدكتور محمد الشحاتي والدكتور عمران الشايبي إلى عرض آليات مهمة لمعالجة بعض التشوهات الحالية في الاقتصاد الليبي حيث يتمثل جوهر هذه المعالجات في تقنين الانفاق أي جعل الصرف يتم فقط من خلال قانون ميزانية، وإلى إغلاق السواد الأعظم من السفارات والقنصليات والمندوبيات الليبية بالخارج والتي يبلغ عددها ضعف عدد سفارات وقنصليات ومندوبيات الولايات الأمريكية بالخارج، مع تشديد الرقابة على على الاعتمادات المستندية وتحويلات العملة، وسحب ثم حرق جميع الأوراق النقدية من فئة 50 دينار ضمن خطة تقتضي سحب وإعدام أوراق نقدية لاتقل قيمتها عن 50 مليار دينار من السوق المحلي، ورفع التعريفة الجمركية على السلع الكمالية وغير الضرورية، وإعادة المصافي المحلية للعمل، وبالتوازي مع كل هذا تتم إعادة هيكلة مؤسسات الدولة على المدى المتوسط من خلال الدمج والإلغاء وفقاً لمعايير صحيحة، وتصحيح أوضاع العمالة الوافدة.

في كل الأحوال، شئنا أم أبينا فالعودة إلى الاقتصاد الاصيل (الزراعة والصناعة) هو شئ محتوم، ويجب علينا أن نصحوا من الأوهام التي نعيشها والتي نتجت عن المرض الهولندي الذي أصاب ليبيا كما أصاب دول قبلها، وعلينا في قادم السنوات تأمين غذائنا من أرضنا الواسعة، والتوجه للصناعات الصغرى والمتوسطة، والتوسع في الصناعات القائمة على النفط الخام، ودعم الابتكار واقتصاد المعرفة.

ختاماً، أرى أن المشكلة في ليبيا هي سياسية وليست اقتصادية، وأن بعض ماتم سرده في هذا المقال هو مجرد آليات أو معالجات لمشكلة تراكمية منذ عقود، ونحن بحاجة لسنوات من التفكير والتخطيط لنعيد لبلادنا هيبتها ولينعم شعبها بالعيش على أرضه.

أفريكا إنتليجنس: تهديدات جديدة يواجهها النفط بليبيا.. وأسماء جديدة مرشحة إدارة مؤسسة النفط

قال تقرير موقع أفريكا إنتليجنس أنه بينما يحيط حفتر بالمشهد، عبد الحميد الدبيبة يتمسك بالسيطرة على المؤسسة الوطنية للنفط، مؤكدا أن التمسك بنفوذه في قطاع النفط مع محاولة إرضاء خليفة حفتر، هو التحدي الكبير الذي يواجه رئيس الحكومة، حيث يكافح لتعيين رئيس جديد للمؤسسة الوطنية للنفط.

وقال أن عبد الحميد الدبيبة، رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، يسعى لشراء الوقت من خلال الإبقاء على مسعود سليمان رئيساً مؤقتاً للمؤسسة الوطنية للنفط، رغم الحاجة إلى تعيين مجلس إدارة كامل وجديد، سليمان، النائب السابق لرئيس المؤسسة، تولى المنصب منذ أكثر من ثلاثة أشهر بموافقة رئيس الوزراء، بعد إقالة رئيسه السابق فرحات عمر بن قدارة .

وتابع: رغم أن تعيين رئيس جديد للمؤسسة يمثل تحدياً كبيراً لرئيس الوزراء، إلا أن تعيين شخص لا يحظى بموافقة جماعة حفتر أمر غير وارد قائد الجيش الوطني الليبي لا يزال يهدد بإغلاق الحقول النفطية، والتي تقع أغلبها في منطقة برقة .

ووفق الموقع ففي الشرق، هناك شخصيتان مقربتان من جماعة حفتر مرشحتان لتولي المنصب:
• عارف النايض، السفير الليبي السابق في الإمارات
• محمد بن شتوان، رئيس شركة الخليج العربي للنفط (AGOCO) لكن الدبيبة لا يرغب في تعيين شخصية محسوبة على حفتر.، وبصفته أيضاً رئيس المجلس الأعلى لشؤون الطاقة، الذي يتمتع بنفوذ على قرارات المؤسسة، يفضّل الدبيبة الاستمرار في العمل مع مجلس الإدارة الحالي الذي يضم:
• أحمد عمار
• حسين سفر
• خليفة رجب عبد الصادق (وزير النفط والغاز الحالي)

تم تعيين هؤلاء الثلاثة عندما أصبح بن قدارة رئيساً للمؤسسة، في اتفاق تم التفاوض عليه بين إبراهيم الدبيبة (أحد أقارب رئيس الوزراء وذراعه اليمنى) وصدام حفتر (نجل خليفة حفتر)، برعاية أبو ظبي (AI، 21/10/22).

في الآونة الأخيرة، تمكنت جماعة حفتر من تأمين مناصب جديدة لأفرادها في الشركات التابعة للمؤسسة،
• محمد بشير الحمروني تم تعيينه رئيساً لشركة الواحة للنفط في منتصف مارس، وهي مشروع مشترك مع شركتي توتال إنرجيز الفرنسية وكونوكو فيليبس الأمريكية. وقد خلف فتحي بن زاهية الذي تم توقيفه في فبراير بأمر من النائب العام بتهمة الاحتيال بمبلغ 770 مليون دينار (حوالي 150 مليون يورو في ذلك الوقت) وفق الموقع وبن شتوان، أحد المقربين من صدام حفتر، احتفظ برئاسة AGOCO، لكنه توسع أيضاً ليصبح رئيس شركة مليتة للنفط والغاز في فبراير

خاص.. “الحاراتي” يصرح حول المخاطر التي أوضحتها بيانات المركزي والتي أدت إلى تخفيض قيمة الدينار الليبي وما يصاحبه من آثار

صرح المستشار القانوني “هشام الحاراتي” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية حيث قال: إن ما يحدث في ليبيا هو مثال صارخ على خيانة الأمانة، إذ تقوم أطراف فاسدة ممن أوكلت إليهم المسؤولية عن إدارة الدولة بالاستيلاء على أموال الشعب الليبي بطرق غير مشروعة ومخالفات إدارية، مما يشكل جريمة جنائية تمس حقوق المواطنين الليبيين وتعرضهم لمخاطر اقتصادية واجتماعية جمة.

مضيفاً: وفقاً للقانون الليبي فإن هذه الأفعال مجرمة جنائياً وموجبة للعقوبة، لذلك يجب أن يتحمل كل فرد شارك في هذا النهج الجائر المسئولية الجنائية أمام القضاء الليبي، ويجب على العدالة أن تأخذ مجراها بلا تهاون أو محاباة.

وعرج: إن جريمة النهب وخيانة الأمانة ليست مجرد أفعال فردية، بل هي جريمة منظمة تهدد استقرار الدولة وأمنها الاقتصادي والاجتماعي؛ فمن غير المقبول أن يتسلل الفساد إلى كل ركن في الدولة دون عقاب.

وأختتم قوله: فالقانون يجب أن يكون الحصن المنيع ضد هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الشعب، وعلى الشعب الليبي الضغط على السلطة القضائية لتأخذ دورها الذي رسمها لها القانون بما يضمن المحاسبة وعدم إفلات المجرمين من العقاب، ليتساوى الجميع أمام القانون وحتى لا تقتصر العدالة على من لا عائل له ولا نفود يحيل بينه وبين تحقيق المحاسبة كما هو واقعنا من سنوات للأسف.

“الزنتوتي”: بعد تخفيض الدينار اليوم إلى أين وهل هي النهاية!؟

كتب: المحلل المالي “خالد الزنتوتي” مقالاً

خرج علينا مصرفنا المركزي اليوم بقرار تخفيض سعر الصرف ب 13,3 % ( ولا أعلم لماذا الكسر فوق 13، أهو نتيجة حسابات دقيقة وفق نموذج تسعيري للسعر العادل للدينار ( أمل ذلك )، أم هو ضربة من الحظ السئ في إطار( تصيب او تخيب )، والحقيقة ربما يتجاوز الخفض ال 16% إذا ما اخذنا في الحسبان ارتفاع مبلغ الضريبة أيضا .

هذا القرار ومعطياته لا غرابة فيه وهو متوقع من المصرف المركزي حيث أن لا حلول غيره لديه في ظل تركة بائسة وواقع مرير ،،،وله العذر في ذلك ولعله بذلك يظهر الحقيقة كما هي، ولكن يظل السؤال الكبير، هل هذه هي النهاية، أم أن إلا نهائيات أخرى قادمة!؟

نأمل أن تكون هذه هي النهاية، ولكن البيانات والأرقام التي أشار إليها المركزي اليوم، لا توحي أبدا، بأنها النهاية للأسف!، فعندما يبلغ العجز في الإنفاق الدولاري حوالي 50%

وعندما يبلغ الدين العام 330 مليار دينار ويتجاوز ما نسبته 130% من الناتج المحلي ، وهو دين عام استهلاكي ينخره الفساد والمفسدين.

وعندما يكون نصيب الفرد من الدين العام Debt per capita حوالي 45 الف دينار والذي كان منذ اقل من سنتين 30 ألف دينار، وهذا يعني ارتفاعه سنويا بحوالي 25%,

وعندما يبلغ الإنفاق العام أرقام غير مسبوقة، وعندما تبلغ المرتبات 75 مليار، وعندما تمعن الحكومتان في انفاق استهلاكي مريب، وعندما وعندما، وعندما..! الخ.

وعندما يمعن المشرعين والتنفيذين في خلق الخلاف والاختلاف وتعزيز الانقسام بهدف الاستمرار في السلطة والصراع على المال المشاع وبايدي فاسدة مفسدة تدعمها القوة والمال الفاسد والتهريب وسوء الادارة والجهوية والمحاصصة، ولا أعمم،
فماذا تتوقعون وهل هي النهاية؟

للأسف، إذا ما استمررنا بهذا الحال، فستكون النهاية أم النهايات!؟، بعد هذا التخفيض الرسمي لسعر الدينار، سيستغل التجار هذه الحالة وسيرفعون أسعارهم بنسب أعلى بكثير من نسبة التخفيض ويستغلون الموقف لرفع أسعار سلعهم بنسب تتجاوز ال 25% أو أكثر، وسنرى!

سيتناسون أن اعتماداتهم كانت مفتوحة بالسعر السابق، بل أن مخازنهم مملؤة بالسلع ومنذ مدة وقد استعدوا لذلك حيت أنهم يعرفون مسبقا بأن التخفيض قادم!! أنا هنا لا اعمم، لربما كان هناك من هو صادق مع الله ومع نفسه!!

الحل لا يكمن فقط في توحيد الميزانية العامة، بل يذهب إلى أعمق من ذلك بكثير، يذهب إلى معالجة أسباب هذا الانفاق الاستهلاكي الغير معقول أبدا، يذهب إلى معالجة هذا الفساد وسوء الادارة والذي جعلنا الفاسدين الأشهر في العالم .

يذهب إلى معالجة انقسامنا الجهوي وحصتي وحصتك، يذهب إلى مراجعة هيكلنا الاقتصادي والإداري بعلمية وموضوعية ونخوة وطنية ليبية حتى بدون نخوة ( قومية )، ولا سبتمبرية ولا فبرايرية ولا، ولا، فكلنا أبناء ليبيا وليبيا هي الوطن والملاذ.

إذا ما توفرت الإرادة والصدق مع الله والوطن، فالحلول واضحة للعيان ويمكننا جميعا، أكرر، جميعا، أن نحل كل مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بس شوية نخوة،!وصدق عز من قائل، (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ [الرعد:11].صدق الله العظيم.

“الشائبي”: المصرف المركزي لا يستطيع وحده مواجهة التحديات القريبة.. وهذه الحلول بعد تعديل سعر الصرف

كتب الخبير المصرفي “عمران الشائبي” مقالاً عبر صفحته الرسمية تعليقاً على بيان محافظ مصرف ليبيا المركزي.

التحديات الاقتصادية الرئيسية

  1. الإنفاق المزدوج يعد من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الليبي في ظل الانقسام السياسي حيث بلغ إجمالي الإنفاق المزدوج للحكومتين 224 مليار دينار ليبي خلال عام، منها 123 مليار دينار من حكومة الوحدة الوطنية، و 59 مليار دينار من الحكومة الليبية، و42 مليار دينار من مبادلات النفط، هذا الوضع يعكس ضعف التنسيق بين الأطراف السياسية ويزيد من الضغوط المالية على الدولة.
  2. فجوة الإيرادات والنفقات حيث بلغت 136 مليار دينار فقط، مما يشير إلى فجوة تمويلية ضخمة مقارنة بحجم الإنفاق البالغ 36 مليار دولار، هذا الخلل خلق طلباً كبيراً على العملة الأجنبية، ما فاقم الضغط على الاحتياطيات النقدية وسعر الصرف.
  3. ضعف إيرادات النفط الموردة للمصرف المركزي بلغت 18.6 مليار دولار فقط، بينما المصروفات وصلت إلى 27 مليار دولار، مما أدى إلى فجوة بين العرض والطلب على الدولار تُقدر بحوالي 8.4 مليار دولار.

الآثار السلبية للوضع الحالي

  1. زيادة عرض النقود، حيث ارتفع إلى 178.1 مليار دينار نتيجة التوسع في الإنفاق المزدوج، ما يزيد من التضخم ويؤثر سلباً على القوة الشرائية للمواطنين.
  2. تزايد الضغط على سعر الصرف مما أدى إلى تراجع الثقة المحلية والدولية بالاقتصاد الليبي وزيادة معدلات التضخم.
  3. ارتفاع الدين العام حيث وصل إلى مستويات قياسية بلغت 270 مليار دينار، موزعاً بين: 84 مليار دينار لدى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس و 186 مليار دينار لدى المصرف المركزي في بنغازي.

مع استمرار الوضع الحالي، من المتوقع أن يصل الدين العام إلى 330 مليار دينار بنهاية 2025، خاصة في حال عدم إقرار ميزانية موحدة
الوضع في الربع الأول من 2025، بلغ إجمالي مصروفات الدولار 9.8 مليار دولار، موزعة على:
4.4 مليار دولار لاعتمادات وحوالات.
4.4 مليار دولار لبطاقات التجار والأغراض الشخصية.
مليار دولار للمصروفات الحكومية. هذا النمط من المصروفات يُظهر طلباً مرتفعاً على العملة الأجنبية، ما يزيد من الضغط على الاحتياطيات.

عجز الإيرادات النفطية حيث بلغت 5.2 مليار دولار فقط حتى 27 مارس، ما يعني عجزاً بقيمة 4.6 مليار دولار خلال الربع الأول من العام.

أهم العوامل المساهمة في الأزمة

  1. الانقسام الحكومي والمؤسسي أدى إلى غياب رؤية اقتصادية موحدة وقرارات متضاربة، مما زاد من تعقيد المشهد الاقتصادي.
  2. التهريب المستمر للسلع والمحروقات ساهم في زيادة الطلب على استيرادها، ما أدى إلى استنزاف العملة الصعبة.
  3. العمالة الوافدة والهجرة غير الشرعية تستنزف قرابة 7 مليارات دولار سنوياً، ما يعدّ عبئاً إضافياً على الاقتصاد.
  4. غسل الأموال وتمويل الإرهاب في السوق الموازي يضيف تحديات أمنية واقتصادية خطيرة، ويؤثر على استقرار النظام المالي.
  5. لا توجد أدوات نقدية للمصرف المركزي مثل سعر الفائدة لتحجيم التضخم وامتصاص بعضا من الكتلة النقدية.

ما الحل؟

  1. تعديل سعر الصرف بما يخلق توازنات في القطاعات الاقتصادية، مع مراعاة تأثير ذلك على مستويات التضخم.
  2. استخدام جزء من الاحتياطيات لفترة محدودة قد يساعد في الحفاظ على استقرار سعر الصرف، ولكن يجب أن يتم ذلك بحذر لتجنب استنزافها.
  3. الدعوة لتوحيد السلطات التشريعية والتنفيذية لإنهاء الانقسام السياسي والمؤسسي، مما يساهم في تحسين إدارة الموارد المالية.
  4. تطوير رؤية اقتصادية قصيرة الأجل تتضمن إقرار ميزانية موحدة لضبط الإنفاق العام وإعادة التوازن المالي.
  5. مناشدة الجهات القضائية ووزارة الداخلية لاتخاذ إجراءات صارمة ورادعة ضد تهريب السلع والمضاربة بالعملات.

الحقيقة المرة التي لا يتكلم عنها احد هي ان دولة ليبيا تعتبر منقسمة منذ 15 سنة رغم المجاملات والكذب بأن الدولة موحدة (الاسم العلم والنشيد فقط) ولا يمكن للوضع ان يستمر عام آخر ولن يستطيع المصرف المركزي وحده بمواجهة التحديات القريبة.

الحقيقة المرة هي أننا أصبحنا أقرب للكوريتين الشمالية والجنوبية اللتان تشتركان في الاسم ولكل منهما سلطة وجيش ومؤسسات مالية وفنية وحكم خاصة بها. يجب علينا ترك المجاملة واللعب بالعواطف واتخاذ قرارات ربما تكون لصالح الدولة إذا استقرينا على توحيد حقيقي لمكونات الدولة أو مأسوية في المستقبل إذا استمرينا في الانقسام الذي سيكون مصيره المواجهة الدموية التي لا يريدها أحد.